"الاتحاد الاشتراكي" المغربي يواجه امتحان تجديد القيادة

17 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 16:06 (توقيت القدس)
إدريس لشكر خلال لقاء مع رئيس الوزراء الإسباني في الرباط، ديسمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعقد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مؤتمره الثاني عشر في بوزنيقة، بهدف إعادة تحديد موقعه السياسي استعداداً لانتخابات 2026، مع التركيز على تعزيز حضوره الوطني.
- يشهد المؤتمر نقاشات حول القيادة، بين دعم إدريس لشكر لولاية رابعة وترشح صلاح الدين المانوزي، الذي يسعى لجعل الحزب قوة تقدمية تعبر عن تطلعات الأجيال الجديدة.
- يُنتقد الحزب لابتعاده عن دوره الجماهيري، مع التركيز على الأعيان، مما يعكس تحديات في استعادة هويته وانحيازه للمطالب الشعبية.

يدخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض في المغرب منعطفاً مفصلياً في تاريخه السياسي، مع انطلاق مؤتمره الـ12 المرتقب مساء اليوم الجمعة في مدينة بوزنيقة (جنوب العاصمة الرباط)، في ظل سياق سياسي استثنائي، تتقاطع فيه الاعتبارات التنظيمية مع رهانات التموضع السياسي، استعداداً للسباق الانتخابي عام 2026.

ويُعتبر هذا المؤتمر، الثاني عشر من نوعه منذ تأسيس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في عام 1975، محطة هامة، لجهة أن مخرجاته ستكون حاسمة في رسم مستقبل الحزب، في ظل وجود أصوات تنادي بـ"القطع مع الوضع الحالي وجعل المؤتمر المقبل نقطة انطلاقة جديدة". ويُنتظر أن يعرف المؤتمر، الذي ينظم تحت شعار "مغرب صاعد: اقتصادياً… اجتماعياً… مؤسساتياً"، أيام 17، 18، و19 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، مناقشة التقارير التنظيمية والسياسية، وانتخاب الكاتب الأول للحزب وأعضاء المجلس الوطني للحزب، في أفق تأكيد استمرارية البناء التنظيمي والسياسي، وتقوية حضور الحزب في المشهد السياسي الوطني، وفق بيان للحزب.

وينعقد المؤتمر بعد عقد قيادة الاتحاد الاشتراكي، خلال الأسابيع الماضية، سلسلة من المؤتمرات الإقليمية المتتالية، شكلت مناسبة لفتح النقاش حول مستقبل الحزب المصطف في صفوف المعارضة الحكومية. وبينما يُنتظر أن يحسم المجلس الوطني للحزب واللجنة التحضيرية للمؤتمر، اليوم، في مسودة الأوراق والتعديلات التي جرى التوصل إليها من الاتحاديين إقليمياً وجهوياً، قبل إحالتها على المؤتمر الذي يفتتح مساء الجمعة، تُطرح أسئلة عدة بشأن ما سيسفر عنه المؤتمر بخصوص هوية الكاتب الأول المقبل.

وفي الوقت الذي يرى فيه قياديون في الحزب أن الكاتب الأول الحالي إدريس لشكر "رجل المرحلة" ويؤيدون انتدابه لولاية رابعة بعد تعديل النظام الأساسي للحزب تحقيقاً لـ"المصلحة العليا للحزب"، فإن أصواتاً أخرى ترفع مطلب ضرورة تجديد منصب الكاتب الأول لاستعادة الحزب وهجه وبريقه الذي خفت منذ تجربة ما يُعرف في المغرب بالتناوب التوافقي في عهد الملك الحسن الثاني، والكاتب الأول عبد الرحمن اليوسفي. وبينما يلتزم الكاتب الأول الحالي الصمت بخصوص نيته الترشح لولاية رابعة إلى حدود صباح الجمعة، مفضلاً أن تفصل اللجنة التحضيرية والمجلس الوطني خلال الساعات المقبلة في مقترح الولاية الرابعة التي تمهد له الطريق الاحتفاظ بمنصبه، كان لافتاً إعلان عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي (برلمان الحزب) صلاح الدين المانوزي، ترشحه لسباق منصب الكاتب الأول بناءً على "التزام سياسي وأخلاقي"، و"رغبة عميقة في أن يستعيد الاتحاد الاشتراكي بريقه التاريخي، لا كحزب للماضي، بل كقوة تقدمية مستقبلية، تعبر عن تطلعات أجيال جديدة، وتخوض معركة الكرامة والديمقراطية بوعي جماعي، ورؤية مسؤولة، دون التنكر لعطاءات قادته ومناضليه".

وتعليقاً على الجدل المثار حول القيادة المقبلة لحزب الاتحاد الاشتراكي، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، عبد الحفيظ اليونسي، لـ"العربي الجديد":" نظرياً، المؤتمر سيد نفسه في اختيار من يرأس الحزب، لكن المؤتمر 12، وفق السياق السياسي المغربي والأدوار التي أصبح يلعبها في العشر سنوات الأخيرة، جعلت منه حزباً وظيفياً وليس حزباً سياسياً جماهيرياً، بدليل أن أبرز الوجوه التاريخية للحزب ونخبه الجديدة ابتعدت عن الحضور في مؤسسات الحزب، وأصبح حضور الحزب في البرلمان والجماعات الترابية بفضل الأعيان وليس المناضلين".

ورأى اليونسي أن "من المؤشرات التي تؤكد أن المؤتمر سيعيد انتخاب شكر لولاية رابعة، هو إشرافه على المؤتمرات الإقليمية التي جرى التحكم في مخرجاتها، وتم حشد الحضور كما تقوم به الأحزاب التي كان يسميها الحزب نفسه بالإدارية". وأضاف: "مع الأسف، المغرب بحاجة ماسة إلى هذا الحزب الوطني الكبير بهويته المغربية وانحيازه للمطالب الشعبية، لكن الواقع يؤكد أن المؤتمر هو مجرد محطة انتخابية بدون رهانات ولا نقاشات سياسية أو فكرية كما كان عليه الحال في زمن مضى".

من جهتها، رأت الباحثة في العلوم السياسية، شريفة لموير، أن "واقع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليوم لا يظهر أي تغيير، إذ ينعقد المؤتمر 12 تحت سيناريو معروف لمؤتمره الأخير السابق، والنتيجة تعيين إدريس لشكر كاتباً أولاً للحزب". واعتبرت لموير، في حديث مع "العربي الجديد"، أن المؤتمر هو "استمرارية لما يعيشه الحزب الذي أصبح حزب عائلات، لا حزب القوات الشعبية، في ظل الإقصاء الممنهج واستبعاد الأصوات المعارضة، وأيضاً تحيين القوانين الداخلية من أجل الظفر بولاية رابعة. إجمالاً، يمكن القول إنه لا تغيير في قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي".