اعتزال بينت يزيد حدة الأزمة الداخلية ويعزز احتمالات عودة نتنياهو

اعتزال بينت يزيد حدة الأزمة الداخلية ويعزز احتمالات عودة نتنياهو

02 يوليو 2022
رسم نتنياهو في الكنيست ملامح دعايته الانتخابية (Getty)
+ الخط -

زاد إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية المستقيل، نفتالي بينت، قراره اعتزال العمل السياسي لبعض الوقت، من حدة الانقسامات الداخلية في الحلبة الحزبية الداخلية في إسرائيل، وبالأساس داخل الحركات والأحزاب اليمينية المعارضة لبنيامين نتنياهو، على الرغم من تبوأ رئيس حزب "ييش عتيد" يئير لبيد رئاسة حكومة تصريف الأعمال، وفقاً لاتفاقية التناوب بينه وبين بينت.

في هذا الوقت كثف نتنياهو نشاطه، حتى الدقيقة التسعين من عمر الحكومة السابقة، راسماً، في خطابه أمام الكنيست قبل التصويت على حله، أمس الأول الخميس، بالقراءتين الثانية والثالثة، ملامح دعايته الانتخابية، التي تشي باستمرار التحريض الشرس على خصومه في اليمين ونزع الشرعية عنهم، وتحريض أشد شراسة وفاشية ودموية ضد الفلسطينيين والعرب في إسرائيل، وعدم شرعية وزنهم الانتخابي، وليس فقط ضد شرعية أي دور سياسي لهم في الجهاز السياسي والحكم في إسرائيل.

الربط بين "يمين مزيف" ويسار متطرف

فقد اختصر نتنياهو الخطوط العريضة للمعركة الانتخابية التي بدأت عملياً مع بدء تضعضع استقرار حكومة بينت قبل ثلاثة أشهر. وقال نتنياهو، في خطابه أمس الأول: "لقد تحدثوا عن معالجة حالة الدولة، وأجروا تجربة وفشلت التجربة. هذا ما يحدث عندما يتم الربط بين "يمين مزيف" ويسار متطرف، وخلط ذلك مع الإخوان المسلمين والقائمة المشتركة".

تشي ملامح دعاية نتنياهو باستمرار التحريض الشرس على خصومه في اليمين ونزع الشرعية عنهم

وأجملت هذه الكلمات ليست فقط خطوط المعركة الانتخابية الجديدة في إسرائيل، وإنما حجم الوحدة القائمة في معسكر اليمين الذي يقوده نتنياهو، واستعداد هذا المعسكر لتلقي وتقبّل كل ما يقوله نتنياهو في سبيل العودة للحكم، حتى لو كان الثمن نزع الشرعية السياسية، بل وحتى الفكرية، عن أحزاب اليمين المنافسة، من خلال وصفها بأنها أحزاب يمين زائفة، وهو ما يفسر إلى حد كبير حالة الأزمة الداخلية في إسرائيل، لعدم وجود وضوح في الرؤيا، حتى لدى أحزاب يمين تعارض نتنياهو، لأسباب تتعلق بشخصه، وتحالفها فقط تحت شعار لا لنتنياهو.

معركة انتخابات ساخنة جداً في إسرائيل

ويتوقع عدد من المتابعين في الصحافة الإسرائيلية بالتالي أن تشكل هذه الجمل البسيطة والمقتضبة، أساساً لمعركة انتخابات ساخنة جداً في إسرائيل، قد تعيدها لحالات التقطب الاجتماعي، وليس فقط السياسي، التي عاشتها خلال الانتخابات البرلمانية عام 1977 عندما تمكن مناحيم بيغن، من إلهاب المشاعر القومية لليهود الشرقيين، وتوجيهها ضد اليسار الإسرائيلي، بقيادة حزب العمل، باعتباره يمثل "إسرائيل الأولى" الإشكنازية والغربية الغنية التي قمعت وميزت ضد أبناء الطوائف الشرقية.

وهي نفس الفئات وفق الدعاية التي ينتهجها نتنياهو اليوم، التي تشكل المعسكر المناهض له، بمن فيه أيضاً القائمتين العربيتين في الكنيست، القائمة المشتركة بقيادة أيمن عودة، والقائمة الإسلامية بقيادة منصور عباس، التي لم يتوقف نتنياهو عند وصفها بأنها قائمة "الإخوان المسلمين"، بل زاد باتهامها بأنها حركة معادية للسامية، على الرغم من مشاركتها في الائتلاف الحكومي بقيادة بينت، وقبولها بتعريف إسرائيل دولة يهودية.

ثبات قوة حزب نتنياهو

ويبني نتنياهو خطته الدعائية على حقيقة ثبات قوة حزبه "الليكود"، باعتباره الأكبر في الخريطة الحزبية، بقوة تتراوح بين 34-35 مقعداً، وارتفاع قوة معسكره إلى 59، مقابل تشرذم قوة خصومه في اليمين واليسار إلى ما دون 52 مقعداً، في حالة إخراج القائمتين العربيتين المذكورتين من معادلة التوازنات والائتلافات.

وهذا ما سيحاول نتنياهو تثبيته في الوعي الإسرائيلي، مع تكثيف الهجوم على شظايا الأحزاب اليمينية المناهضة له، خصوصاً "يمينا" بقيادة أيليت شاكيد، بعد فقدان الحزب لشرعيته الأساسية عند التيار الديني الصهيوني، بفعل انشقاق ثلاثة من أعضائه من التيار الديني الصهيوني، عن الحكومة، ما أدى إلى الإعلان عن انتخابات جديدة، وبقاء شاكيد، التي على الرغم من مواقفها اليمينية الفاشية، إلا أنها كسياسية علمانية أصلاً، تُعتبر من خارج جمهور اليمين الاستيطاني الديني، وبالتالي لن تملك نفس الحظوظ، ولا السجل الذي حمله نفتالي بينت، وجعله يحصد 7 مقاعد في الانتخابات الرابعة العام الماضي.


يبني نتنياهو خطته الدعائية على حقيقة ثبات قوة حزبه

ويبدو أن نتنياهو في إطلاقه تعبير "اليمين المزيف" على مجمل الأحزاب "صغيرة الحجم" المناهضة له، وبالتحديد "يمينا"، و"تكفا حداشاه" بقيادة جدعون ساعر، خصوصاً مع تأرجح هذين الحزبين عند نسبة الحسم أو فوقها بقليل، يرمي إلى تحشيد مكثف لسحب عشرات الآلاف من مصوتيهما، بعد أن أدرك أنه استنفد حصته من اليمين المتطرف المؤيد له.

ويرى نتنياهو أن سقوط أي حزب في اليمين المعارض له، إضافة إلى تأرجح حزب "ميرتس"، في أقصى اليسار، سيوفر له ما ينقصه من مقاعد كي يصل إلى أغلبية تزيد عن 61 عضواً من أصل 120 عضو كنيست، وتجعله في مأمن أيضاً من ابتزاز حزب الصهيونية الدينية بقيادة بتسليئيل سموطريتش وحليفه إيتمار بن غفير، من خلال تكرار محاولة استمالة حزب "كاحول لفان" بقيادة بني غانتس للدخول في حكومة ائتلافية قادمة، خصوصاً إذا أفرزت الانتخابات سقوط "ميرتس" و"يمينا"، وتراجع أي سيناريو لتشكيل ائتلاف بديل، على غرار الائتلاف الذي شكل حكومة بينت-لبيد من 8 أحزاب، لكنه فشل في الصمود بالحكم.