الأمن المصري يعتدي على الوزير الأسبق باسم عودة في سجن بدر 3

23 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 12:39 (توقيت القدس)
مركز الإصلاح والتأهيل في مدينة بدر المصرية، 16 يناير 2025 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعرض باسم عودة، وزير التموين الأسبق، لاعتداء جسدي ولفظي داخل سجن بدر 3 من قبل ضابط الأمن الوطني، لإجباره على إنهاء إضرابه عن الطعام احتجاجاً على ظروف الاحتجاز القاسية.
- تقارير حقوقية تشير إلى أن سجن بدر 3 يعاني من انتهاكات مشابهة لسجن العقرب، مثل الحرمان من الزيارة والإهمال الطبي، مما دفع معتقلين للإضراب عن الطعام.
- وزارة الداخلية المصرية تنفي التقارير الحقوقية، بينما تطالب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان بفتح تحقيق عاجل في الاعتداءات والانتهاكات المزعومة.

من جديد تعود قضية السجون المصرية إلى واجهة الجدل الحقوقي بعد تقارير تحدثت عن تعرّض باسم عودة، وزير التموين الأسبق والأستاذ الجامعي المعروف، لاعتداء جسدي ولفظي داخل محبسه في سجن بدر 3 (الإصلاح والتأهيل). بحسب ما وثقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان في بيان، مساء أمس الاثنين، فإنّ العقيد أحمد فكري، ضابط الأمن الوطني والمسؤول عن قطاع (2) بالسجن، اقتحم زنزانة عودة واعتدى عليه بالضرب والتهديد، في محاولة لإجباره على إنهاء إضرابه عن الطعام الذي يخوضه رفقة عشرات من المعتقلين السياسيين احتجاجاً على حرمانهم من أبسط حقوقهم.

وخلال الاعتداء، هدّد الضابط المعتقلين بأن يجعل من بدر 3 "أسوأ من سجن العقرب"، في إشارة إلى السجن سيئ السمعة الذي أُغلق قبل عامين بعد أن صار رمزاً للتعذيب والإهمال الطبي والوفاة البطيئة للمئات من السجناء السياسيين. واعتُقل باسم عودة، الذي عُرف بلقب "وزير الغلابة" خلال فترة عمله وزيراً للتموين عام 2012 وارتبط اسمه بإصلاحات بارزة في ملف الخبز والوقود لاقت إشادة شعبية واسعة، بعد الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي في يوليو/ تموز 2013.

وحوكم عودة في قضايا ذات طابع سياسي واعتبرت منظمات محلية ودولية أنها تفتقر إلى ضمانات المحاكمة العادلة. ومنذ ذلك الحين يقضي عودة أحكاماً بالسجن المشدد، فيما ظل اسمه حاضراً باعتباره أحد أبرز رموز المعارضة الذين واجهوا ظروف احتجاز قاسية. وافتتحت السلطات المصرية سجن بدر 3 ضمن جزء مما سُمّي "مجمعات الإصلاح والتأهيل" الحديثة، في ديسمبر/ كانون الأول 2021، وسُوِّق للسجن في البداية باعتباره بديلاً عصرياً لسجون سيئة السمعة مثل طرة والعقرب.

غير أن تقارير حديثة لمنظمات حقوقية مصرية ودولية وثقت أن هذا السجن تحوّل بدوره إلى نسخة محدثة من العقرب. وأبرز الانتهاكات الموثقة شملت الحرمان من الزيارة لفترات طويلة، منع المعتقلين من التواصل مع محاميهم، الإخفاء المتعمد للمعلومات عن ذوي السجناء، والإهمال الطبي المتكرر الذي أدى إلى تدهور الحالة الصحية لعدد من المعتقلين. كذلك أُشير إلى حالات احتجاز انفرادي مطوّل، وعمليات تفتيش قمعية متكررة، وحرمان المعتقلين من الكتب والأدوات الأساسية، وهو ما دفع ناشطين وحقوقيين إلى وصف بدر 3 بـ"العقرب الجديد".

ومنذ الأول من يوليو/ تموز 2025، دخل عدد من المعتقلين السياسيين في سجن بدر 3 في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على ما وصفوه بـ"سياسات قمعية" تتضمن الحبس الانفرادي لفترات طويلة، المنع من الزيارات والحرمان من العلاج الطبي، إضافة إلى عزل المعتقلين عن عائلاتهم ومحاميهم. وتحدثت رسالة مسربة من داخل القطاع "2" في سجن بدر 3 عن أن المعتقلين "يعانون موتاً بطيئاً" نتيجة هذه السياسات، في تعبير عن تدهور أوضاعهم الإنسانية داخل السجن.

من جهتها، نفت وزارة الداخلية المصرية في بيان رسمي، أمس الاثنين، صحة ما جاء في تقارير الشبكة المصرية، مؤكدة عودة "غير مضرب عن الطعام" وأنه "يحظى بمعاملة قانونية وفق الضوابط المتبعة". واعتبر بيان الداخلية أن الاتهامات "ادعاءات كاذبة" تروجها جماعة الإخوان المسلمين من أجل كسب تعاطف دولي والحصول على استثناءات لمعتقليها. إلا أن شهادات ناشطين ومعتقلين سابقين تناقض الرواية الرسمية، وعلى رأسها شهادة الناشط السياسي أحمد دومة، الذي أكد أنّ العقيد أحمد فكري مارس انتهاكات ممنهجة بحق السجناء على مدار سنوات، من بينها حرمانه شخصياً من العلاج، والتورط في وقائع تنكيل بحق شخصيات بارزة، مثل علاء عبد الفتاح، الصحافي محمد إبراهيم (أكسجين)، والأكاديمي أحمد سمير.

ومن الناحية القانونية، تمثل هذه الممارسات انتهاكاً صارخاً للدستور المصري، الذي ينص على حظر التعذيب والمعاملة القاسية، وللاتفاقيات الدولية التي التزمت بها مصر، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب. ووفق القانون الدولي، فإن الانتهاكات الواسعة النطاق والمنهجية بحق السجناء السياسيين قد ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.

وفي ضوء هذه التطورات، طالبت الشبكة المصرية النيابة العامة بفتح تحقيق عاجل ومستقل في الاعتداء على باسم عودة، ومحاسبة الضابط المسؤول عن الانتهاكات، وضمان حقوق السجناء في الرعاية الصحية والتواصل مع ذويهم وحضور جلسات محاكماتهم، وأكدت أن غياب المحاسبة واستمرار الانتهاكات في سجن بدر 3 "يرسخان واقع الإفلات من العقاب ويجعلان السلطات المصرية في موقع المسؤولية المباشرة عن الانتهاكات، سواء بالفعل أو بالتواطؤ".

وتعيد هذه الواقعة إلى الأذهان ما كانت قد وثقته منظمة العفو الدولية في تقرير شامل صدر عام 2021 اعتمد على شهادات 67 محتجزاً في 16 سجناً بسبع محافظات مصرية، ورصد أنماطاً متكررة من الحرمان من العلاج، والتأخر في نقل المرضى إلى المستشفيات، وسوء الرعاية الطبية، بل والوفاة داخل أماكن الاحتجاز أو بعد فترة قصيرة من الإفراج عنهم نتيجة التدهور الصحي الذي لحق بهم.