اقتلاع الشعوب في عالم ترامب

10 فبراير 2025
من تظاهرة ضد ترامب في ليون الفرنسية، 9 فبراير 2025 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يكشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رؤيته لعالم جديد، حيث يتخيل مستقبل دول مستقلة تحت تأثيره، ويعبر عن قدرته على تهجير شعوب بأكملها، مثل سكان غزة، دون توضيح كيفية التنفيذ.

- حركة حماس ترد على تصريحات ترامب ونتنياهو، مؤكدة أن المقاومة الفلسطينية مستمرة، وأن محاولات تهجير القادة الفلسطينيين لم تنجح في الماضي، حيث عادت الأجيال الجديدة لتجدد الثورة.

- ترامب يواجه انتقادات دولية بسبب فرضه عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرات اعتقال بحق قادة إسرائيليين بتهم جرائم حرب.

يكشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تفاصيل عالمه الجديد. رجل يجلس أمام ورقته البيضاء، يتخيّل، يتوهّم، يمحو ويرسم. ولكنه رجل قوي، يخرج للعالم برسوماته كل يوم، كاشفاً عن نواياه تجاه هذا البلد أو ذاك، يرسم مستقبل دول مستقلة لا سلطة للولايات المتحدة عليها، بمجرد تصريح وجرة قلم وشهوة رجل أعمال يريد أن يمتلك العالم، بدون مقابل إذا تيسّر. ويشدد على أنه قادر على تهجير شعب واقتلاعه من أرضه تماماً، وأن دولاً أخرى ستقبل هذا الشتات. ولكن ترامب لا يقول كيف سيُخرج أهالي غزة من أرضهم، كلهم، بدون استثناء، أولئك الذين رأيناهم يسرعون في العودة إلى ما تبقّى من بيوتهم المهدمة، ويمنح طبعاً ترتيب ذلك إلى إسرائيل لتقوم بالمهمة ثم تسلّمه غزة بلا شعب، بلا ناس، بعد أن يتم تهجيرهم كما يقول، أو ربما قتلهم جميعاً.

يتخيّل الرئيس الأميركي هذا الأمر، ولكنه، على الرغم من كل قوة الدمار التي يملكها، يتناسى كيف سعى أسلافه إلى ذلك منذ عقود، وفشلوا، وكيف أنبتت الأرض أجيالاً من المقاومين، بعد أن ظنوا أن المقاومة انتهت، وأن الأمن قد تيسّر بالكامل للدولة السرطان في المنطقة.

عند تسليم أسرى إسرائيليين، أكدت حركة حماس في بيان لها، السبت الماضي، أن "اليوم التالي هو يوم فلسطيني بامتياز، وأن النصر المطلق الذي بحث عنه (بنيامين) نتنياهو طيلة 471 يوماً أوهام تحَطَّمت على أرض غزة". كان الرد على نتنياهو وترامب مرسوماً على تلك اللافتات على سيارات المقاومة "نحن الطوفان... نحن اليوم التالي"، وكان رداً واضحاً وصريحاً على دعوة إسرائيل بمغادرة جميع أو بعض قادة "حماس". يمكن أن يحصل هذا فعلاً، وقد حصل بالفعل في السابق، وخرجت كل القيادات الفلسطينية ونُفيت إلى دول كثيرة وتوسّع شتات الفلسطينيين من حول العالم، ثم ماذا حصل؟ عادوا جميعاً لأن ثورة قامت من جديد على يد أجيال لم تكن تملك إلا الحجارة، واستطاعت أن تُرغم كل القوى الغاشمة على التفاوض.

ونحن اليوم نسمع ونرى، كيف يتحدى ترامب كل العالم، مستهزئاً بالجميع، وكيف صادق على فرض عقوبات اقتصادية وعقوبات سفر تستهدف الأفراد الذين يساعدون في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية، لأنها تتعلق بمواطني الولايات المتحدة أو حلفاء لها مثل الاحتلال الإسرائيلي. وكانت المحكمة قد أصدرت العام الماضي مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ويوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة. ونددت المحكمة في بيان بفرض عقوبات عليها، وصدر بيان آخر مشترك لـ79 دولة تحذّر من عواقب قرارات ترامب ضد المحكمة الجنائية الدولية، ولكن الرفيق ترامب لا يكترث، ففي عالمه الجديد تُمحى شعوب من على وجه الأرض.

المساهمون