افتتاح معبر الصالحية في دير الزور: مصالح متبادلة

افتتاح معبر الصالحية في دير الزور: مصالح متبادلة

18 يناير 2021
افتتح المعبر برعاية روسية لتسهيل المرور بين ضفتي الفرات (فرانس برس)
+ الخط -

لا تلغي التوترات في العلاقات بين النظام السوري و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) بسبب التنافس على النفوذ والسيطرة، تعاون الطرفين في بعض الأحيان خدمة لمصالحهما المتبادلة، أو درءاً لعدو مشترك. وفي هذا الإطار، تأتي إعادة افتتاح معبر الصالحية البري، بوساطة روسية، الذي يربط بين مناطق سيطرة النظام ومناطق ريف دير الزور الشمالي والحسكة، ويسهم بربط ضفتي نهر الفرات. ويعتبر المعبر الوحيد الذي يصل بين محافظتي دير الزور والحسكة شرقي سورية. وقد أعيد افتتاحه أول من أمس السبت بعد إغلاق دام نحو العام، رغم تشغيله بضع مرات لفترات محدودة، قبل إغلاقه بحجج مختلفة مثل منع انتشار فيروس كورونا، أو تطبيق "قانون قيصر" الأميركي، وأحياناً بسبب مطالبات لأهالي ريف دير الزور في مناطق "قسد"، بوقف التعامل مع النظام عبر المعبر.

وسيسهم المعبر في تسهيل تنقل الأهالي بين مناطق سيطرة "قسد" والنظام، إذ يختصر مسافات طويلة كان يقطعها الأهالي للوصول إلى مدينة دير الزور تصل إلى نحو 70 كيلومتراً للوصول إلى المدينة، مقابل كيلومتر واحد بعد افتتاح المعبر. ويبعد المعبر 7 كيلومترات عن مركز مدينة دير الزور. وبموجب الاتفاق، سيتم افتتاح المعبر 3 أيام أسبوعياً لمرور المواطنين والحالات الإنسانية، إضافة إلى نقل البضائع، من الساعة 9 صباحاً إلى الساعة 3 مساءً. ويرى مراقبون أن النظام السوري يستفيد بشكل كبير من هذا المعبر البري لأن الحركة ضمنه أسهل من المعابر المائية التي تستخدم بين "قسد" ونظام بشار الأسد للتهريب، لا سيما الوقود.

سيسهم المعبر في تسهيل تنقل الأهالي بين مناطق سيطرة "قسد" والنظام

ويسيطر على المعبر من جهة النظام "الفرقة الرابعة" التي تسيطر على معبر بقرص أيضاً في ريف دير الزور الشرقي، واشتهرت بممارسات عناصرها في ابتزاز المدنيين وإجبارهم على دفع إتاوات لقاء عبورهم أو عبور بضائعهم. وتعليقاً على هذا التطور، قال المحلل السياسي المقرب من "قسد"، زاد حسو، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "روسيا حاولت سابقاً أكثر من مرة إعادة افتتاح المعبر، لكن التوترات الميدانية والتناقضات في العلاقة أو المصالح أخّرت الموضوع". ورأى أن المعبر "مهم جداً من الناحية التجارية ومن ناحية تنقلات الأهالي البرية". وأضاف أن "قسد" لا تمانع افتتاح أي معبر يسهل حياة الناس، و"حتى مع العراق، كانت هناك جهود لافتتاح معبر، لكن وجود الحشد الشعبي والتوترات الأمنية على الحدود أعاقا هذه الخطوة". ولفت زاد إلى أن سيطرة "الفرقة الرابعة" على المعبر من جانب النظام تسببت سابقاً في حدوث مضايقات للأهالي، فضلاً عن وجود مجموعات مسلحة غير نظامية تنتشر على الطرقات، وتوقف السيارات وتضايق العابرين. ورأى أن النظام يستفيد أكثر من افتتاح المعبر، كما أن "قسد" لا تريد القطيعة مع دمشق وبقية المناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام، والتي يوجد فيها أكثر من مليون كردي.

وتُعتبر المعابر النهرية المنتشرة على طرفي نهر الفرات صلة الوصل الرئيسية بين مناطق سيطرة النظام و"قسد"، إلا أنها ظلت محل مراقبة واستهداف من جانب قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة التي تسعى إلى محاربة تهريب النفط من مناطق "قسد" إلى النظام السوري. ويرتبط الجانبان في دير الزور بنحو عشرة معابر نهرية تعتبر بمثابة الأوردة التي ينعش من خلالها النظام أسواقه في المحافظة، في ما يتصل بالوقود.

وتختلف أهمية ونوعية هذه المعابر، فبعضها مخصص لنقل المدنيين بين ضفتي النهر، بزوارق صغيرة، يحمل كل واحد منها بضعة أشخاص، وبعضها يضم عبّارات كبيرة تحمل سيارات على ظهرها، تُستخدم في نقل البضائع والوقود. وأهم تلك المعابر معبر محيميدة - عياش، في ريف دير الزور الغربي، أما في الريف الشرقي فتنتشر معابر عدة، منها جديد عكيدات ـ موحسن من جهة النظام، وجديد بكارة ـ طوب، وصبحة ـ بوليل، بصيرة ـ سعلو، شحيل ـ بقرص، حوايج ـ الميادين. وشهد المعبران الأخيران حملات أمنية متكررة من قبل "قسد" والتحالف، وتنشط عليهما حركة نقل البضائع وتهريب المحروقات من مناطق "قسد" إلى مناطق النظام، مقابل إدخال مواد البناء والغذاء. وتتم عمليات تهريب الوقود عبر أشخاص من "قسد" متعاملين مع شركة "القاطرجي" التي تزود النظام بالنفط الخام.

سيطرة "الفرقة الرابعة" على المعبر من جانب النظام تسببت سابقاً في حدوث مضايقات للأهالي

وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت عقوبات على شركة "القاطرجي" المقربة من النظام في سبتمبر/ أيلول عام 2018. وتأتي هذه الخطوة على الرغم من أجواء توتر بين النظام السوري و"قسد"، والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة عقب الاعتقالات المتبادلة بين الطرفين في مدينتي الحسكة والقامشلي، ثم عقب الغارات الإسرائيلية الأخيرة على مناطق شرق دير الزور والتي استغلها النظام لتحميل "قسد" بعض المسؤولية، وهو ما رفضته الأخيرة، معتبرة اتهامات النظام لها انفصالاً عن الواقع. كذلك رفضت "الإدارة الذاتية" التابعة لـ"قسد" اتهامات النظام حول تبعيتها للخارج، والتي جاءت ضمن رسالة لوزارة خارجية النظام إلى الأمم المتحدة عقب الغارات الإسرائيلية الأخيرة على مدينتي دير الزور والبوكمال. وبالتوازي مع ذلك، تواصل التوتر الميداني بين الجانبين، إذ عاودت قوات الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة لـ"الإدارة الذاتية" اعتقال عددٍ من عناصر قوات النظام في محيط المربع الأمني بمدينة الحسكة، وذلك على الرغم من التسوية التي تمت بين الطرفين بوساطة روسية، وجرى بموجبها إفراج متبادل عن المعتقلين من كل جانب في مدينة القامشلي.

المساهمون