استمع إلى الملخص
- يعبر غسان الخطيب عن قلقه من إغلاق المؤسسات التعليمية والصحية التابعة لأونروا، مما يهدد مستقبل الطلاب ويترك اللاجئين دون خدمات، مطالبًا بتدخل دولي.
- يوضح المستشار القانوني مدحت ديبة أن حظر أونروا يهدف إلى فرض السيطرة الإسرائيلية على القدس، معتبراً الإجراءات انتهاكًا لحقوق اللاجئين وامتيازات الأمم المتحدة.
في خطوة نحو التطبيق العملي لقرار الكنيست الإسرائيلي بحظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أغلقت قوات الاحتلال اليوم الثلاثاء، مدرسة ذكور القدس الأساسية التابعة للوكالة في حي وادي الجوز بالقدس، وأرغمت طواقمها على إغلاق أبوابها بعد إخلائها من الطلاب، كما اقتحمت مدرستين في بلدتي سلوان، وصور باهر، إضافة إلى اقتحام معهد التعليم المهني التابع للوكالة في مخيّم قلنديا خلال وجود 350 طالباً و70 موظفاً.
وكان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أصدر أمس الاثنين، أمراً بالتطبيق الفوري للقوانين المتعلقة بحظر أونروا والتي صدرت في 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2024. وينص القرار على حظر نشاط وكالة "أونروا" داخل "المناطق الخاضعة للسيادة الإسرائيلية" وذلك يشمل عمل المكاتب وجميع الخدمات، كما يحظر القرار إجراء أيّ اتصالٍ مع الوكالة.
ويقول عضو الهيئة التنظيمية في مخيّم قلنديا، غسان الخطيب لـ"العربي الجديد"، إن قوات الاحتلال اقتحمت المعهد وأبلغت إدارته بقرار إغلاقه من أجل مصادرة الأرض المقام عليها المعهد الذي يعتبر الوجهة الأساسية لطلبة مخيّمي قلنديا وشعفاط بعد تخرجهم من المراحل المدرسية. وبحسب الخطيب، فإن "المعهد يقدم خدمات مجانية، وهو حق لنا في التعليم، فأبناؤنا جميعهم ينتظرون مستقبلهم هنا. أما الآن، فالطلاب الذين كانوا يكملون دراستهم وتخرجهم لم يعد لديهم مستقبل واضح، فأين يمكنهم الذهاب؟ ليس لدينا أي مكان بديل لهم".
ويشير الخطيب إلى أن المعهد قبل بدء الحرب على قطاع غزة كان يضمّ سنوياً قرابة 1500 طالب، وأسس عام 1952 بعد أن استأجرته الوكالة من الحكومة الأردنية. ويطالب لاجئو المخيّم بأن تتدخل المملكة الأردنية لإثبات ملكيّتهم للأرض، ومن أجل وقف تغوّل الاحتلال في السيطرة عليه لإقامة تجمّع مدارس وحدائق إسرائيلية بدلًا منه، وفق ما أشار إليه الخطيب الذي أوضح أنهم تواصلوا مع وكالة أونروا، لكن من يشارك نيابة عن الوكالة من الموظّفين في الاجتماعات مع لجان المخيّمات لا يملك قراراً، ولا يتخذ إجراءات عملية، ويعتمد في مواقفه على ردّ فعل المخيمات واللاجئين.
واستعرض الخطيب تخوّف المقدسيين اللاجئين، تحديداً في مخيّم قلنديا، من إغلاق المؤسسات الأخرى التابعة للوكالة في المخيم، وهي مدرسة للبنين، وأخرى للبنات، ومركز طبي (عيادة الوكالة)، ما يعني ترك 24 ألف لاجئ في المخيّم دون الحقوق الطبيعية والخدمات الأساسية الصحية والتعليمية. ويقول الخطيب: "إذا تم إغلاق العيادة، فهناك المئات من المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة ويتلقون علاجهم وأدويتهم من عيادة الوكالة وهذا سيشكل خطراً على حياتهم. أما إغلاق المدارس، فسيؤدي إلى أزمة تعليمية، خاصّة في المرحلتين الابتدائية والإعدادية".
ويلفت الخطيب إلى أنهم لا يطالبون بإيجاد بديل عن مؤسسات أونروا، قائلًا: "لا نريد القبول بالأمر الواقع ومساعدة الاحتلال في تحقيق أهدافه. نحن نرفض ذلك تماماً، ونطالب بالحفاظ على المؤسسات القائمة حالياً وعدم إيقاف أونروا". ويطالب الخطيب، القيادة الفلسطينية بالتحرك والعمل على عقد مؤتمر في الأمم المتحدة والمطالبة بطرد إسرائيل من منظّماتها المعنيّة والدولية، لأنها تلتزم بالقرارات الدولية التي كفلت حقوق اللاجئين.
بدوره، يوضح المستشار القانوني لمحافظ القدس، مدحت ديبة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن البدء بتنفيذ قرار حظر وكالة أونروا يعني أن الوكالة أصبحت خارج نطاق القانون، تماماً كما يتم اعتبار حركتي حماس والجهاد الإسلامي خارجتين عن القانون، علماً أنها تأسست عام 1949 بهدف تحمل العبء عن الاحتلال من خلال تقديم الخدمات للاجئين، مثل الرعاية الصحية والتعليم، والاحتلال يعرقل أعمال الوكالة.
ويعني قرار الحظر أيضاً وفق ديبة، أن سلطات الاحتلال تنفذ قوانينها على الأراضي التي تسيطر عليها بما في ذلك القدس الشرقية، ما يعني منع الوكالة من إدارة المدارس والمراكز الطبية، ومنعها حتى من جمع النفايات من داخل مخيمات اللاجئين بالقدس وضواحيها، إضافة إلى حرمان موظفي أونروا من الامتيازات التي يحصلون عليها. وهذا القرار يؤثر على نحو 100 ألف شخص يعتمدون على خدمات الوكالة في القدس، ولا سيّما أن لها مراكز عريقة مثل عيادة الزاوية في منطقة باب الساهرة، والتي تقدم الخدمات الصحية للاجئين، بالإضافة للمقدسيين الذين لا يملكون الحق في التأمين الصحي.
ويشير ديبة الذي يسكن مخيّم شعفاط، إلى أن اللاجئين في القدس يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الغذائية التي تقدمها أونروا، إلى جانب الخدمات الصحية والدور الحيوي الذي تلعبه في مجالات الصرف الصحي وإدارة النفايات، لا سيما أن بلدية الاحتلال لا تقدم أي خدمات للاجئين الفلسطينيين هناك، مما يعني أن المخيمات أصبحت عرضة لتفشي الأوبئة والأمراض.
وتهدف سلطات الاحتلال إلى تنفيذ ثلاثة أهداف من قرار حظر أونروا، وهي: "فرض السيطرة الفعلية وبسط السيادة الإسرائيلية على ضواحي القدس، ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية من خلال تقييد دور اللاجئين، وتطبيق القوانين المدنية الإسرائيلية على المناطق التي تخضع حالياً للقانون الدولي الإنساني للأمم المتحدة"، وهذا يعني أننا قد نشهد تطبيق الضرائب الإسرائيلية، مثل ضريبة "الأرنونا" (ضريبة رسوم الأملاك)، على المخيمات في القدس، بحسب ديبة.
ويشير ديبة إلى أن الهجمة التي شهدتها مدارس الوكالة في القدس، ليست الأولى، وتأتي بالتزامن مع محاولات استهداف المناهج الدراسية في المدينة المقدسة. وفي أعقاب ذلك كله، أصدرت وكالة أونروا بيانًا قالت فيه إنها ستواصل تقديم خدماتها رغم عمليات الاقتحام التي نفذتها قوات الاحتلال في مدارس ومؤسسات تعليمية بالقدس، معتبرة أن ما جرى من اقتحامات إسرائيلية هو انتهاك غير مقبول لامتيازات وحصانات الأمم المتحدة، كما أنه يشكل حرماناً من حق التعليم للأطفال والمتدربين.