الائتلاف الحاكم في العراق يقرر خفض التصعيد منعاً لأي عدوان إسرائيلي
استمع إلى الملخص
- نقلت بغداد رسائل دولية تؤكد عدم رغبتها في التصعيد الإقليمي، وسط تحذيرات أميركية من ضربة إسرائيلية محتملة، واتخذت خطوات احترازية مثل التخلي عن المختطفة الإسرائيلية.
- أدرجت الولايات المتحدة أربع فصائل عراقية موالية لإيران في لائحة الإرهاب، مما أثار تحذيرات من مواجهة محتملة مع الفصائل المسلحة في ظل تهديدات إسرائيلية.
قرر الائتلاف الحاكم في العراق "الإطار التنسيقي"، الذي يجمع القوى العربية الشيعية، وقف أي تصعيد ضد واشنطن والوجود الأميركي في البلاد، بالتزامن مع مرور شهرين كاملين على اختفاء التصريحات والبيانات التهديدية للفصائل المسلحة في العراق تجاه الولايات المتحدة. في وقت تستعد البلاد لإجراء الانتخابات التشريعية العامة بنسختها السادسة منذ الغزو الأميركي عام 2003، والمقررة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
ووفق مصادر صحافية وأمنية، نقلت عنها وسائل إعلام عراقية محلية، فقد تلقت الحكومة العراقية في بغداد، رسائل تحذير أميركية وصلت للعراق، تفيد بضرورة تجنّب ضربة إسرائيلية تستهدف مكاتب لحركة حماس، وجماعة الحوثي الموجودة في بغداد، إلى جانب فصائل محلية مسلحة. التحذير الأميركي، وفقاً لصحيفة "المدى"، العراقية، جاء خلال لقاء القائم بالأعمال الأميركي في بغداد جوشوا هاريس، مع نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، والقيادي بالتحالف الحاكم "الإطار التنسيقي". ووفق المعلومات، فإن "رسائل خطيرة وصلت إلى زعامات سياسية وشيعية تحذّر من هجوم إسرائيلي وشيك على العراق".
وتواصل "العربي الجديد"، مع ثلاثة مصادر من أحزاب تحالف "الإطار التنسيقي"، أحدهم عضو بارز في فصيل مسلح، وقالوا إن "قرارا سياسيا بالإجماع تم اتخاذه من قادة الإطار التنسيقي، بشأن خفض التصعيد لتجنيب البلاد أي عدوان إسرائيلي". وتحدث أحد المصادر عما قال إنه "انضباط لفصائل المقاومة الإسلامية، حيال التوجه الحالي لقوى الإطار التنسيقي"، على حد قوله. ووفقا للمصادر ذاتها، فإن العراق أبلغ دولا أوروبية، بأن أي اعتداء من الاحتلال الإسرائيلي على العراق، سيؤدي لارتدادات أمنية كبيرة جديدة على المنطقة، وأن عليها العمل على منع ذلك.
وجرى في هذا الإطار نقل رسائل عدة من بغداد لأطراف دولية تؤكد أن العراق لن يكون جزءا من أي تصعيد للأوضاع في الإقليم، لكن بالوقت ذاته فإن الجو السياسي العام في بغداد، لا يثق بأي تعهدات أميركية أو غربية في ما يتعلق بما قد يقدم عليه الاحتلال الإسرائيلي، وزادت توقعات الضربة الإسرائيلية على العراق بعد استهداف الوفد التفاوضي لحركة حماس في الدوحة، مؤكدة أن التخلي عن المختطفة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف كان ضمن مساع عراقية لتجنب أي عدوان إسرائيلي على العراق، وكان هناك تجاوب من الفصائل في هذا الإطار.
وخلال الشهرين الماضيين، تلاشى الخطاب الحربي بالإعلام العراقي والتهديدات المتكررة التي تطلقها الفصائل المسلحة والناطقين باسمها في التداول المحلي، بالإضافة إلى عدم ممانعة الحكومة العراقية إبرام اتفاقيات مع شركات نفط وكهرباء أميركية، وإخضاع قطاع البنوك للإصلاحات المالية على يد شركات محاسبة وتدقيق وحوسبة أميركية، في دلالة على نهج احترازي يُبعد المخاطر عن العراق، إلا أن غالبية التأكيدات المحلية والسياسية وحتى أحاديث قادة ورموز الفصائل المسلحة العراقية تشير إلى احتمالات شبه مؤكدة بوجود ضربة إسرائيلية قد يحين موعدها في أية لحظة.
هذه التنازلات من جانب العراق لم تمنع الإجراءات الأميركية ضد الفصائل المسلحة. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، إدراج أربعة فصائل عراقية مسلّحة حليفة لإيران، في لائحة الإرهاب. وذكرت الخارجية الأميركية في بيان لها أنها "تصنّف اليوم المليشيات الموالية لإيران، وهي حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي، منظمات إرهابية أجنبية".
وذكرت الوزارة في البيان أنّ "إيران تواصل تقديم الدعم الذي يُمكّن هذه المليشيات من التخطيط لهجمات أو تسهيلها أو تنفيذها مباشرة في جميع أنحاء العراق"، لافتة إلى أن هذه المليشيات شنت "هجمات على السفارة الأميركية في بغداد وقواعد تستضيف قوات الولايات المتحدة وقوات التحالف، مستخدمة عادة أسماء مستعارة أو جماعات بالوكالة للتعتيم على تورطها".
وبحسب البيان "يدعم الإجراء مذكرة الأمن القومي الرئاسية رقم 2 للرئيس (دونالد) ترامب، والتي تُلزم بممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران لقطع التمويل عن النظام ووكلائه وشركائه الإرهابيين"، مؤكداً أن "الولايات المتحدة ستواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة لحماية مصالح أمننا القومي وحرمان الإرهابيين من التمويل والموارد".
من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مهدي تقي، إن "واشنطن تريد إخضاع العراق من خلال معاقبة فصائل المقاومة التي تستهدف الاحتلالين الأميركي والإسرائيلي في المنطقة، وإن القرارات الأميركية لن توقف نشاط العراقيين الذين لا يقبلون التطبيع"، معتبراً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "سياسة التركيع مرفوضة عراقياً، وأن موقفنا من الكيان الإسرائيلي لن يتغير بالضغوط".
وأكمل تقي، أن "الحكومة تمارس دوراً جيداً في دعم الهدوء في العراق، لكن لا يمكن الثقة بالكيان الإسرائيلي، وأن تحالف الإطار التنسيقي لا يتراجع عن مواقفه الوطنية الداعمة للقضية الفلسطينية والرافضة لاستمرار الحرب على قطاع غزة"، مشيراً إلى أن "الفصائل العراقية التي عوقبت أخيراً كانت تتوقع القرارات الأميركية، بل إنها خسرت من بيان وزارة الخارجية الأميركية الأخير".
بدوره، أشار المحلل السياسي أثير الشرع، إلى أن "الواجب على الحكومة العراقية الحالية أن تأخذ العقوبات الأميركية ضد الفصائل المسلحة والتهديدات الإسرائيلية على محمل الجد، لأن الكيان الإسرائيلي قد يستغل القرارات الأميركية ويوجه الضربات إلى المعسكرات والمقرات والمكاتب التابعة للفصائل أو الأحزاب التابعة لهذه الفصائل، وحتى المؤسسات الإعلامية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "العقوبات الأخيرة قد تكون ممهدة لمواجهة هذه الفصائل. كما أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أفصح عن مخططات الكيان بضرب أي دولة تستضيف الحوثيين أو حركة حماس".