استمع إلى الملخص
- أثار التصويت الموحد فوضى داخل البرلمان، حيث اعتبره نواب غير قانوني، مشيرين إلى نقص النصاب القانوني، مما دفع لجمع توقيعات لإقالة رئيس البرلمان محمود المشهداني.
- فشلت القوى السياسية سابقًا في تمرير القوانين بشكل منفصل بسبب الخلافات، خاصة قانون "الأحوال الشخصية"، مما أدى إلى تمريرها في سلة واحدة رغم الاعتراضات.
ما أن صوّت البرلمان العراقي على ثلاثة قوانين خلافية في سلة واحدة، أمس الثلاثاء، حتى تصاعدت حدة الاعتراضات بشأن آلية التصويت، التي عدها نواب من كتل مختلفة "بدعة غير قانونية"، وسط اعتراضات بشأنها وتوجه للطعن القانوني بالجلسة.
وعلى مدار أشهر طويلة، شكلت القوانين الثلاثة "الأحوال الشخصية" و"العفو العام" و"إعادة العقارات"، نقطة خلاف بين الأطراف السياسية، وأخفق البرلمان في تمرير أي منها، إذ يحظى قانون "الأحوال الشخصية" بتأييد القوى الشيعية دون الأخرى، أما قانون "العفو العام" فتؤيده القوى السنية فقط، بينما يؤيد الأكراد قانون "إعادة عقارات الدولة"، وتعترض كل من تلك القوى على القانون الذي تؤيده القوى الأخرى.
وفي جلسة شابها اللغط، عقدت بعد ظهر أمس الثلاثاء، بعدما توافقت القوى السياسية لتمرير تلك القوانين في سلة واحدة، لم يتم عرض القوانين منفردة للتصويت، بل عمد رئيس البرلمان محمود المشهداني إلى عرض القوانين الثلاثة من دون قراءة فقراتها إلى التصويت دفعة واحدة، ليعلن بعد دقائق إقرارها، ثم يغادر قاعة البرلمان، ويعلن نائبه الثاني شاخوان عبد الله رفع الجلسة.
إثر ذلك، عمّت الفوضى داخل قاعة البرلمان، وهتف نواب بأن آلية التصويت "باطلة" و"غير قانونية"، وأكدوا أنه "لا يمكن عرض القوانين دفعة واحدة والتصويت عليها مجتمعة باتفاق مسبق".
التصويت "غير قانوني"؟
وعقد عدد من النواب المعترضين على آلية التصويت مؤتمراً صحافياً داخل مبنى البرلمان، وقال النائب يوسف الكلابي إنه "في سابقة خطيرة، صوّت مجلس النواب على ثلاثة قوانين جدلية بالمجمل"، معتبراً أنّ "التصويت باطل وغير قانوني، وسنتحرك إلى المحكمة للطعن بجلسة اليوم، ولن نقبل أن يكون عضو مجلس النواب راكعاً لرئاسة المجلس والكتل السياسية".
من جهتها، قالت النائبة المستقلة نور الجليحاوي، في تصريح صحافي، إنّ "ما حدث لم يكن مسبوقاً في كل الدورات البرلمانية السابقة، إذ تم التصويت على ثلاثة قوانين دفعة واحدة دون تفريقها؛ يعني لم يتم التصويت على قانون ثم آخر"، مشيرة إلى أنّ "هناك ثلاثة أو أربعة نواب فقط رفعوا أيديهم، ولم يصوّت الآخرون، وفي الحقيقة لم يكن هناك تصويت صحيح أو قانوني أو دستوري، لكن رئاسة البرلمان أصرّت على تمريرها".
حراك لإقالة رئيس البرلمان العراقي
من جانبه، وصف النائب المستقل سعد التوبي الجلسة بـ"المزاجية السياسية"، واصفاً تصويت البرلمان العراقي على القوانين الثلاثة بأنه "مخالف للقانون"، وقال في تصريح صحافي إنّ "عدد المصوتين على القوانين الجدلية الثلاثة كان تحت النصاب القانوني"، وأكد أنّ "أعضاء المجلس احتجّوا على ذلك، وقاموا بجمع أكثر من 50 توقيعاً لإقالة رئيس المجلس محمود المشهداني من منصبه". ويحتاج إقرار كل قانون من تلك القوانين الثلاثة أصوات النصف زائداً واحداً من مجموع نواب البرلمان البالغ عددهم 329 نائباً، بحسب القانون.
بدوره، أكد الأكاديمي المختص بالقانون السياسي، الأستاذ ماهر الجحيشي، أنّ "ما جرى من عملية التصويت داخل قبة البرلمان العراقي لا سند قانونياً له"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "عرض تلك القوانين للتصويت عليها مجتمعة بدلاً من عرضها منفردة خارج عن السياقات القانونية"، وأكد أنه "لم يتم حساب عدد المصوتين، أو إذا كان قد تم بالأغلبية أم بالأغلبية المطلقة... رئيس البرلمان أعلن إقرار القوانين من دون معرفة أعداد المصوتين، وهذه كلها تجاوزات قانونية"، مشدداً على أنّ "الجلسة كلها مثيرة للجدل القانوني، ومن حق النواب الطعن بها قانونياً".
وخلال الفترة السابقة، فشلت القوى السياسية بتمرير القوانين الخلافية، وأهمها قانون "الأحوال الشخصية"، الذي قوبل برفض من قبل قوى سياسية وفعاليات شعبية ومنظمات مجتمع مدني، إذ يضم فقرات وبنوداً اعتبرت تفسيرات دينية لا تناسب البلاد المتنوعة ثقافياً ودينياً ومذهبياً، كما يضمّ فقرات اعتبرت أنها حد أو حرمان لحقوق الأم والزوجة، وتحيز للرجال. وحاولت القوى الداعمة للقانون، وهي قوى دينية وسياسية من "الإطار التنسيقي"، تمريره مقابل قوانين خلافية تدعمها قوى أخرى، لذا جمعته بسلة واحدة مع قانون "العفو العام"، الذي تريده القوى السنية، وقانون "إعادة العقارات" الذي تدعمه القوى الكردية.