اقتحام واسع للأقصى.. ومستوطنون يحاولون وضع قرابين على سطح قبة الصخرة
استمع إلى الملخص
- تتزايد اقتحامات المستوطنين للأقصى بدعم الشرطة الإسرائيلية، مما يهدف لفرض السيادة الإسرائيلية وتقسيم المسجد زمانياً ومكانياً، ويؤدي لتراجع الحضور المقدسي.
- أدانت وزارة الخارجية الأردنية اقتحام المستوطنين، معتبرة ذلك خرقاً للقانون الدولي، مؤكدة أن المسجد الأقصى مكان عبادة خالص للمسلمين، مطالبة بوقف الممارسات الإسرائيلية فوراً.
حاول مستوطنون وضع لحوم قرابين ملوثة بالدماء على سطح قبة الصخرة
اعتداءات تأتي في إطار احتفالات "عيد الأسابيع/شفوعوت" اليهودي
حراس الأقصى تصدوا للمعتدين ومنعوهم من تنفيذ بقية مخططاتهم
في تطور خطير وغير مسبوق، حاول مستوطنون، صباح اليوم الاثنين، وضع قطع من لحوم قرابين ملوثة بالدماء على سطح قبة الصخرة المشرفة داخل المسجد الأقصى المبارك، وذلك في إطار ما يسمّى باحتفالات "عيد الأسابيع/شفوعوت" اليهودي. وقال الناشط من البلدة القديمة بالقدس، أسامة برهم لـ"العربي الجديد"، إن عشرات المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى، وركض بعضهم حاملين قطع اللحم في محاولة رمزية ودينية تهدف إلى تقديم "القرابين" داخل المسجد، لكن حراس الأقصى تصدوا لهم وأغلقوا أبواب مسجد قبة الصخرة لمنعهم من الوصول إليه، الأمر الذي حال دون تنفيذ مخططهم.
واتجه مسار المستوطنين اليوم نحو المصلى القبلي داخل الأقصى بعد اقتحامهم إياه من باب المغاربة (جنوب غرب الأقصى) ثم ركضوا باتجاه قبة الصخرة، محاولين وضع القرابين عليها، في مشهد يحمل دلالة عقائدية لديهم ترتبط بطقوس "التطهير الديني" من الذنوب، وتقربهم ـ بحسب معتقداتهم ـ من لحظة هدم الأقصى وبناء الهيكل، وفق برهم.
ويقول برهم: "تكمن خطورة ما فعله المستوطنون، بأنه فعل لم يكن يحدث سابقًا بهذه السهولة، كون القرابين مرتبطة بعقيدة هدم الأقصى وبناء الهيكل، كما ويأتي هذا التصعيد بعد أسبوع فقط من أحداث ذكرى احتلال القدس وما رافقها من احتفالات تهويدية قادها الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، والتي مرّت دون ردات فعل تُذكر، رغم الاعتداءات والانتهاكات".
ويلفت الناشط المقدسي إلى أنه في الثاني عشر من الشهر الماضي، حاول مستوطنون إدخال قرابين إلى داخل المسجد الأقصى، إلا أن أحد المواطنين المقدسيين تصدى لهم، وتم لاحقًا استدعاؤه وملاحقته، كما تم اعتقال حارس المسجد الأقصى رائد الزغير الذي تدخل لمنع المحاولة، في الوقت الذي تُرك فيه المستوطنون دون محاسبة. ويوضح برهم "بعد حادثة اليوم، يُتوقع أن يُلاحق ويُعتقل ويُبعد حراس الأقصى الذين تصدوا للمستوطنين والقرابين، ما يثير مخاوف من أن تنجح المحاولة القادمة في ذبح القرابين أو وضعها فعليًا على سطح قبة الصخرة في ظل التواطؤ الكامل من الشرطة الإسرائيلية".
ويشير برهم إلى أن قائد شرطة الاحتلال في القدس يصرّح باستمرار بأن "الستاتيكو، أي الوضع القائم في الأقصى لن يُمس أو يتغير"، بينما تواصل الشرطة دعم المستوطنين المقتحمين وتوفّر الحماية لهم، بل وتلاحق موظفي الأوقاف الذين يتصدون لهم، في انتهاك صارخ لصلاحيات الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى، والتي باتت على وشك التلاشي.
ويعتبر برهم أن اقتحام المستوطنين للأقصى من أبواب متعددة، أبرزها باب المغاربة وباب الرحمة، وخروجهم من أي باب يشاؤون، خلافًا للوضع السابق الذي كان الاقتحام فيه عبر باب المغاربة فقط والخروج من باب السلسلة، لتوجيه رسالة واضحة مفادها فرض السيادة الإسرائيلية داخل الأقصى، وتكريس التهويد والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد، وذلك ينفي ادعاء قائد شرطة الاحتلال، التي عملت منذ يومين على تنفيذ إجراءات إسرائيلية مشددة على مداخل المسجد الأقصى، تضمنت نشر مئات العناصر، وإقامة عشرات الحواجز والعوائق التي شلّت الحركة المقدسية.
وتعود أسباب هذا التصعيد بحق الأقصى وفق برهم، إلى عدة عوامل، من أبرزها تكثيف إجراءات التهويد عبر الصلوات التلمودية والسجود الملحمي ورفع الأعلام وزيادة أعداد المقتحمين، وتنفيذ سياسات الاعتقال والإبعاد بحق المقدسيين بشكل مكثف وبحق موظفي دائرة الأوقاف الإسلامية، ما خلق حالة من الردع، وأسفر عن تراجع كبير في مستوى الحضور المقدسي داخل المسجد الأقصى، وسط غياب غير مبرر من مؤسسات أهلية ورسمية.
وبحسب مصادر محلية، فإن اقتحامات المستوطنين تخللتها جولات استفزازية في باحات الأقصى، وأدوا طقوساً تلمودية، بحماية شرطة الاحتلال، وسط تضييقات على المصلين على بوابات المسجد، وحواجز شرطة للاحتلال في محيط البلدة القديمة. وكانت جماعات يمينية متطرفة قد دعت خلال الأيام الماضية إلى تنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى في عيد الأسابيع الموافق اليوم الاثنين. وعادة يقتحم المستوطنون المسجد الأقصى في جميع أيام الأسبوع باستثناء الجمعة والسبت، وتكون ذروة الاقتحامات في أيام الأعياد اليهودية. ومنذ عام 2003 تسمح الشرطة الإسرائيلية أحادياً للمستوطنين باقتحام المسجد من خلال باب المغاربة في الجدار الغربي من المسجد، حيث تتكثف الاقتحامات بشكل ملحوظ في أيام الأعياد والمناسبات اليهودية.
الأردن يدين اقتحام المستوطنين المسجد الأقصى
في السياق، دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين، بأشدّ العبارات، اقتحام المستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى/ الحرم القدسي الشريف، وما رافقه من ممارسات استفزازية مرفوضة تستهدف تدنيسه؛ ما يعد خرقاً فاضحاً للقانون الدولي والوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، والتزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، وأكّد الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير سفيان القضاة، في بيان اليوم الاثنين، رفض الأردن المطلق وإدانتها الشديدة لمواصلة المستوطنين المتطرّفين الاقتحامات المتكرّرة للمسجد الأقصى/ الحرم القدسي الشريف، باعتباره عملاً استفزازيّاً تحريضيّاً مرفوضاً يستهدف فرض وقائع جديدة في المسجد، من خلال محاولة تقسيمه زمانيًاً ومكانيًاً، مُشدّداً على أن لا سيادة لإسرائيل على الضفة الغربية المحتلّة ومقدساتها في القدس المحتلة.
وحذّر القضاة من مغبة وعواقب استمرار هذه الانتهاكات وتكرار محاولات تدنيس المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، التي ما كانت لتحدث دون تسهيل وحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي للاقتحامات اليومية للمتطرفين، مُطالِباً إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بوقف جميع ممارستها غير المسؤولة ووضع حدٍ لها فورياً. وجدّد القضاة التأكيد أنّ المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 دونماً هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤونه، وتنظيم الدخول إليه.