الأمم المتحدة: دعم دولي مطلوب لتخليص سورية من الأسلحة الكيميائية
استمع إلى الملخص
- أبدت المندوبة الأميركية تفاؤلها بإمكانية إغلاق ملف الأسلحة الكيميائية، مشددة على ضرورة امتثال سوريا لالتزاماتها، بينما دعا المندوب الروسي إلى تجنب تسييس الملف والتركيز على المهنية.
- أكد مندوب سوريا التزام بلاده بالتعاون مع المنظمة لمعالجة المسائل العالقة، مشيراً إلى التحديات بسبب الاعتداءات الإسرائيلية وتأثير القرارات السابقة على حقوق سوريا.
شددت ممثلة الأمم المتحدة السامية لشؤون نزع السلاح، إيزومي ناكاميتسو، اليوم الجمعة، على ضرورة حصول سورية على دعم دولي قوي وموارد إضافية من المجتمع الدولي من أجل التخلص من جميع الأسلحة الكيميائية التي خلفها النظام السابق. وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية خلال إحاطتها الدورية أمام مجلس الأمن الدولي حول تنفيذ قرار المجلس رقم 2118 (2013) بشأن القضاء على برنامج الأسلحة الكيميائية في سورية. وكان آخر اجتماع عقده المجلس في هذا الصدد في بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر، قبل سقوط نظام الأسد في دمشق بأيام.
وقالت ناكاميتسو: "لقد برز واقع سياسي جديد في سورية. وكما أكد الأمين العام، يواجه الشعب السوري الآن فرصة تاريخية لبناء مستقبل مستقر وسلمي بعد 14 عاماً من الحرب الوحشية". وأضافت: "إن هذا الواقع الجديد يوفر أيضاً فرصة للحصول على توضيحات طال انتظارها بشأن مدى ونطاق برنامج الأسلحة الكيميائية السوري، والتخلص من جميع الأسلحة الكيميائية، وتطبيع العلاقات مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وضمان الامتثال طويل الأجل لاتفاقية الأسلحة الكيميائية". وأشارت إلى أن السلطات السورية الجديدة بدأت باتخاذ خطوات لتحقيق هذا الهدف.
وتطرقت ناكاميتسو إلى تقاريرها السابقة، خلال فترة حكم بشار الأسد، والتي خلصت فيها الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى وجود 19 مسألة عالقة، تشمل مسألتين افتتح التحقيق حولهما العام الماضي، وتتعلقان بالتطوير المحتمل لأسلحة كيميائية وإنتاجها على نطاق واسع من دون الإبلاغ عنها، وذلك في منشأتين معلنتين للأسلحة الكيميائية كان قد أُعلن سابقاً عدم تشغيلهما. وأوضحت المسؤولة الأممية أن "الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية تشير إلى أن القضايا الـ19 العالقة تثير قلقاً بالغاً، إذ تتعلق بكميات كبيرة من العوامل الكيميائية الحربية والذخائر التي قيل إنها دُمِّرت أو استُهلكت بطريقة أخرى قبل انضمام سورية إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، ولم تتمكن المنظمة من التحقق من مصيرها بشكل كامل".
وأضافت ناكاميتسو: "إن الوضع الذي خلفته السلطات السورية السابقة مقلق للغاية. ولذلك، أشعر بالتفاؤل إزاء رغبة السلطات الجديدة والتزامها ببدء فصل جديد من التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإغلاق القضايا العالقة". وأشارت إلى زيارة المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ووفد رفيع المستوى من الأمانة الفنية للمنظمة إلى دمشق الشهر الماضي، بدعوة من وزارة الخارجية السورية، وإلى تعيين مسؤول تنسيقي لشؤون الأسلحة الكيميائية داخل الوزارة.
وختمت قائلة: "في حين أن الواقع الجديد يوفر فرصة لرسم مسار جديد لسورية، فإنه يفرض أيضًا تحديات كبيرة وسط احتياجات إنسانية وأمنية وجهود تعافٍ هائلة. ومن أجل تحقيق الهدف النهائي بتخليص سورية من جميع الأسلحة الكيميائية، فإن الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والسلطات السورية الجديدة في حاجة إلى دعم قوي وموارد إضافية من المجتمع الدولي".
مواقف دولية متباينة
من جهتها، قالت المندوبة الأميركية بالنيابة لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا: "إننا نملك فرصة تاريخية لإغلاق هذا الفصل المظلم من التاريخ وبدء فصل جديد، من أجل خلق سورية أكثر أمانًا لشعبها والمنطقة والعالم". وأضافت: "يجب تأمين جميع عناصر برنامج الأسلحة الكيميائية لنظام الأسد، وإعلانها وتدميرها بأمان تحت التحقق الدولي". وشددت على ضرورة امتثال سورية لالتزاماتها بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية، مؤكدة أن "النافذة لتحقيق ذلك محدودة ويجب الإسراع في تنفيذ هذه المهمة"، داعية جميع الأطراف إلى تسهيل عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. كما رحبت بالخطوات الأولية الإيجابية المتخذة بين المنظمة والسلطات السورية المؤقتة، في إشارة إلى زيارة المدير العام للمنظمة إلى دمشق والاتفاق على التعاون.
بدوره، كرر المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، الاتهامات بمحاولة استغلال ملف الأسلحة الكيميائية وتسييسه، لكنه لم يوجه هذه المرة الاتهامات مباشرة إلى الولايات المتحدة كما كان يحدث قبل سقوط نظام الأسد. وأكد ضرورة أن تعتمد "الأمانة الفنية نهجًا بعيدًا عن السياسة، قائمًا على المهنية، لطي ملف الأسلحة الكيميائية السورية". وأضاف: "لا ندعم أي تسييس لهذا الملف أو توجيه اتهامات من دون دليل بحق السلطات السابقة، كما نرفض استغلال الموضوع لتقديم مزاعم خاطئة أو تصفية حسابات تحت ستار إغلاق ملف الأسلحة الكيميائية".
وأشار نيبينزيا إلى أن تقرير الأمانة الفنية الأخير يؤكد استعداد المنظمة للحصول على أكبر قدر من المعلومات حول برنامج الأسلحة الكيميائية والعسكرية في سورية، لكنه اعتبر أن "ذلك يتجاوز ولاية الأمانة الفنية ويفتقر إلى الوضوح"، متسائلاً: "عن أي تفتيش نتحدث؟ وأي أدلة في ظل تعرض الأراضي السورية لعمليات قصف عديدة؟". كما تحدث عن القصف الإسرائيلي خلال الأشهر الثلاثة الماضية لعدد من المناطق في سورية، معتبراً أن هدفه كان "تدمير أي أثر لقدرات الدفاع العسكرية السورية".
موقف سورية الرسمي
أما مندوب سورية لدى الأمم المتحدة، قصي الضحاك، فقد أكد أن بلاده تفتح صفحة جديدة مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، عنوانها "الانفتاح والشفافية والتعاون البناء، بما يتيح معالجة كافة المسائل العالقة والتخلص بشكل كامل من أي أسلحة كيميائية محتملة، وإغلاق الملف نهائياً". ولفت إلى أن "الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع ومنشآت عسكرية ومدنية سورية في التاسع من ديسمبر/ كانون الأول الماضي زادت من التحديات اللوجستية والتقنية".
كما أشار الضحاك إلى القرارات السابقة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي اتخذت خلال حكم بشار الأسد، والتي "علّقت امتيازات وحقوق سورية كدولة طرف في الاتفاقية، وفرضت تدابير جماعية تعيق قدرتها على الوصول إلى المستحضرات الكيميائية، مما أضر بجهودها في تحقيق التنمية الاقتصادية". وأكد أن سورية تتطلع إلى "إلغاء تلك القرارات وإعادة حقوقها وواجباتها كدولة طرف في الاتفاقية".