اشتباكات في بنغازي... ومحكمة أميركية ترفض تمتع حفتر بحصانة

اشتباكات بين مليشيات حفتر في بنغازي... ومحكمة أميركية ترفض تمتعه بحصانة "رئيس دولة"

02 يوليو 2021
محامو حفتر قدموا أوراقاً لرد ثلاث دعاوى مرفوعة ضده (أريس ميسينيس/فرانس برس)
+ الخط -

عاد الانفلات الأمني ليتصدر المشهد في مدينة بنغازي، ثاني أكبر مدن ليبيا والواقعة تحت سيطرة مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في وقت رفض طلب تمتع الأخير بأي حصانة أمام المحاكم الأميركية حول ارتكابه "جرائم حرب".

وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية نقلاً عن قضاة بمحكمة أميركية، برفض المحكمة الجزئية الأميركية في ولاية فرجينيا، أمس الخميس، تمتع خليفة حفتر بحصانة "رئيس الدولة" للدفاع عن نفسه أمام قضايا المرفوعة ضده حول "ارتكاب جرائم في ليبيا".

وبحسب الوكالة الأميركية، فإنّ محامي حفتر قدموا أوراقاً لرد ثلاث دعاوى مرفوعة ضده في المحكمة الجزئية الأميركية كونه "رئيس الدولة"، فيما أكدت القاضية بذات المحكمة ليوني برينكيما، أنّ حفتر لا يمكنه الادعاء بحصانة رئيس الدولة كدفاع في الدعاوى المرفوعة ضده. 

كما أكدت القاضية أنها سألت وزارة الخارجية الأميركية مرتين عما إذا كانت تريد تأكيد اهتمامها بالقضية، لكنها رفضت ذلك في المناسبتين، وفقاً للوكالة.

وحول مصير تلك القضايا المرفوعة ضد حفتر، أشارت الوكالة نقلاً عن قضاة المحكمة، إلى أنّ القضية ستنقل إلى مرحلة تقصي الحقائق بهدف الاستماع لإفادة أصحاب القضايا، موضحة أنّه من المحتمل أن تتضمن شهادة حفتر نفسه لكونه المتهم.

وتعود القضية إلى منتصف عام 2019 عندما استدعت المحكمة نفسها حفتر بصفته "مواطناً أميركياً"، لمواجهة دعاوى قضائية رفعها ضده تسعة ليبيين لارتكابه "جرائم حرب" بحق أقرباء لهم، لكن فريق الدفاع الذي كلّفه حفتر، التمس من الحكومة الأميركية التدخل كون حفتر يتمتع بالحصانة لتوليه "مهام رئاسية"، على اعتبار أنّ محاكمته يمكن أن تؤثر على مجريات الحوار السياسي واتفاق وقف إطلاق النار، بحسب تصريح سابق لرئيس مؤسسة "الديمقراطية وحقوق الإنسان"، عماد الدين المنتصر، لـ"العربي الجديد" .

وأكد المنتصر، في ذات التصريح، أنّ مؤسسته قائمة على متابعة مسار مقاضاة حفتر، كما تعمل على تقديم دعاوى قضائية جماعية تشمل آلاف الضحايا وفقاً للقانون الأميركي الذي يخضع له حفتر، كونه أميركي الجنسية وعاش في فرجينيا لمدة تزيد عن العشرين عاماً. 

وفيما انحسرت رقعة سيطرة حفتر من أغلب أنحاء ليبيا بعد انكساره العسكري في جنوب طرابلس، تبدو مدينة بنغازي في طريق الخروج عن سيطرته هي الأخرى، حيث يؤكد الناشط السياسي من بنغازي عقيلة الأطرش، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ ذلك "سيسرّع من انكشاف العديد من الملفات المجهولة المتعلقة بجرائم الحرب والانتهاكات المرتبطة بحفتر".

ولا يزال سكان حي شبنة داخل بنغازي يعيشون حالة توتر وقلق، بعد اشتباكات عنيفة بين جماعتين تابعتين لحفتر، الثلاثاء الماضي، حيث قتل ما لا يقل عن خمسة مسلحين من الطرفين.

وبحسب شهود عيان، تحدثوا لــ"العربي الجديد"، فإنّ بعض أحياء المدينة لا تزال تعيش حالة توتر حتى الآن، مؤكدين أنّ عشرات الأسر التي تم إجلاؤها من حي شبنة جراء الاشتباكات، لم تعد إلى ديارها حتى الآن، رغم مداهمة قوة تابعة للواء طارق بن زياد الذي يقوده صدام نجل حفتر، للحي.

وبحسب تصريح نقلته قناة فضائية مقربة من حفتر، عن العقيد جمال العمامي الضابط بمديرية أمن بنغازي، فإنّ الاشتباك الدامي سببه اشتباك بين مسلحين من قبيلتين في الحي.

وأقرّ العمامي، في ذات التصريحات، بسقوط قتلى في الاشتباكات، لكن شهود العيان أكدوا أنّ القوة التي داهمت حي شبنة وأنهت الاشتباكات بين المليشيتين تابعة لصدام حفتر، إذ ما تزال حتى اليوم تقيم حواجز التفتيش وتجري عمليات قبض ومداهمات واسعة.

وفي السياق أقر وكيل وزارة الداخلية بالحكومة الليبية فرج قعيم، بانهيار الوضع الأمني، واستشراء الفساد في الأجهزة الأمنية التابعة لمديرية أمن بنغازي، مؤكداً أنّ المديرية ساهمت في ارتفاع معدل الخروقات الأمنية بالمدينة.

وشدد قعيم، في فيديو متداول لاجتماعه مع قيادات أمنية في بنغازي من أجل تشكيل غرفة تأمين للمدينة، على اطلاعه على وقائع فساد لضباط في المديرية تتعلق "بتلقي رشاوى للتستر على عديد الجرائم".

وقال قعيم إنّ "بنغازي منتهكة من أبنائها، وضباط في الشرطة هم من يحمون المجرمين"، مشيراً إلى أنّ المديرية بها حوالي 11 ألف عنصر أمني، بالإضافة لخمسة آلاف تابعين لأجهزة أمن أخرى "لكن أغلبهم لا يلتحق بعمله".

وحول أسباب الاشتباكات داخل بنغازي، أوضح الناشط السياسي من بنغازي عقيلة الأطرش، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "اضطرار حفتر لاستقبال عشرات المليشيات التي شاركته هجومه العسكري على طرابلس في بنغازي هو السبب الرئيس"، مضيفاً أنّ "بعض هذه المليشيات فقد أمل الرجوع إلى مدينته وبالتالي فهو يعيش حالة تمرد وسخط".

وأوضح أنّ "بعض هذه المليشيات لا يمكن لحفتر السيطرة عليها لأنها تتصارع على موارد المال سواء من خلال النهب أو اغتصاب الممتلكات الخاصة، بعد أن عجز عن دفع رواتب مسلحيها".

ويعتبر الأطرش أنّ حالة الانفلات وخروج المليشيات عن سيطرة حفتر "بداية لانكشاف عديد الملفات المجهولة والمتعلقة بجرائم الحرب"، مشيراً إلى أنّ حفتر "يستخدم مسلحين بعينهم لتنفيذ جرائم ضد أشخاص، وإذا ما شعر هؤلاء بالضيق فبكل تأكيد ستتكشف خيوط تقود إلى حفتر"، مرجحاً أنّ "مذابح بنغازي وأشهرها مجازر شارع الزيت لن تبقى مجهولة".

المساهمون