بعد تقرير "العربي الجديد"... الأزهر يؤكد سحب بيانه عن غزة تجنُّباً لتعطيل مفاوضات الهدنة
استمع إلى الملخص
- جاء سحب البيان بعد اتصالات من جهات سيادية مصرية، حيث طُلب من المواقع الإخبارية سحب البيان لتجنب التأثير السلبي على المفاوضات الجارية.
- يُظهر هذا الإجراء تغليب الأزهر للمصلحة السياسية على مواقفه المبدئية، مما يثير الجدل حول استقلاليته في التعبير عن القضايا القومية والدينية.
أكد المركز الإعلامي للأزهر الشريف، في بيان رسمي اليوم الثلاثاء، ما نشره "العربي الجديد" يوم أمس بشأن سحب بيان الأزهر الأخير الذي وصف ما يجري في قطاع غزة بـ"جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان"، موضحًا أن القرار جاء بدافع "المسؤولية الشرعية والوطنية" للحفاظ على فرص إنجاح المفاوضات الجارية حول هدنة إنسانية في القطاع المحاصر.
وقال المركز الإعلامي في بيانه: "تابع المركز الإعلامي للأزهر الشريف ما أثير من تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن بيان الأزهر الشريف المتعلق بالأوضاع في غزة، موضحًا أن هذا القرار جاء انطلاقًا من المسؤولية التي يتحملها الأزهر الشريف أمام الله عزّ وجل تجاه قضايا أمتينا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ونصرة أهل غزة المستضعفين". وأضاف البيان أن الأزهر "بادر بسحب بيانه بكل شجاعة ومسؤولية أمام الله حين أدرك أن هذا البيان قد يؤثر على المفاوضات الجارية بشأن إقرار هدنة إنسانية في غزة لإنقاذ الأبرياء، وحتى لا يُتخذ من هذا البيان ذريعة للتراجع عن التفاوض أو المساومة فيه".
وأشار الأزهر إلى أنه "آثر مصلحة حقن الدماء المسفوكة يوميًا في غزة، وأملاً في أن تنتهي المفاوضات إلى وقف فوري لشلالات الدماء، وتوفير أبسط مقومات الحياة التي حُرم منها هذا الشعب الفلسطيني المظلوم"، مختتمًا بدعاء إلى الله أن يمنح أهل غزة "مزيدًا من الصبر والصمود والسكينة، وأن يحرسهم بعينه التي لا تنام".
وتأتي هذه التصريحات بعد نشر "العربي الجديد" تقريرًا استند إلى مصادر مطلعة، كشف أن شيخ الأزهر أحمد الطيب، تلقى اتصالات مباشرة من جهات سيادية مصرية، أبلغته أن البيان الأصلي قد يضر بالموقف الدبلوماسي الرسمي إزاء مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية حاليًا. ووفقًا للمصادر، فقد طُلب من المواقع الإخبارية المصرية، بما فيها منصات تابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، سحب البيان فورًا، بحجة أنه "قيد التعديل"، وهو ما لم يحدث حتى اليوم.
ويعد تأكيد الأزهر لهذا الإجراء سابقة نادرة في تاريخ المؤسسة الدينية، التي لطالما عُرفت بمواقفها الثابتة في دعم القضية الفلسطينية، إذ يُظهر البيان الرسمي إقرارًا ضمنيًا بتغليب اعتبارات "المصلحة السياسية" على موقفها المبدئي الذي تضمن عبارات شديدة اللهجة، حمّلت الاحتلال الإسرائيلي وحلفاءه مسؤولية الجرائم الإنسانية في غزة. ويعيد هذا التطور الجدل حول حدود استقلالية الأزهر في التعبير عن مواقفه، خاصة في ما يتعلق بالقضايا القومية والدينية الكبرى، في ظل تشديد الدولة قبضتها على المجالين الإعلامي والديني، وحرصها على التحكم في الخطاب العام بما يتوافق مع حساباتها السياسية والدبلوماسية.