استمع إلى الملخص
- انتقد المتحدثون موقف الحكومة البريطانية، حيث أشار بيتر ليري إلى تواطؤها مع الجرائم الإسرائيلية، ودعت ليندسي جيرمان لوقف دعم التسليح، بينما طالب الصحافي أحمد الناعور بموقف حازم لوقف الإبادة.
- أبرز الفنانون دورهم في كسر الصمت، حيث دعا خالد عبد الله للوعي والمشاركة، وأكدت جولييت ستيفنسون على رفع الأصوات ضد الفظائع، بينما دعت بالوما فيث للدفاع عن المظلومين.
خرج الآلاف، اليوم السبت، في العاصمة البريطانية لندن، في تظاهرة احتجاجية على المجازر الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة بعد خرق إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار، التي راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى. وطالب المتظاهرون بالقرب من السفارة الإسرائيلية بإغلاق السفارة وطرد السفيرة الإسرائيلية تسيبي حوتوفيلي من بريطانيا بسبب انتهاك إسرائيل القانون الدولي واستهداف المدنيين والأطفال عمداً. وتظاهر المشاركون بالقرب من السفارة الإسرائيلية بعد أن منعت الشرطة التظاهر أمامها.
وتحدث في التظاهرة عدد من الناشطين السياسيين وممثلون عن حركات تضامن ومناهضة للحرب وفنانون، في الوقت الذي دعا فيه المنظمون من حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني إلى المشاركة في حملة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية من المتاجر يوم الجمعة المقبل، والمساهمة في إنجاح أسبوع مقاومة الأبرتهايد الإسرائيلي في الجامعات البريطانية الأسبوع المقبل.
وقال بيتر ليري من حركة التضامن مع فلسطين في المملكة المتحدة: "منذ 17 شهراً وقفنا في تضامن مع الشعب الفلسطيني في أحلك ظرف يمرّ فيه عبر تاريخه وفي ظل المجازر الفظيعة التي ترتكبها إسرائيل. نحن لم نتأمل فقط في هذه الأوقات العصيبة، بل شاركنا آمال الشعب الفلسطيني، ويوم الاثنين خرقت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار وآمال الفلسطينيين، بدعم من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأيضاً بصمت من رئيس حكومتنا كير ستارمر. خلال أيام إسرائيل قتلت المئات وتهدد باستمرار القتل. يوم الاثنين حصل شيء غريب في مجلس العموم، وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي قال بصدق إن إسرائيل تنتهك القانون الدولي. للأسف، لحظة الصدق التي عبّر عنها لامي لم تدم، وتراجع عن أقواله بضغط من كير ستارمر. الاعتراف بالجرائم الإسرائيلية يعني الاعتراف بالتواطؤ البريطاني مع هذه الجرائم".
أما ليندسي جيرمان، ممثلة حركة "أوقفوا الحرب"، فقالت: "كم من جرائم الحرب علينا أن نرى في غزة حتى تقرّ الحكومة أنّ ما يحصل إبادة جماعية. ستارمر الآن أكبر قائد داعم للتسليح في أوروبا، ويصرف المزيد من المال والميزانيات، حتى الأسلحة من ضمنها أسلحة لإسرائيل. نحن في بريطانيا نناضل منذ أجيال وأجيال من أجل حرية التعبير والتظاهر، وهذه الحقوق الآن تحت التهديد بتأثير من مجموعات مناصرة لإسرائيل، التي تحاول إسكاتنا. السفارة الإسرائيلية السفارة الوحيدة التي لا يمكن التظاهر مباشرة أمامها. يجب طرد السفيرة الإسرائيلية في لندن وإغلاق السفارة بسبب الجرائم المستمرة وانتهاك القانون الدولي في غزة".
من جهته، قال الصحافي الفلسطيني أحمد الناعور، ابن مدينة غزة: "ماذا يجب أن نفعل بعد حتى تأخذ بريطانيا موقفاً لوقف الإبادة في غزة؟ نحن نتظاهر منذ أكثر من سنة ونصف، ماذا علينا أن نفعل حتى يقوم كير ستارمر وديفيد لامي ليقولا إن ما يحصل هو إبادة جماعية وانتهاك للقانون الدولي؟ كيف لسفيرة دولة الإبادة الجماعية أن تمشي في أروقة السلطات في بريطانيا؟ أخرجوها من هنا".
إلى ذلك، قالت إيميلي سيدنسون، وهي ناشطة يهودية بريطانية: "يوجد أشخاص مثلنا يريدون إنهاء الإبادة الجماعية في الكثير من الأماكن حول العالم، ونحن أكثر بكثير ممن يؤيدون هذه الإبادة. كم من الدم على الأرض أن تأخذ؟ في كم من التظاهرات نحو البرلمان علينا أن نخرج؟ كم من الأصدقاء والأطفال علينا أن نخسر حتى تتوقف هذه الإبادة؟ أنا رغم كل الوضع الحالي الذي يدعو إلى التشاؤم، إلا أنني متفائلة بأنني سأشهد في حياتي فلسطين محررة".
وفي السياق، قالت أميرة نوراوي عن حركة "عاملون في القطاع الصحي لأجل فلسطين": "نحن نعلم أن ما يحصل في كل فلسطين إبادة جماعية على مشهد جميع العالم وبدعم هذه الحكومة. نطالب بتحرير كامل لفلسطين والعالم. أنهوا الإبادة من خلال إنهاء الاحتلال. في هذه المرحلة علينا بناء المجتمعات والتنظيم والحشد. نحن كحراك هنا أقوياء وغير قابلين للكسر وصوتنا سيستمر حتى نلتقي في فلسطين الحرة".
فنانون بريطانيون يكسرون الصمت لأجل غزة
أما الفنان المصري البريطاني خالد عبد الله، فقال في مداخلة له: "أريد التحدث بشكل مختلف هذه المرة ومن أمام السفارة الإسرائيلية وفي ظل التهديدات لحرية التظاهرة. هناك تحول كبير في آخر 17 شهراً في العالم، ونسأل أنفسنا: كيف نوقف الإبادة الجماعية التي لم ننجح بوقفها؟ كل شخص هنا يعرف شخصاً ما كان صامتاً، لكنه الآن أصبح مستعداً للكلام. التاريخ يعيد نفسه، إنه تاريخ صعود الفاشية، لكن الفرق أننا نملك الوعي وحولنا أشخاص ما زالوا صامتين وعلينا بدلاً من مهاجمتهم أن نحثهم ليكونوا شركاءنا. لا أحد حر، حتى يصبح كل شخص آخر حراً".
بدورها، تحدثت الفنانة البريطانية جولييت ستيفنسون والممثلة عن منظمة العفو الدولية، قائلة: "أتساءل أحياناً: ماذا نفعل هنا؟ أسبوع وراء أسبوع وإعلامنا نادراً ما يغطي هذه الأحداث والحكومة تتجاهل مطالبنا. لكننا نخرج من أجل إنسانيتنا وكسر الصمت على هذه الإبادة ولنقول إن حياة الفلسطينيين ليست أقل أهمية من حياة أي أحد آخر حول العالم".
وتابعت: "سنكون هنا مهما يتطلب الأمر لنطالب بتطبيق القانون الدولي. أنا أدعو زملائي في صناعة الفن كي يأخذوا دوراً ويرفعوا صوتاً حول الفظائع التي تحصل. أحيّي مَن أخذ موقفاً، لكنني متفاجئة ممن لم يأخذ موقفاً، ما دورنا إن لم نأخذ دوراً في هذه اللحظات الصعبة وأن نسمي الأمور بمسمياتها. الفنانون والكتاب تاريخياً هم من كانوا الصوت العالي في اللحظات التاريخية واليوم هو دورنا. في بعض اللحظات عندما يعكس التاريخ لحظات من اللاعدالة مثلما يحصل في غزة والضفة الغربية، فإن هذا هو الوقت. مم تخافون؟ من خسارة المتابعين في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض التمويل من المؤسسات؟ لكن كل باب يغلق هناك باب سيفتح وتكسب الموقف الأخلاقي".
ولم تتمالك المغنية وكاتبة الأغاني البريطانية بالوما فيث، دموعها، وقالت إنها شعرت بالارتياح عند إعلان وقف إطلاق النار في الأراضي الفلسطينية، لكنها كانت تعيش في قلق دائم من احتمالية انهيار وقف إطلاق النار واستئناف إسرائيل لهجماتها على الأراضي الفلسطينية. وأضافت فيث: "أعرف أن إسرائيل انتهكت كل اتفاقيات وقف إطلاق النار التي وقعتها من قبل، ومع ذلك، ورغم كل الخوف والمعلومات، فأنا لست مستعدة لرؤية مستوى جديد من الوحشية الذي بلغته إسرائيل بعد شهور من الإبادة الجماعية".
وأشارت إلى أن مئات الأطفال قُتلوا خلال 24 ساعة فقط من استئناف الهجمات الثلاثاء الماضي، موضحة: "هذا يعني أن أكثر من 7 أطفال يُقتلون كل ساعة، أي طفل كل 8 دقائق. ولو وقفنا دقيقة صمت على أرواح كل طفل، لصمتنا لأكثر من 300 دقيقة... لكنني لن أصمت". وتابعت: "أنا محظوظة لأنني أمتلك منصة، وإذا لم أستخدمها للتحدث باسم المظلومين، فسأكون شريكة في الظلم الواقع عليهم". ووجّهت فيث تحية لمن يرفعون صوتهم من أجل غزة ويشاركون في التظاهرات. ودعت الجميع إلى الوقوف إلى جانب فلسطين، وقالت: "إلى أولئك الذين لم يتحركوا بعد، اعلموا أن النضال من أجل حرية فلسطين هو نضال من أجل حرّيتنا جميعاً".
وكان وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، قد وصف في ساعات متأخرة من يوم الأحد الماضي، خلال استجواب له في مجلس العموم، ممارسات إسرائيل في قطع المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة بالانتهاك للقانون الدولي، وهو تصريح يدلي فيه لأول مرة وقبل ساعات من خرق إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنه تراجع عن تصريحاته في اليوم التالي بعد توبيخ رئيس الحكومة كير ستارمر له على ذلك.