استمع إلى الملخص
- تعرضت قرية عرب العرامشة لهجمات بطائرات مسيّرة من حزب الله، بينما زعمت إسرائيل العثور على أسلحة في قرية المطمورة، مما زاد التوترات على الحدود.
- انتقدت سريت زهافي الجيش اللبناني لعدم منعه عودة حزب الله، بينما أكد الجيش اللبناني التزامه بتعزيز الانتشار في الجنوب بالتنسيق مع اليونيفيل.
على الرغم من كونها أراضي لبنانية، والوجود العسكري الإسرائيلي فيها احتلال، امتعضت إسرائيل، أمس واليوم من عودة اللبنانيين إلى قراهم في الجنوب، وكأن لها الحق في ذلك، إذ ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في هذا الإطار أنه "كان من الصعب" تجاهل صيحات الاستهجان التي أطلقها لبنانيون عادوا إلى قراهم، خصوصاً بلدة المطمورة المحاذية لقرية عرب العرامشة، وكيبوتس "أدميت"، في الجليل الغربي.
قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي كانت قد غادرت المطمورة "بالفعل" في 11 يناير/كانون الثاني، كما تذكر الصحيفة، مشيرةً إلى أن الجيش اللبناني كان من المفترض أن ينتشر عقب ذلك "ليتأكد من عدم عودة السكان اللبنانيين إلى قريتهم"، ولكن جولة واحدة على الحدود، أجراها موفدها، كانت كفيلة، على حد زعمه، "بكشف عدم وجود الجيش اللبناني هناك"، فيما على الجانب الإسرائيلي الآخر، "كانت قوات إسرائيلية قلقة للغاية تراقب ما يحدث تخوّفاً من إطلاق صواريخ مضادة للدروع، وهو ما كان سيغيّر الواقع ويجدد القتال مع حزب الله".
هذه الادعاءات المضلّلة نفاها الجيش اللبناني، متهماً إسرائيل بالمماطلة في الانسحاب من جنوب لبنان وتأخير انتشاره وعرقلته؛ فلم يكتفِ جيش الاحتلال باستهداف المدنيين اللبنانيين وقتل 24 منهم، فضلاً عن إصابة أكثر من مئة، بل أطلق النار على جنود الجيش اللبناني أنفسهم، ما أدى إلى استشهاد المعاون أوّل، محمد يوسف زهور.
في السنة الماضية، بقي جزء كبير من سكان قرية عرب العرامشة في منازلهم، فيما تعرضت القرية لهجمات بطائرات مسيّرة أطلقها حزب الله على مواقع ينتشر فيها الجيش الإسرائيلي. أحد سكان القرية وهو راعٍ كان على الحدود لمتابعة ما يحدث على الجانب الآخر، سألته الصحيفة عن كميات الأسلحة التي عثر عليها جيش الاحتلال في المطمورة، فشكك في ذلك، قائلاً: "لا أعرف ما الذي وجدوه وماذا يقولون، لم أرَ أي شيء".
موفد الصحيفة الذي كان في الأشهر الثلاثة الماضية في قرية المطمورة، رد على الراعي بالقول إن "ناشطي حزب الله عادوا للتجول هناك"، ولكن أحد سكان عرب العرامشة قاطعه بأن هذه قريتهم ولا يمكن فعل شيء، ليذكرهم بأن ثلاثة مقاتلين تسللوا من المطمورة وقتلوا ثلاثة جنودٍ إسرائيليين، بينهم نائب قائد اللواء 300، عليم سعد.
وفي السياق، زعم قائد اللواء 646، إلعاد شوشان، أنهم رأوا "في مناطق القتال مقرات أنشأها حزب الله في المطمورة على بعد 50 متراً من الحدود، وفتحات آبار ثبتت فيها عبوات". ويتابع: "عثرنا على كميات من الأسلحة لا يمكن تصوّرها؛ كان بإمكان مقاتلي حزب الله الوصول إلى جميع المناطق الحدودية بملابس مدينة - كأي شخص آخر- وفي غضون دقائق قليلة يمكنهم الانطلاق واختراق الحدود". وكما يزعم، فإن جميع منازل القرية تقريباً "كانت تحتوي على أسلحة، ولذلك دمّرها الجيش الإسرائيلي، قبل انسحابه وتسليمها للجيش اللبناني".
وعلى الرغم من أن جيش الاحتلال قتل أمس 22 لبنانياً، وجرح أكثر من مئة، بينهم أطفال ونساء، ويواصل حتّى الساعة إطلاق نيرانه على اللبنانيين العزّل، عدّت الصحيفة أن مقاطع الفيديو التي وثّقت وصول اللبنانيين إلى قراهم من الناقورة إلى مزارع شبعا، الذين "استفزوا القوات الإسرائيلية"، على حد تعبيرها، تثير "القلق في أوساط الجيش الإسرائيلي"، والمستوطنين في الشمال، بزعم أن "حزب الله عاد يسيطر على الحيز الجنوبي".
في غضون ذلك، نقلت الصحيفة عن سريت زهافي، مؤسسة ورئيسة معهد "علما" لدراسات التحديات الأمنية في الشمال، زعمها أن "الجيش اللبناني لا يقوم بأي شيء لمنع عودة حزب الله إلى المنطقة". وتقاطع ما تقدم مع ما قاله إيتان دفيدي، رئيس لجنة مستوطنة مرغليوت في الجليل الأعلى الذي بحسبه "ما خشيناه بالضبط يحصل الآن".
وبالنسبة إلى عودة مستوطني الشمال، المُخلَين حتّى اليوم من بيوتهم، اعتبر موشيه دافيدوفيتش رئيس المجلس الإقليمي، ماطيه آشر، ورئيس منتدى خط المواجهة، أنه "لا يمكننا تحمل الثغرات الأمنية والدفاعية القائمة، وبالتأكيد لا يمكن إعادة سكان الشمال في ظل ذلك. لا ينبغي علينا ترك المكان مكشوفاً".
وبالعودة إلى زهافي، فقد رأت أن "من الواضح الآن أن الجيش اللبناني لا يقوم بدوره، فهو لا يفشل في الانتشار في الأماكن التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي فحسب، بل إنه لا ينزع سلاح حزب الله أيضاً". وبحسبها "حزب الله يقدم نفسه حامياً للبنان، بينما في الواقع يقوّض السيادة اللبنانية، مرسلاً رسائل مفادها بأنه ما زلنا هنا".
ورداً على هذا التضليل الذي يُراد منه تبرير إطالة الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، أكّد الجيش اللبناني أنه يواصل "تطبيق خطة عمليات تعزيز الانتشار في منطقة جنوب الليطاني... منذ اليوم الأول لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وفق مراحل متتالية ومحددة"، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على تطبيقه، وقوة اليونيفيل. وأوضح في بيان له أنه "حدث تأخير في عدد من المراحل نتيجة المماطلة في الانسحاب من جانب العدو الإسرائيلي، ما يعقّد مهمة انتشار الجيش".
إلى ذلك، ينظر مستوطنو الشمال إلى اتفاق وقف إطلاق النار المؤسس على قرار 1701 منذ عام 2006، باعتباره "كارثة" كما يدعي دافيدي، مطالباً إسرائيل بـ"عدم الانسحاب من النقاط الاستراتيجية المهمة التي توفر الأمن لسكان الشمال. وإذا كان الأمر لا يعجبهم (حزب الله)، فلنعد إلى القتال". وبحسبه "في التجارة يخسر التجار أمولاً أو يربحون، وفي الحرب يخسرون أراضي أو يسيطرون عليها. وعلى حزب الله أن يستوعب أنه خسر أراضي في هذه الحرب. وإذا لم نأخذ أراضيهم بالفعل، فلن يفهموا أنهم خسروا".
إلى ذلك، لفتت الصحيفة إلى أن الجيش يواصل الحفاظ على الجاهزية، مشدداً على إظهار استعداداته أيضاً في الأيام القريبة تطبيقاً لتعليمات المستوى السياسي؛ وهو بحسبها "لا يخطط قريباً لترك القرى" التي لا يزال يحتلها. وكما زعمت زهافي، فإن "حزب الله معنيّ بخلق احتكاكات حتى يضطر السكان اللبنانيون إلى مواجهة الجيش"، باعتبار هذه الطريقة "وقوده الكلاسيكي: المواطنون اللبنانيون يرغبون في العودة إلى أراضيهم وهم بحاجة إلى الحماية".