Skip to main content
الأحزاب الجزائرية في رمضان: تقلص لافت للنشاط السياسي
عثمان لحياني ــ الجزائر
أبو الفضل بعجي الأمين العام لجبهة التحرير الوطني (العربي الجديد)

 

يشهد النشاط السياسي في الجزائر انكفاء لافتا في شهر رمضان، حيث تتقلص أنشطة الأحزاب السياسية بشكل كبير، على الرغم من جملة المشكلات التي تطرح في الساحة، والتي يفترض أن تستدعي متابعة نشطة من قبل الأحزاب السياسية والكتل النيابية الممثلة لها في البرلمان، خاصة المتعلقة بقضايا الأوضاع المعيشية وملف الحريات.

وترجئ أغلب الأحزاب السياسية في الجزائر أنشطتها إلى ما بعد شهر رمضان المبارك، فحزب جبهة التحرير الوطني، الذي يحوز على أكبر الكتل النيابية، نظم ندوة وحيدة خلال شهر رمضان، خصصها لمناقشة قضية تغيّر الموقف الإسباني من النزاع في منطقة الصحراء، وتداعياتها على المسارات السياسية للنزاع وموقف الجزائر، وهي ندوة استغلها الحزب لإظهار دعمه للمواقف الرسمية للجزائر، باعتباره أبرز الأحزاب الموالية للسلطة.

 فيما استغل حزب جيل جديد شهر رمضان لعقد ندوتين نظمهما المجلس العلمي للحزب، حول التنظيم الروحي للمجتمع الجزائري، كما يحضر الحزب لتنظيم ندوة ثانية في 21 إبريل/ نيسان الجاري، حول تداعيات النزاع الروسي الأوكراني على الجزائر، على الصعيد السياسي والاقتصادي.

 من جهتها، اختارت الأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي، إقامة أنشطة ذات صلة مباشرة بالشهر الفضيل. حركة مجتمع السلم وهي أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، قلصت أيضا أنشطتها السياسية في شهر رمضان، ما عدا اللقاءات التنظيمية الدورية وبعض أنشطة نوابها في الولايات.

واكتفت الحركة بالتحضير لحفل الإفطار السنوي الذي تقيمه كل عام، والذي يتحول في الغالب إلى محفل سياسي، كما تحضر حركة البناء الوطني من جهتها لحفل إفطار تقيمه في منطقة وهران غربي الجزائر، يعد مناسبة أيضا لطرح مواقف سياسية بشأن مختلف التطورات الراهنة.

على صعيد آخر، تنشغل بعض الأحزاب السياسية التي انتهت عهدة قياداتها الحالية، بالتحضير لعقد مؤتمراتها العامة مباشرة بعد عيد الفطر، على غرار التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي يعقد مؤتمره الوطني في شهر يونيو/ حزيران المقبل، حيث بدأ التنافس مبكرا بين القيادات لشغل منصب رئيس الحزب خلفا للرئيس الحالي محسن بلعباس، الذي فضّل إقرار التداول على القيادة، إضافة إلى جبهة القوى الاشتراكية، التي دخلت في نفس مسار التحضير لمؤتمرها، حيث قررت قيادة الحزب قبل أسبوع عقد مؤتمرها في 29 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

 بخلاف ذلك، يظهر حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية تمسكاً بملف الحريات ومناقشة قضايا المعتقلين من النشطاء والملاحقات القضائية الجارية بحق عدد منهم. ونظمت الحركة السبت الماضي ندوة حول الحريات والتضامن مع معتقلي الرأي، شارك فيها محامون وناشطون حقوقيون، وأثيرت خلالها مسألة الدعم السياسي اللازم من قبل الأحزاب وقوى المجتمع المدني لصالح قضايا الحريات، والضغط لوقف السياسات التي تنتهجها السلطة ضد المعارضين لمواقفها وخياراتها.

غالبية الأحزاب السياسية في الجزائر، تبدي تجاهلاً لافتاً للقضايا الاجتماعية

 وما عدا بعض البيانات التي تحذر من تداعيات تدهور القدرة الشرائية للجزائريين في الفترة الأخيرة، فإن غالبية الأحزاب السياسية في الجزائر، تبدي تجاهلا لافتا للقضايا الاجتماعية التي تطرح نفسها بشكل لافت خلال شهر رمضان، خاصة، في ظل تزامن هذا العام مع ارتفاع أسعار المواد التموينية وندرة بعض السلع كالحليب والزيت، والاحتقان العمالي نتيجة الزيادات غير المناسبة للأجور.

ولا يجد المراقبون تفسيرا لغياب وتجمد الأنشطة السياسية في الجزائر خلال هذا الشهر، فبغض النظر عن خصوصيات الشهر الفضيل الذي ينصرف فيه الناس إلى مجالات أخرى، فإن طبيعة القضايا والمشكلات الراهنة تفرض متابعة واهتماما من قبل الأحزاب السياسية.

وضع طارئ

 ويعتبر المحلل السياسي محمد بناي أن هذا الوضع يمكن أن يوصف بأنه طارئ على نشاط الأحزاب الجزائرية، فقبل سنوات كان الفعل السياسي نشطا في رمضان والأحزاب السياسية لها حضور، وكانت تعقد جلسات نيابية بعد الإفطار عندما تتعلق الأمور بقضايا حيوية".

وأضاف: "أعتقد أن هناك الإكراهات الاجتماعية هي نفسها ضاغطة على الأحزاب السياسية، ومع الظروف التي نتجت بعد الحراك الشعبي والإحباطات التي حصلت، فإن غالبية الأحزاب وجدت نفسها في مسافة نوعية في مقابل زيادة احتكار السلطة لكل نقاش ذي صلة بقضايا حيوية، ولذلك يمكن أن نلاحظ أنه حتى الأنشطة التي قامت بها بعض الأحزاب في رمضان هي أنشطة تخص مواضيع تصب في نفس مواقف السلطة فحسب".