الأوضاع في الأراضي الفلسطينية تؤجل زيارة مصرية لتل أبيب ورام الله

الأوضاع في الأراضي الفلسطينية تؤجل زيارة مصرية لتل أبيب ورام الله

14 ابريل 2022
عملية تل أبيب ساهمت في إرجاء الزيارة (مصطفى الخاروف/الأناضول)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية خاصة عن تأجيل زيارة كانت مقررة لوفد أمني مصري رفيع المستوى من جهاز المخابرات العامة إلى كل من رام الله وتل أبيب، بسبب ما وصفته بـ"الأوضاع الأمنية الملتهبة في إسرائيل والأراضي المحتلة".

وقال أحد المصادر، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، إنه كان مقرراً أن يصل الوفد إلى تل أبيب للقاء مسؤولين في حكومة الاحتلال، يوم الجمعة الماضي، قبل التوجه إلى رام الله للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والمسؤولين هناك.

عملية تل أبيب تؤجل زيارة الوفد المصري

وأوضح المصدر أن العملية التي نفذها أحد المقاومين الفلسطينيين (رعد حازم من مخيم جنين)، في تل أبيب، الخميس الماضي، وأسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة آخرين، تسبّبت في إرجاء الزيارة، من دون أن يتم الحديث عن موعد محدد لها، مستدركاً في الوقت ذاته بأن "التأجيل لن يكون لأجل غير مسمى، إذ من المقرر أن تتم الزيارة في غضون أيام".

وتابع المصدر أن "المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري وجدوا أن الزيارة في ظل الظرف الأمني الحالي لن تكون مجدية، خصوصاً مع القرارات التي أعلن عنها رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت في أعقاب العملية، والتي جاءت حادة بهدف السيطرة على الغضب في الشارع الإسرائيلي جراء تصاعد عمليات المقاومة أخيراً داخل الأراضي المحتلة".

مصدر: التأجيل لن يكون لأجل غير مسمى، إذ من المقرر أن تتم الزيارة في غضون أيام

وغداة الهجوم الذي نفذه الفلسطيني رعد حازم في تل أبيب، مساء الخميس الماضي، منح بينت في اليوم التالي تفويضاً مطلقاً لقوات الأمن الإسرائيلية و"الحرية الكاملة للعمل من أجل القضاء على الإرهاب"، بحسب تعبيره.

وقال المصدر المصري إنه "إزاء القرارات الإسرائيلية، وحالة الغضب التي تسيطر على الحكومة هناك، انتهى القائمون على الزيارة في مصر إلى مخاطبة الجانب الإسرائيلي لطلب تأجيل هذه الزيارة لحين زوال حالة الغضب داخل الدوائر الأمنية والحكومية الإسرائيلية، بحيث يمكن الوصول لقرارات غير انفعالية".

من جهته، قال مصدر فلسطيني خاص معني بمتابعة الزيارة، لـ"العربي الجديد"، إن "المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري أخطروا السلطة الفلسطينية بتأجيل الزيارة، مساء الخميس الماضي، من دون أن يحددوا سبب التأجيل".

القاهرة في موقف صعب وتوسيع الاتصالات مع الفصائل الفلسطينية

وبالعودة للمصدر المصري، فإن المسؤولين بجهاز المخابرات العامة استغلوا تأجيل الزيارة لتوسيع الاتصالات مع الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا "الجهاد الإسلامي" و"حماس"، لكبح جماح الغضب المتصاعد من جانب المقاومة إزاء ما يحدث في مخيم جنين ومدينة القدس من انتهاكات إسرائيلية.

وقال المصدر إن القاهرة "في موقف شديد الصعوبة"، مؤكداً أن "المسؤولين المصريين يجدون صعوبة في إلزام الجانب الإسرائيلي بأي تفاهمات، وفي المقابل ليس بمقدورهم منع الفصائل من مشاركة غزة في موجة عسكرية جديدة، طالما أن الاحتلال لم يلتزم بشروط المقاومة المتعلقة بالقدس وجنين".

وقال المصدر إن القاهرة تلقت مطالب جديدة من فصائل المقاومة متعلقة بمدينة القدس والأوضاع هناك، مشيراً إلى أن "حماس" و"الجهاد" حددتا خطوطاً حمراء يعد المساس بها إيذاناً برد غزة بشكل قاس على الانتهاكات، لافتاً إلى أنه "من تلك الخطوط منع إقامة طقوس دينية يهودية وذبح قرابين داخل المسجد الأقصى".

وأوضح المصدر أن "ما يزيد من صعوبة المهمة المصرية هذه المرة هي حالة التململ التي يستشعرها سكان غزة وفصائلها. ففي الوقت الذي تفرض فيه القاهرة التزامات على الفصائل للتهدئة، هناك عقبات تحول دون تنفيذ كامل لخطة رفاهية القطاع"، على حد تعبير المصدر.

المسؤولون في جهاز المخابرات العامة المصري وجدوا أن الزيارة في ظل الظرف الأمني الحالي لن تكون مجدية

وأكد المصدر أن "معدلات الإنجاز في المشروعات السكنية وإعادة الإعمار في غزة لا تسير بالشكل الذي ينتظره القطاع بسبب صعوبة الإجراءات المحددة من الجانب الإسرائيلي بشأن دخول مواد البناء".

ولفت المصدر إلى "أمور أخرى تسبب حالة تململ في غزة، متعلقة بحالة من الغضب لدى حماس واللجنة الوزارية التي تدير القطاع، بسبب رفع أسعار السلع والوقود الآتي من مصر منذ الشهر الماضي، نتيجة موجة الارتفاعات التي ضربت الأسواق العالمية، نظراً لتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا".

وأوضح المصدر أن حماس "أبدت امتعاضها للمسؤولين في مصر بسبب الزيادات التي طرأت على أسعار مواد البناء والمواد البترولية الواردة للقطاع"، مطالبة "بإعادة النظر فيها"، كما طلبت "الشروع في باقي التسهيلات المتفق عليها ويتم تأخير تنفيذها".

وأكدت المصادر المصرية الخاصة أن "الجانب الإسرائيلي طلب من المسؤولين المصريين التوسط لدى الحركات والفصائل الفلسطينية من أجل إقناعها بضرورة التهدئة، وذلك قبل عملية تل أبيب، نظراً لأن التقديرات الاستخباراتية لدى الاحتلال كانت تؤكد أن العمليات النوعية مرشحة للتصاعد خلال شهر رمضان".

وقالت المصادر إن "الرسالة نفسها التي وصلت إلى المسؤولين المصريين من قبل الجانب الإسرائيلي وصلت إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عبر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي زار رام الله في الضفة الغربية المحتلة والتقى الرئيس الفلسطيني في 28 من مارس/ آذار الماضي".

وجاءت زيارة العاهل الأردني إلى رام الله بالتزامن مع اجتماع وزراء خارجية الإمارات والبحرين ومصر والمغرب مع نظيرهم الإسرائيلي يئير لبيد، بحضور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في النقب المحتل، عقب مقتل ستة إسرائيليين في عمليات فلسطينية وقبل أيام من شهر رمضان.

وأشارت المصادر إلى أن أحد الأسباب الرئيسة لهذين الاجتماعين هو الخشية من ارتفاع حدة التوتر الأمني خلال شهر رمضان، إذ جاءت زيارة العاهل الأردني كمحاولة للحد من التوتر المتوقع خصوصاً في مدينة القدس خلال الصلاة في المسجد الأقصى في شهر رمضان، كما جاءت الاتصالات الإسرائيلية بالمسؤولين المصريين للسبب نفسه.

حالة التململ التي يستشعرها سكان غزة وفصائلها تزيد من صعوبة المهمة المصرية

الاتصالات المصرية الإسرائيلية متواصلة

وقالت المصادر إنه "على الرغم من قرار المسؤولين المصريين تأجيل زيارتهم إلى إسرائيل والأراضي المحتلة، إلا أن الاتصالات الإسرائيلية بالجانب المصري لم تتوقف، وكانت تتركز على مطالبة المصريين بالتدخل لوقف التصعيد، لا سيما بعد عملية تل أبيب، والتي كانت بمثابة نقطة تحوّل تاريخية في مسيرة المقاومة الفلسطينية، إذ لم يحدث اختراق داخل إسرائيل بهذا الشكل منذ نحو ثلاثة عقود".

وأوضحت المصادر أن "مساعي وقف التصعيد تأتي لتجنب عقد مقارنات بين الموقف الدولي إزاء ما يحدث في أوكرانيا بعد الغزو الروسي، وما يمارسه جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وما تشكله هذه المقارنات من إحراج لإسرائيل والداعمين لها من الدول الغربية، وما يمكن أن تشكله أيضاً من إحراج للقاهرة".

المساهمون