الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على مقربين من بوتين بسبب نافالني وليبيا

الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على مقربين من بوتين إثر ملفي نافالني وليبيا

15 أكتوبر 2020
الكرملين لم يعطِ "أي تفسير ذي مصداقية" للأوروبيين بخصوص نافالني (Getty)
+ الخط -

فرض الاتحاد الأوروبي، الخميس، عقوبات على مقرّبين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بينهم شخص يعرف بأنه طباخه، على خلفية عملية تسميم زعيم المعارضة أليكسي نافالني، وتدخل موسكو في الحرب الليبية.

وأفاد الاتحاد الأوروبي بأنّ يفغيني بريغوجين الذي يطلق عليه لقب "طباخ بوتين"، نظرا إلى أن شركة المطاعم التي يديرها عملت لحساب الكرملين، يقوّض السلم في ليبيا عبر دعمه شركة "فاغنر" الخاصة التي تقوم بأنشطة عسكرية.

وكانت باريس وبرلين قد أعلنتا، الأسبوع الماضي، أنهما تعتزمان فرض عقوبات على أشخاص "بحسب مناصبهم الرسمية"، وعلى كيان "ضالع في برنامج نوفيتشوك".

وكانت فرنسا وألمانيا قد طالبتا روسيا مراراً بالتحقيق في عملية التسميم التي وقعت على الأراضي الروسية، لكن وفي بيان مشترك، قال وزيرا الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان والألماني هايكو ماس إن الكرملين لم يعطِ "أي تفسير ذي مصداقية".

وتأتي خطوة معاقبة روسيا غداة إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية العثور في عيّنات أخذت من نافالني على مادة شبيهة بـ"نوفيتشوك"، وهي مادة سامة للأعصاب صممها متخصصون سوفييت لأغراض عسكرية.

بريطانيا تنضم للعقوبات

إلى ذلك، أعلنت الحكومة البريطانية، الخميس، أنها ستطبق العقوبات.

وأفاد بيان لوزارة الخارجية البريطانية أن لندن "ستطبق العقوبات التي أعلنها الاتحاد الأوروبي ضد ستة أفراد وكيان على صلة بتسميم ومحاولة قتل السيد نافالني بموجب نظام الاتحاد الأوروبي بشأن العقوبات (على استخدام) الأسلحة الكيميائية". 

روسيا تحذر

في المقابل، حذّرت روسيا الخميس من أن الاتحاد الأوروبي أضر بعلاقاته مع موسكو بفرضه عقوبات على مقرّبين من بوتين.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين إن "الاتحاد الأوروبي أضر عبر هذه الخطوة بالعلاقات مع بلادنا"، واصفا إجراءات التكتل بأنها "خطوة غير ودية" من جهة الاتحاد الأوروبي، ومتعهدا بأن روسيا سترد.

كما أشار إلى أن الخطوة غير منطقية، وأعرب عن أسفه حيال قرار "يضع العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وموسكو على المحك من أجل شخص تعتقد أوروبا أنه زعيم معارضة ما".

وبشأن العقوبات الأوروبية الجديدة، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي راينهارد فيزر، في حديث لصحيفة "دي تسايت" الألمانية، أنّ "هناك إجراءات أخرى يمكن العمل عليها الآن، وبسهولة يمكن تضييق نطاق مجموعة الأشخاص المشتبه بهم المسؤولين عن عملية تسميم نافالني، وعلى الأقل إذا ما افترض المرء أنّ الدولة الروسية لا تزال تسيطر على مختبرات الأسلحة الكيميائية الخاصة بها".

وشدد فيزر على أنه لو فرضت العقوبات على بوتين شخصياً فـ"سيكون ذلك بمثابة النهاية الفعلية لأي حوار جاد مع روسيا"، مؤكداً "ضرورة التمييز بينه وبين الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الذي فرض عليه الاتحاد أخيراً عقوبات شخصية، ولا يعود ذلك للاختلاف بينهما في المسائل المبدئية، بل لحجم البلاد ووزنها السياسي". 

وأضاف أنه "في حالة موسكو هناك احتمالات أيضاً للعمل بما يتجاوز الإجراءات الرمزية البحتة ضد الأفراد، ولا يزال من الممكن إيقاف العمل بخط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2"، وهي أداة يمكن بواسطتها تأجيل منح بوتين ثقلاً في أوروبا في ما يتعلق بسياسة الطاقة والأمن، وإذا ما تم سحبها منه فتكون تمت مواجهته مباشرة".

ماذا عن "نورد ستريم 2

وفي ما يتعلق بهذا الخط، شكك الخبير الاقتصادي الأميركي الملم بملفات العقوبات، غاري هوفباور من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، في إمكانية أن يحدث تجميد العمل بمشروع مد أنابيب الغاز تغييراً في المواقف، ومن وجهة نظره "يمكن أن يؤثر الأمر على الشركات الفردية أو أشخاص بعينهم، ولكن ليس على بوتين وزملائه"، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام ألمانية. 

هذا المعطى يؤيده وزير الاقتصاد الاتحادي الألماني بيتر التماير، الذي قال أخيراً لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية، إنه "من الصعب التشكيك دائماً وكل بضعة أشهر في المشاريع التي صممت لتستمر عدة عقود، وإلا فلن يكون المستثمرون من القطاع الخاص على استعداد للالتزام"، رغم إدانته لمحاولة اغتيال نافالني. 

ولفت التماير إلى أنّ "الغاز ليس مخصصاً لألمانيا فقط، ولكن للعديد من دول الاتحاد الأوروبي". 

أما وزير المالية الألماني أولاف شولز فقال إنّ "المشروع خاص بالطاقة وليس مشروعاً حكومياً، وتجميد خط الأنابيب غير وارد".

ويوجد في ألمانيا من يعتبر أنّ المستشارة أنجيلا ميركل ارتكبت أسوأ خطأ لها في السياسة الخارجية بتوقيعها عقد "نورد ستريم 2" بعد عام واحد فقط من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.

وفي غضون ذلك، يتزايد الامتعاض من روسيا في أوروبا، مع المطالبات بإعادة التفكير بشكل جوهري في أساس العلاقات وسياسة العقوبات مع الأخيرة، بعد أن عمدت موسكو، وخلال السنوات الماضية، إلى تقديم الدعم المباشر لنظام بشار الأسد في حربه ضد الشعب السوري، إضافة إلى الحرب في أوكرانيا، وعدم تنفيذ اتفاق مينسك للسلام الخاص بأوكرانيا، وصولاً إلى هجوم القرصنة على "البوندستاغ" (البرلمان الألماني)، وبالتالي عدم الاكتفاء فقط بزيادة أسماء إضافية إلى قائمة العقوبات.

أي تأثير للعقوبات؟

من جهة ثانية، اعتبرت الباحثة في العلوم السياسية ساشا لومان، في حديث لـ"دي تسايت" الألمانية، أنّ "من يرد فرض عقوبات يلجأ إلى خيارين أساسيين: التدخل في الشؤون المالية أو في التجارة، والإجراء الأول هو الأكثر فعالية، وتبقى الرغبة عادة في إحداث تغيير في السلوك، والفكرة أنّ الضرر الاقتصادي والمالي يؤدي إلى تنازلات في السياسة"، مضيفة: "عدا عن أنها كانت إشارة من الاتحاد الأوروبي، ومفادها بأنه ينتهج سياسة مشتركة، والعقوبات تصل إلى أقصى فعاليتها إذا ما حققت هدفها وأسقطت أنظمة استبدادية".

وشددت لومان على أن "العقوبات يجب أن تستتبع بضغط دبلوماسي وسياسي، كما حصل في الفترة التي سبقت الاتفاق النووي الإيراني لإحداث تغييرات في سلوك الأنظمة المعنية، والعقوبات ليست سوى أحد العناصر، ويمكن أن تشكل إشارة، لكن أي شخص يأمل أن تغيّر الحكومة الروسية سياستها بسبب الضغط الاقتصادي، من المرجح أنه يبالغ في تقدير تأثير العقوبات". 

وأضافت أنّ "العقوبات تولد تكاليف وآثاراً جانبية، ليس فقط على البلد المستهدف، لكن على من يفرض العقوبات، وبالتالي فإن الأخيرة سيف ذو حدين، وعادة ما ينتظر الطرف الآخر للرد بعقوبات موازية، وهو ما هدد به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاتحاد الأوروبي". 

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "دي تسايت" أنه "من غير المرجح، في حال تعاملت روسيا بالمثل مع العقوبات الجديدة، أن يكون لقرارها أي آثار وخيمة على الاقتصاد الألماني، ففي العام 2019 خسر 0,5% فقط من الصادرات إلى روسيا".

يشار إلى أنّ العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا منذ العام 2014 لا تزال تثير الكثير من الجدل، لأنها لم تحقق هدفها باسترداد شبه جزيرة القرم، علماً أنها شملت حظر تصدير البضائع والسلع والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية، فيما ردت روسيا وأوقفت استيراد المواد الغذائية من الاتحاد الأوروبي.

المساهمون