استمع إلى الملخص
- تعمل بعثة الأمم المتحدة على معالجة القضايا الخلافية في التشريع الانتخابي وتعزيز الحوار بين الليبيين، مع تيسير المشاورات الاقتصادية لتحقيق حوكمة سليمة ودعم الانتخابات المحلية.
- حذرت ديكارلو من تدهور الأوضاع الأمنية بسبب أنشطة الجهات المسلحة، داعية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وحماية حقوق المعتقلين، بينما أكد مندوب ليبيا على رفض التدخلات الخارجية ودعم الحلول الليبية.
قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو إن "الاستقرار الهش في ليبيا أصبح معرّضاً للخطر بشكل متزايد، فقد فشل قادة البلاد والجهات الأمنية في وضع المصلحة الوطنية فوق المنافسة على المكاسب السياسية والشخصية"، مشددة على أن "هناك حاجة ملحة لإحراز تقدم في ليبيا".
وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية خلال إحاطة لها أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، خلال اجتماعه الدوري حول ليبيا، أكدت فيها أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تتخذ، بتفويض من هذا المجلس، خطوات لإحياء العملية السياسية الليبية، القائمة على مبادئ الشمول والملكية الوطنية. وكانت المسؤولة الأممية قد استهلت إحاطتها بالحديث عن احتفال ليبيا قبل يومين، بالذكرى الرابعة عشرة لثورة السابع عشر من فبراير/ شباط، لافتة الانتباه إلى أن "الحلم بليبيا مدنية وديمقراطية ومزدهرة لم يتحقق بعد"، مذكّرة بأن "الانقسامات المتجذرة، وسوء الإدارة الاقتصادية، وانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة، والمصالح الداخلية والخارجية المتنافسة لا تزال تعمل على تآكل وحدة ليبيا واستقرارها".
جهود الأمم المتحدة الجارية حالياً
وتوقفت المسؤولة الأممية عند الجهود الرئيسية الجارية حالياً، وتحدثت عن إنشاء بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لجنة استشارية بداية الشهر، موضحة أنها "مكلفة تقديم توصيات لمعالجة القضايا الخلافية في التشريع الانتخابي، التي حالت دون إجراء الانتخابات الوطنية". وشددت في الوقت ذاته على أنها "ليست هيئة صنع القرار، ولكن مقترحاتها ستدعم الجهود الرامية إلى إزالة العقبات التي تحول دون إجراء الانتخابات الوطنية في ليبيا. وتتألف اللجنة من عشرين شخصية ليبية، بمن فيهم خبراء قانونيون ودستوريون. وتشكل النساء خمسة وثلاثون في المائة منهم". وأشارت إلى عدد من الاجتماعات الأولية التي عُقدت منذ تأسيسها، وإلى الترحيب بتلك الجهود داخل ليبيا.
ولفتت الانتباه إلى أنه بالتوازي مع ذلك، "تتخذ بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا خطوات لعقد حوار منظم بين الليبيين، حول سبل معالجة الأسباب طويلة الأمد للصراع، وتطوير رؤية شاملة من القاعدة إلى القمة لمستقبل بلادهم. وإدراكاً منها لأهمية الاقتصاد القوي والعادل والمرن لتحقيق الاستقرار في ليبيا، تعمل بعثة الأمم المتحدة على تيسير المشاورات بين الخبراء الاقتصاديين الليبيين المستقلين، لتحديد الأولويات والحواجز والحلول لتحقيق حوكمة اقتصادية سليمة. وفي هذا الصدد، نظّم اجتماع في تونس يومي 10 و11 فبراير/ شباط".
تهديد الانقسامات
وحذرت ديكارلو كذلك من استمرار الانقسامات والمنافسة للسيطرة على مؤسسات الدولة، ولفتت الانتباه إلى أنها تهيمن على المشهد السياسي والاقتصادي الليبي. وعبّرت عن أسفها لعدم تحقيق أي تقدّم بشأن الميزانية الموحدة أو إطار الإنفاق المتفق عليه، وذلك على الرغم من جهود بعثة الأمم المتحدة في هذا الصدد. وأكدت "أهمية معالجة هذه القضية لدعم جهود البنك المركزي الليبي لتحقيق الاستقرار في الوضع المالي للبلاد، وتمكين الإنفاق العام الشفاف والعادل. وأخيراً، تصاعد الخلاف حول تعيين قيادة ديوان المحاسبة الليبي، ما يهدد نزاهة الهيئة. وتحث الأمم المتحدة جميع الأطراف على احترام استقلال الديوان، والحفاظ على هيئات الرقابة في ليبيا خالية من التدخل والتسييس".
وأشارت ديكارلو كذلك إلى أنه "بعد ستة أشهر من المحاكم والأحكام القضائية المتناقضة، لا يزال النزاع حول منصب رئيس المجلس الأعلى للدولة دون حل. ورغم أن بعض أعضائه يحاولون تجاوز الانقسامات الحالية، فإن المجلس الأعلى للدولة منقسم بشدة وغير قادر على الوفاء بدوره المؤسسي". وحذرت كذلك من "التسييس والانقسامات السياسية التي تعيق التقدم في المصالحة الوطنية".
وتحدثت عن الاتفاق الذي قامت بعثة الأمم المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بتيسيره بين المجلس الرئاسي، ومجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة بشأن مشروع قانون للمصالحة الوطنية، لافتة الانتباه إلى أن التعديلات اللاحقة على مشروع القانون من قبل البرلمانيين، أثارت مخاوف بشأن استقلال لجنة المصالحة الوطنية المستقبلية.
وتطرقت إلى الاتفاق على ميثاق للمصالحة في الزنتان، الذي تم التوصل إليه في وقت سابق من هذا الشهر، ومن خلال عملية قادها الاتحاد الأفريقي. ولفتت الانتباه إلى أنه اعتُمد في 14 فبراير في أديس أبابا، على هامش قمة الاتحاد الأفريقي. وأضافت: "وفيما أيد بعض أصحاب المصلحة الليبيين الميثاق، لم يؤيده آخرون. وتواصل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التواصل مع جميع الأطراف المعنية لحثها على متابعة عملية المصالحة الوطنية الشاملة القائمة على الحقوق والخالية من التدخل السياسي".
وأشادت بالانتخابات المحلية التي عُقدت في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، في 56 بلدية، مشيرة إلى الاستعدادات للمجموعة التالية من انتخابات المجالس البلدية البالغ عددها 63. وأكدت أن "التمويل من الحكومة أمر بالغ الأهمية، لتمكين المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من تنفيذ هذه المرحلة التالية من انتخابات المجالس البلدية".
الوضع الأمني
وحذرت المسؤولة الأممية من استمرار تدهور الأوضاع الأمنية، حيث "لا تزال أنشطة الجهات المسلحة غير التابعة للدولة وشبه التابعة للدولة تشكل تهديداً لاستقرار ليبيا الهش". ودعت إلى التحقيق بالهجوم المسلح على سيارة وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، عادل جمعة، مشيرة إلى عدم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020 إلا جزئياً. وقالت إن "الجهود المتجددة التي تبذلها السلطات الليبية لتنفيذ أحكامه المتبقية أمر بالغ الأهمية لتحسين الوضع الأمني الهش، وخلق الظروف لإعادة توحيد وإصلاح المؤسسات الأمنية. وفي تطور إيجابي، سهلت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في ديسمبر/ كانون الأول إنشاء فريق فني مشترك من كبار الضباط العسكريين والشرطة من حكومة الوحدة الوطنية والجيش الوطني الليبي. والهدف تحسين التنسيق وتبادل المعلومات بشأن أمن الحدود ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية".
وعبّرت عن قلقها العميق "إزاء استمرار الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري في جميع أنحاء ليبيا". وناشدت "السلطات الليبية اتخاذ خطوات عاجلة لوقف هذه الممارسات، ودعم حقوق المعتقلين في الإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك الحق في محاكمة عادلة والاستعانة بمحامٍ"، لافتة إلى أن العدد المتزايد من الوفيات في أثناء الاحتجاز أمر مثير للقلق، حيث جرى تسجيل 15 حالة منذ مارس/ آذار 2024.
مندوب ليبيا: نرفض التدخلات الخارجية
من جهته، تحدث مندوب ليبيا للأمم المتحدة في نيويورك، طاهر السني، عن حلم الكثير من الليبيين بمستقبل يسوده العدل والحرية والديمقراطية. وعبر عن أسفه "لأن تلك الأحلام اصطدمت بعديد التحديات والأزمات، كان على رأسها التدخلات الخارجية في الشأن الليبي بشكل مباشر وغير مباشر، واستخدمت بلادي ساحة إقليمية لتصفية الحسابات وحروباً بالوكالة".
وأشار إلى تعيين الأمين العام للأمم المتحدة مؤخراً لهانا تيتيه، من غانا، ممثلة خاصة له في ليبيا ورئيسة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا خلفاً لعبد الله باتيلي، من السنغال، الذي شغل منصب المبعوث الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة حتى منتصف شهر مايو/ أيار 2024. ولفت الانتباه إلى أن تعيينها يأتي "عاشر مبعوث أو ممثلاً للأمين العام إلى ليبيا، نعم عشرة مبعوثين في أربعة عشر عاماً، وهذا رقمٌ قياسي يحتاج منكم وقفة".
وتساءل عما إذا كانت الإشكالية في "آلية عمل الأمم المتحدة؟ أم المشكلة في التدخلات وفرض الحلول والأجندات الخارجية؟". وقال: "نضع هذه التساؤلات أمامكم وأمام المبعوثة الجديدة من أجل إنصاف الليبيين والكف عن لومهم حتى الآن عمّا آلت إليه الأمور، والعمل على دعمهم للخروج من أزمتهم، ودعم إرادتهم وقيادتهم وملكيتهم للحل".
وشدّد المندوب الليبي على ضرورة "استكمال ما تم التوصل إليه سابقاً والبناء عليه، ودعم مسار سياسي واضح ومرتبط ومكمل للاتفاقات السياسية المبرمة سواء اتفاق الصخيرات أو جنيف، مع تشجيع المبادرات الليبية التي تراعي التوازنات والتمثيل السياسي دون إقصاء، بما يضمن التزام جميع الأطراف بنتائج ما يتم الاتفاق عليه، حتى الوصول إلى الانتخابات العامة التي يطالب بها الجميع".
كذلك شدّد على ضرورة أن تراعي "اللجنة الاستشارية التي تم الإعلان عنها مؤخراً من قبل البعثة الأممية، المبادرات وتضمن تمثيل كل الأطراف السياسية والمجتمعية وضمان استيعاب جميع التوجهات السياسية، وأن تتسم بالشفافية وتتّبع آلية واضحة في التشاور مع ممثلي كل الأطراف السياسية الفاعلة".