الأكراد والسريان: خطاب الأسد "شوفيني" ويكرس الأزمة السورية

الأكراد والسريان: خطاب الأسد "شوفيني" ويكرس الأزمة السورية

13 ديسمبر 2020
الإدارة الذاتية: القراءة الخاطئة للواقع الفعلي في سورية تؤثر في تعميق الأزمة (الأناضول)
+ الخط -

صدرت انتقادات جديدة لخطاب رئيس النظام السوري بشار الأسد الأخير أمام رجال الدين، خاصة من جانب الأقليات الذين اعتبروا كلام الأسد تمسكاً بـ"الخطاب الشوفيني"، الذي يتجاهل المكونات العرقية والدينية الأخرى في البلاد.

وفي هذا الإطار، قال بيان صادر عمّا يُسمى "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية"، التي يهيمن عليها الأكراد، إن خطاب الأسد يدل على تواصل الأزمة في سورية وعدم لحظ الواقع والمتغيرات بعد مرور حوالى عقد من الزمن على بدء الحرب في سورية.

واعتبر البيان أن "هذه القراءة الخاطئة للواقع الفعلي في سورية تؤثر بشكل كبير في تعميق الأزمة، وتزيد من معاناة السوريين". وأضاف أن الأسد ينكر في خطابه "التنوع السائد في سورية، ولا يعبّر عن الانفتاح الواجب توافره لدى كل الأطراف التي تدعي حرصها على مصلحة سورية وشعبها".

واستطرد بالقول: "حديثه عن التعدد والتنوع السائد في سورية وحصره بلون واحد، وهو الطابع العروبي البحت، لا ينسجم مع المتغيرات المطلوبة ولا مع جهود بناء سورية الجديدة، ويمثل حالة إنكار واضحة لباقي المكونات الأصيلة، ومحاولة لصهر هذه المكونات والثقافات والتعدد السوري الموجود من كرد، سريان، أرمن وشركس وغيرهم في هذه البوتقة الضيقة".

وختم بالقول: "نحن نحترم كل المكونات ونؤكد أن العرب جزء كبير وأصيل من النسيج السوري، ولكن يجب ألا يكون هذا المكون منصة ينفذ من خلالها النظام سياساته مدعياً خدمة العرب في حين أنه يخدم مصلحته فقط، فالعرب كغيرهم من المكونات يعانون من الإنكار رغم كل الكلام الذي حاول الأسد أن يؤكد من خلاله الدور العربي".

 وكان بشار الأسد قد أدلى بهذه التعليقات خلال مشاركته في الاجتماع الدوري الموسع الذي عقدته وزارة الأوقاف التابعة للنظام في جامع العثمان بدمشق، بتاريخ السابع من الشهر الجاري، وحاول في حديثه "شدّ عصب" نظامه داخلياً بالعودة الى التحالف مع "الإسلام السني" الذي يدين به غالبية سكان البلاد، بعد أن نكّل بهم النظام خلال الثورة السورية، وهدم معظم مدنهم، وهجّر نحو نصفهم خارج سورية، فيما يعتقد أنه استعداد من جانب النظام لأية استحقاقات سياسية مقبلة مثل الانتخابات الرئاسية أو إقرار دستور جديد للبلاد.

تكريس الشوفينية

من جهته، اعتبر "حزب الاتحاد السرياني" في بيان سابق له أن خطاب الأسد يدل على أن نظامه يواصل سياسة والده في "عدم الاعتراف بالهويات الأصلية لسورية، ومنها الهوية السريانية"، وأضاف الحزب أن "إعطاء طابع الهوية والدين الواحد لسورية يعتبر تكريساً للنزعة الشوفينية الإقصائية للنظام، التي قادت البلاد إلى ما هي عليه الآن من وضع مأساوي، وبالتالي، انسداد الحل، وتعميق الأزمة".

واعتبر الحزب أن خطاب الأسد هدفه "إرضاء عواطف فئة من المجتمع السوري بهدف الاستمرار في الحكم"، وأكد أن هذه السياسة غير مجدية، ولن تسهم إلا في تعميق الأزمة السورية.

خطاب الأسد هدفه "إرضاء عواطف فئة من المجتمع السوري بهدف الاستمرار في الحكم"

وخلص إلى القول إن الحزب يرفض هذه التصريحات "المهينة للشعب السرياني، ولعموم سورية، ويؤكد في الوقت نفسه أهمية دور العرب وتاريخهم وثقافتهم، وكذلك الكرد، وبقية المكونات. ويرى أن استمرار هذه العقلية للنظام السوري، تجعله بعيداً عن الحل السياسي المطلوب، ما يستدعي توحيد جهود المعارضة السياسية الديمقراطية لتحقيق أهداف الشعب السوري في تحقيق التغيير المنشود في البلاد".

ويعد الآشوريون، وهم نفسهم السريان مع اختلافات في الطوائف الدينية لكل منهما، حيث يتبع السريان الكنيسة السريانية الغربية، والآشوريون الكنيسة السريانية الشرقية التي تسمى أيضاً "نسطورية"، من أقدم الشعوب التي سكنت المنطقة واعتنقت المسيحية منذ القرن الأول الميلادي.

وخلال القرون الماضية تعرّض بقايا الآشوريين لمجازر كثيرة، وحاولوا الحفاظ على هويتهم الثقافية، معتمدين بذلك على الكنيسة التي ساعدت في حفظ لغتهم حتى اليوم.

وتقدر مصادر غير رسمية عدد الآشوريين في سورية بنحو 30 ألفاً قبل الثورة السورية من ضمن نحو مليون ونصف مليون مسيحي في مجمل البلاد، ومن المرجَّح أن يكون هذا العدد قد تناقص إلى حد ما خلال الحرب، بفعل الهجرات، ونتيجة تعرضهم لهجمات عدة من تنظيم "داعش".

وعلى غرار الأكراد، حاول الآشوريون تأطير أنفسهم في تنظيمات سياسية وعسكرية، أبرزها المنظمة الآثورية، وحزب الاتحاد السرياني، وقوات "السوتورو"، التي يتوزع ولاؤها بين النظام السوري و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد).