الأحزاب الجزائرية تواجه تحدي جمع التوقيعات للانتخابات المحلية

الأحزاب الجزائرية تواجه تحدي جمع التوقيعات للانتخابات المحلية

08 سبتمبر 2021
أحزاب تتخوف على حظوظها الانتخابية (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

عبّرت عدة أحزاب جزائرية أخيراً عن استيائها من شرط جمع قرابة 800 ألف توقيع لدخول غمار المنافسة في الانتخابات المحلية التي تُجرى في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، منتقدة عدم تكييف القانون الانتخابي الجديد مع الظروف السياسية الراهنة في البلاد والطابع المحلي للانتخابات البلدية والولائية المقبلة.
وتواجه الأحزاب الجزائرية متاعب جدية في عملية جمع التوقيعات من الناخبين بسبب النصاب القانوني المطلوب جمعه عن كل مقعد في المجالس البلدية البالغ عددها 1541 مجلساً، والمجالس الولائية البالغ عددها 58 مجلساً.
ويصل عدد التوقيعات المطلوبة للمشاركة في كل الولايات والبلديات إلى 800 ألف توقيع فردي، وفق تقديرات الأحزاب، ما يضعها أمام تحدي جمع التوقيعات قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، لضمان مشاركتها في كل البلديات والولايات، على الرغم من أن القانون الانتخابي لم يحدد مجموعاً وطنياً ملزماً، وسمح بجمع التوقيعات المطلوبة لكل قائمة بلدية أو ولائية على حدة.
وكانت غالبية الأحزاب تفضل أن يحدد القانون الانتخابي سقفاً معيناً من لائحة وطنية للتوقيعات يجمعها الحزب السياسي، على غرار ما طُبِّق في الانتخابات النيابية عندما ألزمت الأحزاب بجمع لائحة توقيعات وطنية تضم 25 ألف توقيع، تسمح للحزب بتقديم قوائمه في كل الولايات، أو تحديد لائحة ولائية للتوقيعات تسمح بالترشح في كل بلديات الولاية، بدلاً من شرط 35 توقيعاً لكل مقعد بلدي وولائي.
وعن ذلك، قال القيادي المحلي لـ"حركة مجتمع السلم" بولاية وادي سوف (تقع على بعد 650 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة الجزائر) هشام تواتي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "في بلدية مثل بلدية الواد، وتضم 33 مقعداً في المجلس البلدي، يتعين على القائمة جمع 1155 توقيعاً، وإذا أخذنا بالاعتبار أن أصغر بلدية تضم 13 مقعداً، فهذا يعني أن القوائم ستعاني مشكلة كبيرة في جمع التوقيعات محلياً، خاصة في ظل ظروف العزوف الكبير للناخبين عن العملية الانتخابية".
وينصّ القانون الانتخابي بعد التعديلات الأخيرة التي أدخلها عليه الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون قبل أسبوعين، في المادة 318 على أنه يتعين على مجموع قوائم المرشحين للانتخابات البلدية والولائية، سواء تلك التي قُدِّمَت باسم حزب سياسي أو مستقلين، توفير نصاب قانوني من التوقيعات الفردية من الناخبين، بمعدل 35 توقيعاً لكل مقعد مطلوب شغله، في المجلس البلدي أو المجلس الولائي، محل التنافس الانتخابي.
وتعتبر الأحزاب السياسية أن المعطيات القانونية وأداء الجهة الوصية على الانتخابات قد تكرس عزوفاً انتخابياً وتؤدي إلى صناعة كتلة انتخابية موجهة مسبقاً، ولا تراعي أهمية الانتخابات المحلية وتأثيرها بإدارة شؤون المواطن والجماعات المحلية.
ووصفت كبرى الأحزاب الإسلامية، "حركة مجتمع السلم"، في بيان سابق، الحالة الانتخابية الراهنة، ونص القانون الانتخابي، بأنه يسهم في "تعقيد الإجراءات القانونية المتعلقة بجمع التوقيعات بالنسبة إلى الأحزاب السياسية حيث يجمع الحزب الذي يقرر المشاركة في كل الولايات والبلديات عدداً خيالياً من التوقيعات يصل معدله إلى 800 ألف استمارة توقيع، في الوقت الذي نصّ فيه القانون على جمع 50 ألف توقيع للانتخابات الرئاسية و25 ألف توقيع كحالة استثنائية للانتخابات التشريعية الماضية".
وطالبت الحركة سلطة الانتخابات بضرورة إزالة العوائق البيروقراطية والقانونية ومراعاة الصيغ العملية المناسبة والعادلة لإجراء الانتخابات المحلية.
وأعربت "جبهة العدالة والتنمية" عن القلق والمخاوف نفسها من إلزام الأحزاب السياسية بجمع 800 ألف توقيع، لضمان مشاركة قوائمها في الانتخابات البلدية والولائية المقبلة، ووصفت ذلك بـ"الشرط التعجيزي".
وأفاد بيان لمجلس شورى الحركة المنعقد هذا الأسبوع، بأنه "نظراً لمحدودية التعديلات التي أُدرجت في قانون الانتخابات الذي أثبت عجزه على تأطير العمليات الانتخابية وخاصة الإبقاء على الشروط التعجيزية المرتبطة بالتوقيعات والتي تفوق في حالة الدخول في كل البلديات والمجالس الشعبية الولائية عدد 800 ألف توقيع فردي، وهو أمر لا يقبله عاقل.
وأضاف البيان: "هي عقبة وضعت في وجه الأحزاب لتحجيم الكثير منها، وكذلك الإبقاء على عقبات في وجه حق الرقابة والحق في متابعة أعمال اللجان الانتخابية البلدية".
وبحسب بعض المراقبين، قد تلعب هذه الاشتراطات القانونية لمصلحة القوائم المستقلة المتحررة من التسيير المركزي للأحزاب ومخلفاتها السياسية الماضية، خاصة أن السلطة أبدت في الفترة الماضية تشجيعاً لافتاً للمستقلين في الانتخابات النيابية الماضية.

 
وبرغم المواقف التي تعبّر عن قلق سياسي إزاء هذه الاشتراطات، فإن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات لا تملك في الوقت الحالي أية أدوات قانونية لتغيير القانون، خاصة أن البرلمان لم يعد إلى دورته الخريفية، ما يمنع الرئيس الجزائري من استخدام صلاحية التعديل بواسطة مرسوم رئاسي.
واستبعد رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، إجراء أي تعديل حيني لأحكام المادة 318، قبل إجراء الانتخابات في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وقال في مؤتمره الصحافي الأخير، الذي عقده يوم الاثنين الماضي: "في هذه المرحلة يستبعد إجراء أي تعديلات على النصوص القانونية نظراً لضيق الوقت، على عكس الانتخابات التشريعية التي عرفت تعديلاً في قانون الانتخابات من خلال تمديد آجال جمع التوقيعات".
وأشار إلى أن تعديلات ستدخل على قانون الانتخابات، بعد الانتخابات المقبلة، بهدف سد بعض الثغرات التي ظهرت خلال تطبيق هذه القانون منذ الانتخابات النيابية الماضية، كذلك فإن الأحزاب التي تحوز كتلاً نيابية في البرلمان يمكنها أن تبادر إلى ذلك.