الأمن الفلسطيني يبرر الإفراج عن قتلة بنات: إجازة "حرصاً على سلامتهم"

الأمن الفلسطيني بعد الإفراج عن قتلة بنات: إجازة لـ45 موقوفاً "حرصاً على سلامتهم"

27 يونيو 2022
مرّت قبل أيام الذكرى السنوية الأولى لمقتل بنات (عباس موماني/فرانس برس)
+ الخط -

على وقع الجدل الدائر في الساحة الفلسطينية، خصوصاً بين الناشطين والحقوقيين، بشأن الإفراج عن قتلة المعارض السياسي نزار بنات، الأسبوع الماضي، بحجة وجود إصابات بفيروس كورونا، وفي وقت أكدت عائلة بنات أنها سوف تتوجه لتدويل قضية ابنها، أكدت الأجهزة الأمنية الفلسطينية، الإثنين، أن الإفراج عن 45 موقوفاً جاء وفق إجازة مؤقتة حرصاً على سلامتهم، من دون أن تشير صراحة إلى الإفراج عن المتهمين الـ14 بقتل بنات.

وقال المفوض السياسي العام والناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية الفلسطينية طلال دويكات، في بيان صحافي، إن "المؤسسة الأمنية الفلسطينية حريصة على تطبيق النظام وحماية القانون وفق تعليمات الرئيس محمود عباس"، مؤكدًا أنه "بناء على ذلك، تحترم المؤسسة قرار النائب العام العسكري الذي منح إجازة لـ45 موقوفاً على ذمة النيابات والمحاكم العسكرية كإجراء مؤقت، كون النائب العسكري مشرفاً على مراكز الإصلاح والتأهيل للحفاظ على سلامة الموقوفين".

وتابع دويكات: "كما جاء قراره استجابة للتدابير اللازمة والواجب اتخاذها في حال انتشار الأوبئة، وهذا ما أكده العديد من المواثيق والإعلانات الدولية، وتحديداً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية/ وقواعد الأمم المتحدة النموذجية لمعاملة السجناء المعروفة بقواعد نيلسون مانديلا، خصوصاً القاعدة التي تنص أنه يقع على الدولة واجب خاص بحماية الصحة البدنية والعقلية للسجناء ورفاههم، وما جاء في البيان الصادر عن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بتاريخ 25/3/2020 من دعوة الحكومات لاتخاذ إجراءات عاجلة تمنع انتشار فيروس كوفيد-19 في أماكن الاحتجاز، وما تضمنه بيان المفوض السامي من إيلاء اهتمام أكبر لموضوع اللجوء، إلى تدابير غير احتجازية في جميع مراحل إدارة العدالة الجنائية".

وقال دويكات إن "ما تضمنه القانون الأساسي الفلسطيني، وتلك البيانات الدولية، أوجبت على النائب العام حماية المحتجزين والحفاظ على سلامتهم، باعتبار أن الصحة العامة حق وواجب على السلطة التنفيذية، وأحد العناصر المهمة من النظام العام الذي يتوجب على سلطات الدولة حمايتها، وذلك بعد أن تم اكتشاف انتشار هذا الوباء في مركز إصلاح وتأهيل بيتونيا الذي أُغلق، وإصابة أحد منتسبي قوى الأمن العاملين في مركز الإصلاح والتأهيل في أريحا، وما جاء في طلب الجهات الصحية المختصة بضرورة اتخاذ كافة التدابير الوقائية اللازمة، واتباع البروتوكول الخاص بالجائحة للحفاظ على سلامة الموقوفين، مع ضمان حضورهم جلسات المحاكمة في مواعيدها المحددة".

وتأتي تصريحات الناطق باسم الأجهزة الأمنية بعد أيام قليلة من تصريحات لمنظمة العفو الدولية (أمنستي)، قالت فيها إن "العدالة لا تزال بعيدة المنال بعد مرور عام على وفاة نزار بنات، الناشط الفلسطيني الذي توفي بعد وقت قصير من اعتقاله، والاعتداء عليه بشكل وحشي من قبل قوات الأمن الفلسطينية في يونيو/حزيران 2021".

وأشارت العفو الدولية إلى أنه لم يُوقف الضباط الأربع عشرة في قوات الأمن الوقائي الفلسطينية عن الخدمة الفعلية، فقد جرى اعتقالهم في يوليو/تموز 2021 في سجن أريحا العسكري، ولكن في 21 يونيو/حزيران 2022، أذن المدعي العام العسكري بالإفراج عنهم في الفترة من 21 يونيو/حزيران إلى 2 يوليو/تموز 2022، وطُلب الإفراج المؤقت عنهم باعتباره "عطلة" بكفالة زملائهم في قوات الأمن الوقائي الفلسطيني.

وقالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية هبة مرايف: "إن هذه العملية القضائية أقرب إلى المهزلة، عندما يعرض الجهاز نفسه الذي يوظف المشتبه بهم ضمان تعاونهم في محاكمتهم، هذا هو بالضبط السبب الذي يجعل محكمة عسكرية غير قادرة أبداً على كشف حقيقة ما حدث".

وكانت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" أكدت، في بيان صحافي، أن قرار النائب العام العسكري منح المتهمين إجازات من التوقيف والحبس الاحتياطي ليس له أساس في القانون الفلسطيني، ولا في قانون الإجراءات الجزائية الثوري لسنة 1979، ولا في قانون مراكز إصلاح وتأهيل السجون لسنة 1998 وتعديلاته، وهي القوانين ذات العلاقة بإجراءات المحاكمة ومعاملة النزلاء، بمن فيهم الموقوفون والمحكوم عليهم، كما أن الأسباب المرتبطة بالوقاية من انتشار فايروس كورونا لا تبرر الخروج عن حكم القانون، إضافة إلى أن هذا الإجراء، بالصورة التي تم فيها، ينطوي على اعتداء على سلطة المحكمة واختصاصها، وبالتالي، لا بد من تصويب الإجراءات وفقاً للقانون.

ويوم الجمعة الماضي، أعلنت عائلة بنات عن إلغاء فعالية في الخليل، جنوبي الضفة الغربية، كانت مقررة في اليوم نفسه لإحياء الذكرى السنوية الأولى لمقتله، "حفاظاً على الدم الفلسطيني"، مؤكدة أنها "لن تسمح بأن يكون نزار بنات عنواناً لجريمة قتل جديدة تنفذها الأجهزة الأمنية وأذرعها".

والأسبوع الماضي، طالبت العائلة القضاة في قضية محاكمة المتهمين بقتله بالانسحاب من قضية محاكمته كما فعلت العائلة، فيما أكدت مضيها نحو القضاء الدولي، مشيرة إلى أن قرار العائلة والهيئة الوطنية لمتابعة قضية نزار بالانسحاب من المحكمة "كان قراراً صائباً وسليماً، بعد أن ثبت لدى العائلة مقدار التلاعب وعدم النزاهة والشفافية في إجراءاتها، وعدم وجود الإرادة القانونية في أحكام عادلة، أو تنفيذ تلك الأحكام على كافة المستويات، فيما حمّلت عائلة بنات الرئيس محمود عباس "مسؤولية هذا القرار وتبعاته على السلم الأهلي".

وأشارت العائلة إلى القيام بالإفراج عن أدوات تنفيذ الجريمة بحجج ينطبق عليها "عذر أقبح من ذنب"، مع العلم أن فيروس كورونا قد شارف على الانتهاء، وقامت معظم دول العالم بإنهاء الإجراءات الصحية والاكتفاء باللقاح مثله مثل أي مرض موسمي.

وكانت مصادر حقوقية أكدت، الثلاثاء الماضي، لـ"العربي الجديد"، إفراج الأمن الفلسطيني عن رجال الأمن الـ14 المتهمين بمقتل نزار بنات، وفق إجازة حتى تاريخ 2 يوليو/تموز المقبل، لمتابعة أوضاعهم الصحية، وإجراء الفحوصات اللازمة لهم، بعد ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في مركز الإصلاح والتأهيل، مع وجود اكتظاظ في مراكز تأهيل وإصلاح الجنيد وأريحا.

وكانت المحكمة العسكرية الخاصة بمحاكمة رجال الأمن الوقائي الـ14 المتهمين بقضية مقتل بنات أجلت جلستها، الأسبوع الماضي، حتى 3 يوليو/تموز المقبل، لعدم حضور شاهد الدفاع، بالتزامن مع تقديم محامي المتهمين خلال الجلسة طلباً لإخلاء سبيلهم، رفضته المحكمة، لكن مصادر حقوقية أكدت لـ"العربي الجديد" أن محامي الدفاع كان غادر، وثم حضر الساعة 12 ظهراً، لتعقد الجلسة وقتها، وترافع خلال الجلسة حول طلبه إخلاء سبيل المتهمين.

وكانت عائلة بنات أعلنت الانسحاب النهائي من المحكمة بمؤتمر صحافي في 18 مايو/أيار الماضي، للسبب ذاته.

وقتل المعارض السياسي نزار بنات في 24 يونيو/ حزيران من العام الماضي، خلال عملية اعتقاله والاعتداء عليه، وتلت عملية مقتله ردات فعل واسعة وغاضبة، وخرجت احتجاجات واسعة في الضفة الغربية على مقتله.

وكانت المحكمة العسكرية قد بدأت، في سبتمبر/ أيلول الماضي، محاكمة 14 فرداً من جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، متهمين بالمشاركة في عملية اعتقال بنات في الخليل، التي أدت إلى وفاته نتيجة الضرب.

المساهمون