الأردن: رئيس الحكومة المكلف أمام اختبار كورونا والانتخابات

الأردن: رئيس الحكومة المكلف أمام اختبار كورونا والانتخابات

09 أكتوبر 2020
مواجهة كورونا أولوية لحكومة الخصاونة المرتقبة (Getty)
+ الخط -

يستعد الوزير السابق والدبلوماسي بشر الخصاونة، مستشار العاهل الأردني الأبرز ومدير مكتبه، لتشكيل حكومة أردنية جديدة، بعد أن فرض الاستحقاق الدستوري رحيل حكومة عمر الرزاز، عقب حلّ المجلس التشريعي أخيراً. وتبدو المهمة صعبة للغاية أمام الخصاونة، في ظلّ التحديات التي تعيشها المملكة من ازدياد ضحايا جائحة فيروس كورونا، إلى ارتفاع معدل البطالة الذي بلغ 23 في المائة، فضلاً عن مديونية يزيد حجمها على 45 مليار دولار، فيما نسبة الفقراء لا تقلّ عن 15 في المائة من السكان. كذلك، ما زال الاحتقان منذ أزمة الحكومة مع نقابة المعلمين مستمراً. كل ذلك، في وقت تعدّ فيه القدرات لدى الحكومة محدودة، بينما آمال المواطنين مرتفعة.
وكلّف العاهل الأردني، عبد الله الثاني، مساء الأربعاء، بشر هاني الخصاونة تشكيل حكومة جديدة، أكد أنّ الأولوية لعملها، مواجهة جائحة كورونا وتداعياتها الصحية والاقتصادية، فيما لا يقل إجراء الانتخابات النيابية المقررة في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل عنها أهمية. لذا، طلب الملك من الحكومة وجميع مؤسسات الدولة دعم عمل الهيئة المستقلة للانتخابات، وتزويدها بكل السبل الكفيلة بإجراء انتخابات نزيهة، واتخاذ التدابير والإجراءات الوقائية اللازمة، لحماية صحة المواطنين خلال عملية الاقتراع. ويؤشر ذلك على أنّ الانتخابات في موعدها.

الجولاني: الحكومة الجديدة ستكون أقرب إلى حكومة تصريف الأعمال

ويرى مراقبون أنّ حسن اختيار الفريق الوزاري هو أولى علامات التوفيق، فيما سيكشف ردُّ الرئيس المكلّف على خطاب التكليف مدى استقلاليته وقدرته على أن يكون رئيساً للوزراء يملك الولاية العامة، خصوصاً أنّ خبرته في الشأنين الإقليمي والدولي كبيرة، وذلك خلال عمله دبلوماسياً في عواصم عربية وأجنبية عدة.
ويقول المحلل السياسي الأردني، عاطف الجولاني، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الحكومة الجديدة ستكون أقرب إلى حكومة تصريف الأعمال، فقد جاءت بعد رحيل حكومة الرزاز في إطار استحقاق دستوري"، إذ تنص الفقرة الثانية من المادة الـ 74 من الدستور الأردني على أن "الحكومة التي يُحلّ مجلس النواب في عهدها تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها تشكيل الحكومة التي تليه".
ويرى الجولاني أنّ الملف الأهم أمام حكومة الخصاونة، إجراء الانتخابات البرلمانية، خصوصاً أنّ رحيل الحكومة السابقة، كان لأسباب فرضها الدستور، وتتعلّق بإجراء الانتخابات. أما الملف الثاني، وفق المحلل السياسي نفسه، فهو المتعلق بالجانب الصحي، وتحديداً جائحة كورونا، في ظلّ ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، فضلاً عن انعكاس هذا الملف على الوضع الاقتصادي. ويقول الجولاني: "لا أعتقد أنّ الحكومة الجديدة قادرة على خفض عدد إصابات كورونا بشكل سريع، فمواجهة الفيروس هي سياسة دولة ومؤسسات، ولكن الحكومة ستستمر بحشد الإمكانات لمواجهة تطور الجائحة"، مؤكداً أنّ "على الحكومة الجديدة متابعة التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا، التي أفرزتها قرارات حكومة عمر الرزاز المستقيلة، مثل الإغلاقات والإجراءات المتشددة الأخرى".

وبشأن الانتخابات، يشير الجولاني إلى أنّ "التحدي الأساسي أمام حكومة الخصاونة، هو إدارة هذه العملية، وهل ستكون نزيهة وشفافة، ومرضية للقوى السياسية"، معتبراً أنّ ذلك هو "المفصل الأساسي بالحكم على الحكومة وتقييم مدى نجاحها".
وحول السياسة الخارجية الأردنية في عهد الخصاونة، يرجح الجولاني ألا يحدث تغيّر يذكر، ويوضح أنّ "السياسة الخارجية الأردنية هي سياسة دولة وليست رئيس حكومة". ويلفت الجولاني إلى أنّ "شخصية الرئيس المكلف الدبلوماسية لن تؤثر بموقف الأردن السياسي خلال الفترة القريبة المقبلة؛ فموقف المملكة ثابت من القضية الفلسطينية، والموقف من موجة التطبيع الجارية حالياً سيبقى كما هو؛ أي الوقوف على الحياد وعدم تأييد التطبيع أو انتقاده مباشرةً".

الشناق: الحكومة الجديدة حكومة تحديات داخلية في ظرف استثنائي

بدوره، يرى الأمين العام لـ"الحزب الوطني الدستوري"، أحمد الشناق، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الحكومة الجديدة حكومة تحديات داخلية في ظرف استثنائي"، لافتاً إلى أنّ "كتاب تكليف العاهل الأردني حدد لها محاور عملها وطالبها بمدد زمنية للتنفيذ، فالبرنامج يركز على التحديات الداخلية". ويرى الشناق أنّ "مواجهة كورونا أولوية، فقد طالب الملك برفع الطاقة الاستيعابية للمستشفيات، وأسرّة العناية المركزة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، والتوسّع في توفير المختبرات في جميع المحافظات، والمباشرة الفورية في إنشاء المركز الوطني للأوبئة والأمراض السارية". ويقول الشناق: "المرحلة لا تحتمل التجربة، ونجاح رئيس الوزراء يرتبط بتشكيلة الفريق الوزاري الذي يجب أن يكون غير تقليدي ولا يعتمد على الأصدقاء والأقارب، وكل وزارة ذات اختصاص، على وزيرها أن يقدم خطة قبل أداء القسم الدستوري".
ويشير الشناق إلى "ضرورة فتح حوار وطني مع الأحزاب والقوى النقابية، ليشعر الناس بتحمل المسؤولية لإيجاد الحلول للتحديات القائمة". ويضيف: "هذه الحكومة إمّا أن تجد حلولاً قابلة للتطبيق، أو تأخذ البلاد إلى المجهول". ويتابع أنّ "البلاد الآن تمرّ بأزمة، والحكومة غير مكلّفة الإصلاح السياسي، بقدر ما عليها مواجهة المعضلات الاقتصادية والتحديات الصحية"، لافتاً إلى أنّ "رئيس الحكومة الجديد معروف عنه أنّ خبرته أكثر دبلوماسية، إذ إنه من السلك الدبلوماسي، وليس من السلك التكنوقراطي الإداري في الدولة، ولذلك ستعتمد قدرته على إيجاد الحلول على الفريق الوزاري".
من جهته، يقول الكاتب الصحافي في جريدة "الغد" الأردنية، ماجد توبة، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "المشكلة في تشكيل الحكومات الأردنية تتركز في آلية التشكيل وليس في الأشخاص"، معتبراً أنّ "الآلية الحالية قاصرة وغير قادرة على إيجاد الحلول". ويوضح: "نحن لا نستفيد من الدروس التي مررنا بها، والقصة ليست قصة شخوص، بقدر ما هي مرتبطة ببرنامج الحكومة المقبلة، وما الذي يمكن أن يقدمه الرئيس المكلف على صعيد محاور الأزمة المتغلغلة في الواقع الأردني؛ اقتصادياً واجتماعياً، وعلى صعيد حالة عدم اليقين التي يمرّ بها المجتمع".
ويرى توبة أنّ "واقع الحكومة المنتظر تشكيلها، يتلخص بأنها حكومة انتقالية لفترة مقبلة تدير الانتخابات"، معتبراً أنّ "إدارة أزمة كورونا لا تقلّ أهمية، في ظلّ تداعيات الجائحة على الاقتصاد والأوضاع الصحية". ويشير إلى أنّ كل ذلك "لا يمنع أن يمتد عمر الحكومة المقبلة إلى ما بعد الانتخابات المقررة في 10 نوفمبر المقبل".
ويؤكد توبة أنّ "الأردن يحتاج إلى حكومة توافق وطني ذات برنامج سياسي واضح، قبل البرنامج الاقتصادي، للخروج من الأزمات الحالية، فالإصلاح السياسي يقود إلى المسائل الاقتصادية"، مشيراً إلى أنّ رئيس الوزراء "يحتاج إلى ولاية عامة حقيقية لإدارة الأمور".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية