اعتبرت بعض الصحف الدنماركية أن سفر رئيسة الوزراء ميتا فريدركسن، برفقة مستشار النمسا سبستيان كورتز، إلى دولة الاحتلال بهدف جلب اللقاح منها "عملاً غير أخلاقي"، كما شددت "إنفورماسيون" اليوم الخميس.
ورغم قول الصحيفة إنها ترحب بتعاون "في مجال البحث العلمي حول كورونا"، إلا أنها أكدت، في المقابل، على "ألا تشتري اللقاحات الفائضة من إسرائيل". وشددت "إنفورماسيون" على رفض مبررات فريدركسن التي رأت فيها "خروج عن فكرة سياسة أوروبية مشتركة في مجال اللقاح".
ورأت الصحيفة أن "من الضروري للدنمارك ألا تسحب من الفلسطينيين حقهم في الحصول على اللقاح، بسبب غياب سياسة أوروبية واضحة عن سد عجز إنتاجه. رئيسة الوزراء التي اتسمت بحيوية لمواجهة الجائحة يجب ألا تقبل ما يسمى فائض اللقاح، فهو من حق الفلسطينيين في المناطق المحتلة، التي يتوجب وفقا للمواثيق الدولية أن تتحمل مسؤوليتها قوة الاحتلال، إسرائيل".
من ناحيتها، ذهبت "بوليتيكن" إلى عنوان ناقد لخطوة فريدركسن الحصول على اللقاح من إسرائيل بالقول: "سياسة تطعيم الفصل العنصري في إسرائيل وصمة عار". وطالبت الصحيفة فريدركسن "بدل تسول اللقاح من تل أبيب، فإنه ينبغي عليها إدانة تلك السياسة العنصرية، الباحثة عن مناعة القطيع، في الوقت الذي يحرم فيه الفلسطينيون من التطعيم، رغم إعلان تل أبيب أنها ستطعم العاملين الفلسطينيين لديها".
وشددت الصحيفة على أن ترويج الاحتلال نفسه من خلال "اللقاح الزائد بإرسال الجرعات إلى دول العالم هو وصمة عار، ويجب ألا نستفيد منها في الدنمارك"، مشيرة إلى أنه "وفقا لاتفاقيات جنيف، ونظراً لأن إسرائيل قوة احتلال تسيطر على المناطق الفلسطينية، فإن الأمر واضح كوضوح الشمس بشأن مسؤوليتها عن توفير التطعيم لسكان تلك المناطق، رغم نفيها أنها قوة احتلال بحجة اتفاقات أوسلو".
وتابعت: "ورغم الادعاء الإسرائيلي، فمن الواضح أنها دولة تسيطر على جميع الواردات والصادرات إلى الأراضي الفلسطينية، وعزلت غزة فعلياً عن العالم الخارجي أكثر من 10 سنوات، فتلك ليست حجة مقنعة (اتفاقات أوسلو التي تتذرع بها سفارة تل أبيب واللوبي المؤيد لها)، كما يجب رفض الأنانية القومية حتى وإن بدا أن إسرائيل نسيت ذلك".
التلفزيون الدنماركي، "دي آر"، ذهب بدوره إلى تقرير مطول اليوم يشرح فيه أسباب هذا السجال، إذ ذكّر تحت عنوان "نجاح أم تمييز تطعيم؟" بمسؤولية الاحتلال تجاه ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة.
وفي سياق الإجابة عن السؤال حول عملية التطعيم التي طاولت الفلسطينيين، ذكر تقرير دي آر أن "الأخبار تقول إنه جرى تطعيم معظم سكان إسرائيل والمستوطنات المحتلة، بينما الصورة ليست وردية عندما يتعلق الأمر بالنجاح، فإسرائيل تعرضت لانتقادات شديدة لعدم توسيع حملة التطعيم لملايين الفلسطينيين، الذين يعيشون في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين منذ عام 1967. فهناك لم يبدأ تطعيم السكان، ولم ترسل إسرائيل سوى بضعة آلاف من اللقاحات إلى المناطق".
ولفت التلفزيون الدنماركي إلى أنه "وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فإنه تقع على عاتق إسرائيل مسؤولية ضمان حصول جميع الأشخاص في الأراضي المحتلة على اللقاح، والانتقادات تستند إلى إلزامية تقديم الاحتلال ما تحتاجه المناطق المحتلة وفقا لاتفاقيات جنيف".
وقدم تقرير "دي آر" مجموعة من الانتقادات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية عالمية، كما في تقارير "هيومان رايتس ووتش" ومنظمة أطباء بلا حدود ومراصد حقوقية أخرى. وختم التقرير ببعض الحقائق عن "اللقاح الفلسطيني الذي يجب أن يشمل 5.2 ملايين في الضفة وغزة، لم يصل منه سوى 32 ألف جرعة بحلول نهاية فبراير/شباط الماضي".
السجالات السياسية والإعلامية الدنماركية دفعت لوبيات مؤيدة للاحتلال وسفارتها في كوبنهاغن للخروج بمواقف، خلال الأيام الماضية، للتشويش على النقاشات، بحجة أن "إسرائيل ليست مسؤولة بعد اتفاقية أوسلو، وانسحبت من غزة"، بحسب سفارة تل أبيب.
ويبدو أن التغطيات الأخيرة، بتفصيل غير مسبوق عن التمييز الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، جاءت لتفند ادعاءات معسكر الدفاع عن إسرائيل ومغالطاتها حول غزة، حيث تصر الصحافة، بما فيها الليبرالية والوسطية، على أن "قطاع غزة محاصر والضفة محتلة والمنطقتين تعتبران تحت مسؤولية الاحتلال".
ومن غير المعلوم ما إذا كان تشكل رأي عام منتقد لخطوة فريدركسن في زيارتها اليوم ستوقف مخططها لجلب اللقاح الفائض من تل أبيب، وهي خطوة وصفها السفير الفلسطيني في كوبنهاغن مانويل حساسيان، اليوم، كأول رد دبلوماسي رسمي، أنها "خطوة أنانية ومثيرة للاشمئزاز في محاباة إسرائيل".