استمع إلى الملخص
- تعرضت السويداء لحملة تخوين بعد تصريحات نتنياهو حول حماية الطائفة الدرزية، وأكد الناشطون أن إسرائيل تسعى لزرع الفتنة، داعين لبناء دولة موحدة تحكمها العدالة الاجتماعية بعيداً عن التعصب الديني.
- شملت احتجاجات درعا أكثر من 14 مدينة وبلدة، واعتبر المتظاهرون تصريحات نتنياهو انتهاكاً للسيادة السورية، داعين لوحدة الشعب والضغط الدولي لمواجهة المشاريع التقسيمية.
احتشد الآلاف من أبناء محافظتي درعا والسويداء في ساحة 18 آذار بمدينة درعا، وساحة الكرامة بمدينة السويداء، اليوم الثلاثاء، رفضاً لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد، التي طالب فيها بـ"إخلاء جنوب سورية من القوات العسكرية للنظام الجديد بشكل كامل"، منددين بخطاب الوصاية الذي صرح به نتنياهو، مؤكدين رفضهم لأي وصاية خارجية، ومعتبرين أن الغاية من هذه التصريحات زرع الفتنة، وشق الصف بين أبناء الوطن الواحد.
ورداً على مشروع نتنياهو، رفع المحتجون العلم الفلسطيني إلى جانب علم الثورة السورية، ورفعوا شعارات تدين التدخلات الإسرائيلية في الجنوب السوري، وتطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف واضح تجاه التدخلات الاسرائيلية في الجنوب السوري. وألقى إمام جامع مدينة شهبا، الشيخ سليمان الهوارين، كلمة بالمحتجين في ساحة الكرامة في السويداء، أكد فيها وحدة الصف، وتضافر الجهود في مواجهة مخططات إسرائيل، مشيراً إلى أن أبناء السويداء بجميع مكوناتها، يقفون موقفاً وطنياً واضحاً ضد هذا الخطاب العدائي. وأكد عروبة أبناء المنطقة، ونضالهم التاريخي في وجه كل الاحتلالات التي مرّت، مذكراً بتاريخ الأجداد، وسلطان الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى، ورفضه لتقسيم سورية، ومقارعته للاستعمار، وكذلك الهزائم التي مُني فيها كل استعمار وكل مضطهد، وصولاً إلى تحرير سورية من حكم آل الأسد.
وتتعرض السويداء منذ يوم أمس، لحملة تخوين كبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إثر التصريح الذي ادعى فيه نتنياهو مسؤوليته عن حماية الطائفة الدرزية في السويداء، ووجه من خلاله تحذيراً للإدارة السورية يرفض من خلاله وجود قوات الجيش السوري الجديد في الجنوب السوري. وعن هذا الأمر، قال الناشط السياسي ناظم سلوم لـ"العربي الجديد": "غالباً ما اشتغلت الحكومة الإسرائيلية على زرع الفتنة بين مكونات الشعب السوري، وأججت النزاعات الطائفية والعشائرية، وفككت البنى الاجتماعية للشعب السوري تماماً كما نظام الأسد البائد، وغالباً ما وصلت إلى غاياتها نتيجة الجهل والتعصب الديني الذي ما زال ينخر في جزء كبير من الشعب السوري، والذي يمثل دوماً الأداة والبيادق لمشاريع إسرائيل في المنطقة".
وأضاف: "المشكلة في شعبنا قبل أن تكون في إسرائيل، فنحن منذ نشأتنا ندرك أن إسرائيل دولة احتلال، وتهدف إلى التوسع على حساب الشعب العربي، وإلى تهجير الشعب الفلسطيني إلى الدول العربية، ومنها سورية، وكل السوريين يعلمون أن نظام الأسد عمل في خدمة مشاريعها لأكثر من خمسين عاماً، ودمر سورية أرضاً وشعباً تحت شعارات الممانعة والمقاومة وغيرها"، وقال: "لكن آن الأوان لأن يستفيق الشعب السوري ويسعى لبناء الدولة الموحدة، التي لا يعيبها الاختلاف الديني أو الطائفي أو الإثني أو المناطقي، والتي يحكمها القانون العادل والعدالة الاجتماعية تحت سقف الوطن. وهذا يحتاج إلى تلاحم بين الشعب والقيادة من أجل تخطي الماضي بكل جراحه، والنهوض بالإعمار، وبناء الإنسان السوري".
من جهته، قال الناشط السياسي جهاد شهاب الدين لـ"العربي الجديد": "ما أشبه اليوم بالأمس. فبالأمس القريب، هجّر بشار الأسد جزءاً كبيراً من الأقليات، وقتل نصفهم تحت شعار حماية الاقليات، واليوم يعود نتنياهو ليكرر الشعار نفسه بعدما هجّر وقتل ودمر نصف فلسطين ونصف لبنان". وشدد على أنه "لن ننسى أن نتنياهو كان الراعي الأول لكل المجازر التي ارتكبها بشار الاسد، فهو الراعي الأول لمجازر البراميل والكيميائي، والمعتقلات، والسجون، وكل محرقة سورية، وأن كل محاولاته للتدخل السافر في الجنوب السوري، ما هي إلا لخلق النزاعات بين أبناء الشعب السوري، ولتضليل المجتمع الدولي، وتبرير أي عدوان يقوم به في المنطقة".
أما في ما يخص موقف الحكومة والإدارة السورية، فلفت شهاب الدين إلى أن الواجب يقتضي من كل أبناء الشعب السوري أن يعبّروا عن موقفهم تجاه تصريحات نتنياهو، وليس فقط أبناء السويداء ودرعا، وأن تصدر السلطات السورية بياناً رسمياً رافضاً لهذه التصريحات، ونحن في الجنوب السوري نستغرب الصمت الذي تبديه حكومتنا تجاه هذه التصريحات، وما سبقها من توغلات للاحتلال الاسرائيلي في الجنوب السوري". وأسف "لأن نكون في الجنوب، وخصوصاً في السويداء، في موقع الاتهام، وأن نحتاج لشهادات في الوطنية وكأننا نحن من أصدر تلك التصريحات".
احتجاجات في أكثر من 14 منطقة في درعا
وشملت التظاهرات والاحتجاجات التي اندلعت في درعا اليوم، أكثر من 14 مدينة وبلدة في أنحاء المحافظة، من بينها مدينة درعا، وبصرى الشام، وأنخل، ونوى، والحراك، وجاسم، وداعل. واعتبر المتظاهرون أن تصريحات نتنياهو انتهاك كبير لشؤون الدولة السورية والسيادة الوطنية، مؤكدين وحدة الأراضي والمصير المشترك للشعب السوري. وطالب المحتجون، المجتمع الدولي والدول العربية، باتخاذ موقف حاسم من الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب السوري.
بدورها، أدانت نقابة إعلاميي درعا في بيان أصدرته يوم أمس الاثنين، التصريحات الإسرائيلية، ودعت إلى احتجاجات يومية رافضة لكل أشكال التدخل الخارجي في سورية. واعتبرت في بيانها أن هذه التصريحات استفزازية، وتمثل تصعيداً خطيراً ومحاولة لزعزعة استقرار الوطن. كذلك طالب البيان الجهات المعنية باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية سيادة الدولة والرد على هذه التصريحات والاعتداءات.
وفي السياق، اعتبر الناشط المدني محمد العاسمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذه التصريحات انتهاك واضح لسيادة الوطن، مشدداً على أن على كامل الشعب السوري والقيادة أن يتصديا لها بالتظاهر والاحتجاج بعيداً عن المواقف الذاتية والشعبوية، فنحن أمام استحقاق بناء وطن يتعرض لأبشع حالات الانتهاك، فقد وصلت آلة الحرب والاعتداء الإسرائيلي إلى بلداتنا وقرانا في القنيطرة، وحوض اليرموك، ومناطق درعا الغربية، وبات واضحاً أن مشروعاً تقسيمياً تسعى له إسرائيل والعديد من الدول، ومنها دول إقليمية قد بدأ على أرض الواقع، ولن تردعه إلا وحدة الشعب السوري والضغط الدولي والعربي إن وُجد. وتابع: "نحن المواطنين نعيش في هذه المنطقة، أي مشاريع احتلال أو تقسيم ستكون مفتاحاً لنزاعات أهلية وحروب مناطقية وعشائرية لن تعود إلا بالجحيم على أبناء المنطقة".