اشتباكات صحنايا | إسرائيل تغذّي الاقتتال الطائفي في سورية

30 ابريل 2025
خلال تشييع ضحايا الاقتتال، 30 إبريل 2025 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- توسعت الاشتباكات في ريف دمشق بعد تسجيل صوتي مسيء للرسول نُسب إلى شيخ درزي، مما أدى إلى توترات واعتداءات وهجوم مسلح على مدينة جرمانا، وانتقلت المواجهات إلى صحنايا وأشرفية صحنايا، حيث سقط 11 قتيلاً.
- استغلت إسرائيل الوضع وشنّت غارات على أشرفية صحنايا، مما أدى إلى إصابة مدنيين. دعا مفتي سورية إلى التعايش السلمي، بينما حذر وليد جنبلاط من مشروع فتنة، مؤكدًا استعداده للذهاب إلى دمشق.
- تباينت المواقف حول أسباب الأزمة، حيث أشار البعض إلى انسحاب قوات الأمن قبل الهجوم، وانتقد الباحثون فشل الحكومة المؤقتة في احتواء الأزمة، محملين السلطات الأمنية المسؤولية.

محاولة إسرائيل استغلال اشتباكات صحنايا لتغذية مشروع فتنة في سورية

وليد جنبلاط دعا إلى التهدئة وفتح باب الحوار في سورية

سقط قتلى مدنيون ومسلحون في اشتباكات صحنايا

توسعت الاشتباكات في ريف دمشق، اليوم الأربعاء، والتي بدأت ليل الاثنين الثلاثاء في مدينة جرمانا، عقب انتشار تسجيل صوتي مسيء للرسول نُسب إلى شيخ من طائفة الموحدين الدروز خرج لينفي أي تورط له، قبل أن تؤكد وزارة الداخلية السورية أن "الصوت المُسيء لا يمتّ إليه بصلة"، لتطاول منطقة صحنايا وأشرفية صحنايا، مع تحوّل بارز في الأحداث عبر التدخل الإسرائيلي، بتوجيه ضربات لمن قال الاحتلال إنهم مسلحون كانوا يستعدّون لمهاجمة السكان الدروز في بلدة صحنايا، وذكرت الإخبارية السورية أن مدنيين أصيبوا، بينهم دروز، من جراء الضربات الإسرائيلية، لتظهر سريعاً محاولة تل أبيب استغلال اشتباكات صحنايا لتغذية مشروع فتنة في سورية، مقابل موقف تركي بالاستعداد "للرد على أي محاولة لجر سورية إلى مستنقع جديد من عدم الاستقرار".

اشتباكات صحنايا نحو التهدئة

وبعد يوم طويل من اشتباكات صحنايا وأشرفية صحنايا سقط فيه قتلى من مدنيين ومسلحين من الطرفين، أعلن مدير الأمن في ريف دمشق المقدم حسام الطحان، في تصريح لوكالة "سانا" الحكومية، عصر اليوم، انتهاء العملية الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا، وانتشار قوات الأمن العام في أحياء المنطقة لضمان عودة الأمن والاستقرار.

وفي حين دلّت المعطيات عصر اليوم الأربعاء إلى أن الأوضاع متجهة للتهدئة بعد اشتباكات صحنايا مع دخول قوى الأمن العام السورية إلى أحياء أشرفية صحنايا كافة، واتخاذ إجراءات لاستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، فإن الأنباء تضاربت حول أسباب اشتباكات صحنايا وأشرفية صحنايا، غرب دمشق، منذ ليل أمس الثلاثاء، بين مجموعات مهاجمة وقوات أهلية محلية ذات أغلبية درزية. فرغم اندماج فصائل من مدينة جرمانا ومن صحنايا وأشرفية صحنايا مع سلطات الأمن العام منذ أكثر من شهر، وإعادة تفعيل المؤسسات الخدمية والأمنية كالمحكمة والشرطة، فإن ذلك لم يمنع من اشتعال الأوضاع مجدداً. وفي حين عزا بعض سكان بلدة أشرفية صحنايا السبب إلى تدفق مجموعات مسلحة آتية من ريف درعا الشمالي وبلدات ريف دمشق المجاورة، بالتزامن مع انسحاب قوات الأمن العام من حواجزها عند بدء الهجوم، وتفسير ذلك على أنه "تواطؤ أو أوامر عليا" أعطيت للأمن العام بترك البلدة دون حماية، برزت رواية أخرى عزت السبب لانسحاب مجموعات مسلحة من الفصائل التي تتبع لمرجعيات دينية في السويداء من بلدة جرمانا باتجاه أشرفية صحنايا، وهجومها على حاجز للأمن العام، ما تسبب بعودة الاشتباكات.

انتقلت المواجهات إلى صحنايا وأشرفية صحنايا، وأعلن المكتب الإعلامي بوزارة الصحة السورية عن سقوط 11 قتيلاً

وكان فتيل هذه المواجهات قد اندلع إثر تسريب تسجيلٍ صوتي نُسب لشخص من الطائفة الدرزية يتضمن إساءةً للذات النبوية، ما أثار اعتداءاتٍ على طلاب دروز في سكني جامعتي حمص ودمشق، تلاها هجوم مسلح على مدينة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية في 28 إبريل/ نيسان الماضي، أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، قبل أن تتدخل قوات الأمن العام وتفرض اتفاقاً مع وجهاء المدينة. وليل الثلاثاء الأربعاء انتقلت المواجهات إلى صحنايا وأشرفية صحنايا، وأعلن المكتب الإعلامي بوزارة الصحة السورية عن سقوط 11 قتيلاً "إثر استهدافات المجموعات الخارجة عن القانون للمدنيين وقوات الأمن في أشرفية صحنايا". ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" "قيام مجموعات خارجة عن القانون من منطقة أشرفية صحنايا بالهجوم على حاجز يتبع لإدارة الأمن العام مساء الثلاثاء، ما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر إصابات متفاوتة. وتوازياً، قامت مجموعات أخرى في نفس الوقت بالانتشار بين الأراضي الزراعية وإطلاق النار على آليات المدنيين وآليات إدارة الأمن العام على الطرق، ما أدى إلى استشهاد ستة أشخاص وجرح آخرين".

وفي حصيلة غير نهائية بلغ عدد الضحايا من أبناء أشرفية صحنايا حتى صباح اليوم ثلاثة قتلى وأكثر من عشرين جريحاً، وفق مصدر من الأشرفية، بينما لم يُعلن المهاجمون عن عدد الخسائر البشرية في صفوفهم، رغم ورود أنباء عن وقوع قتلى بينهم.

وقال مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام علي الرفاعي، لـ"العربي الجديد"، إن مجموعات مسلّحة خارجة عن القانون عاودت مساء الثلاثاء شنّ هجوم مباغت على عدد من حواجز الأمن العام المنتشرة في أشرفية صحنايا، مستخدمةً أسلحة رشاشة خفيفة وقذائف "آر بي جي"، ما تسبّب في إصابة عدد من العناصر. وأضاف: استجاب الأمن العام سريعاً وانتشر في عموم المنطقة لضبط الوضع وتأمين السكان، إلا أن بعض أفراد تلك المجموعات اعتلوا الأبنية وقاموا بأعمال قنص استهدفت العناصر الأمنية المنتشرة، ما أدى إلى مقتل خمسة عناصر من الأمن العام وإصابة آخرين. وتابع الرفاعي: في ساعات الفجر الأولى، أقدمت تلك المجموعات على إطلاق النار باتجاه سيارة كانت قادمة من درعا، ما أدى إلى مقتل ستة من ركّابها، موضحاً أن قوات الأمن العام حالياً تقوم بتعزيز الإجراءات الأمنية والانتشار لضمان الاستقرار وحماية المدنيين.

الاحتلال واستغلال اشتباكات صحنايا

ولم يتأخر الاحتلال الإسرائيلي عن التدخّل لاستغلال اشتباكات صحنايا تحت ذريعة "حماية الدروز"، وشنّ غارات عديدة اليوم على أشرفية صحنايا ومناطق محيطة بها. وقبل ظهر اليوم، أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يسرائيل كاتس، في بيان مشترك، أنه بناءً على إيعاز منهما ومن رئيس هيئة الأركان العامة إيال زامير "قام الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عملية تحذيرية، وهاجم تنظيماً لمجموعة متطرّفة كانت تستعد لمواصلة مهاجمة السكان الدروز في بلدة صحنايا. كما تم توجيه رسالة شديدة اللهجة إلى النظام السوري، إذ تتوقع إسرائيل منه أن يعمل على منع الإضرار بالدروز". ووفقاً للبيان فإن "إسرائيل لن تسمح بالإضرار بالطائفة الدرزية في سورية، انطلاقاً من التزام عميق تجاه إخوتنا الدروز في إسرائيل، المرتبطين بعلاقات عائلية وتاريخية مع إخوتهم الدروز في سورية".

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الهجوم في سورية نُفذ بواسطة مُسيّرة من طراز "زيك" استهدفت مبنى، زعمت إسرائيل وجود "مسلّحين" فيه، "كانوا يستعدون لمهاجمة الدروز". وقبل ذلك، وعلى وقع احتجاجات لدروز إسرائيل في المنطقة الشمالية، بحجة التضامن مع إخوتهم في سورية، دعا الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في دولة الاحتلال موفق طريف، الحكومة الإسرائيلية إلى التدخّل في ما يحدث في سورية. وقال: "في هذه اللحظة، تتجه أنظار وقلوب الدروز نحو الاعتداءات على البلدات الدرزية في محيط دمشق. أدعو دولة إسرائيل والمجتمع الدولي والشعب اليهودي إلى التحرك الآن، فوراً، لمنع المذبحة الجماعية"، على حد وصفه، مضيفاً "أن دولة إسرائيل يجب ألا تقف مكتوفة الأيدي وتشاهد ما يحدث الآن في سورية. هذا هو وقت التحرّك". ويعتبر طريف إحدى أقرب الشخصيات الدرزية للمؤسسة الإسرائيلية.

حذر مفتي سورية الشيخ أسامة الرفاعي من الفتن والانتقام، داعياً إلى التعايش السلمي بين مختلف طوائف البلاد

وأفاد جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه "في ختام تقييم الوضع أوعز رئيس الأركان بالاستعداد لمهاجمة أهداف تابعة للنظام السوري في حال عدم توقف العنف ضد الدروز". وتابع: "خلال اليوم هاجمت طائرات للجيش الإسرائيلي في ريف دمشق مستهدفة نشطاء هاجموا مواطنين دروزاً". وأضاف جيش الاحتلال أنه يتابع التطورات في سورية، "حيث تبقى القوات مستعدة للدفاع، وللتعامل مع سيناريوهات مختلفة".

وحذر مفتي سورية الشيخ أسامة الرفاعي من الفتن والانتقام، داعياً إلى التعايش السلمي بين مختلف طوائف البلاد. وفي كلمة متلفزة اليوم، قال: "إذا اشتعلت الفتنة فنحن خاسرون بكل طوائفنا ولن يكون هناك رابح واحد". ودعا مفتي سورية إلى أن تأخذ العدالة مجراها "من أجل التعايش السليم الذي يحفظ دماء شبابنا".

من جهته، دعا كل من الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان، سامي أبي المنى، إلى التهدئة وفتح باب الحوار في سورية، محذّرين من "مشروع فتنة" تسعى أطراف داخلية وخارجية إلى تغذيته. وعقب اجتماع استثنائي للمجلس المذهبي الدرزي في دار الطائفة في بيروت، قال جنبلاط "إما أن نقتنع بسورية موحدة مع احترام التنوع، أو ننساق خلف المشروع الإسرائيلي". وشدد الزعيم الدرزي اللبناني على ضرورة "اتخاذ موقف واضح وصريح لإدانة من أهان النبي محمد والإسلام"، داعياً في الوقت نفسه إلى التهدئة والحوار، والسلطات السورية إلى فتح تحقيق شفاف يتبين من خلاله كيف وقعت الحادثة على مشارف جرمانا. ولفت إلى أن "حفظ الإخوان" (الدروز) يكون بالاتصال المباشر مع القيادة السورية، مؤكداً استعداده للذهاب إلى دمشق مجدداً "لوضع أسس لمطالب الدروز الذين هم جزء من الشعب السوري". كذلك دعا إلى رفض التدخل الإسرائيلي، مشيراً إلى أن "ما يجري من الشيخ (موفق) طريف وأتباع الشيخ طريف أنهم يريدون توريط بني معروف في سورية ولبنان بحرب لن تنتهي ضد المسلمين". وأضاف: "إسرائيل ستستخدم بعض الدروز ولا تبالي". كما دعا إلى "إسكات بعض الأصوات في الداخل (داخل الأراضي المحتلة) التي بدأت تستنجد بإسرائيل". ولفت إلى أن الدولة السورية تبتدئ بترميم نفسها بنفسها وأن رموز النظام السابق في كل مكان، ولم تستطع الدولة بعد استئصال رموز النظام السابق. واتهم جنبلاط إسرائيل بمحاولة استغلال الطائفة الدرزية في سورية "لإحداث فتنة"، وشدد على أنه "إما أن نقتنع أنه لا بد أن نعيش في سورية موحدة مع احترام التنوع أو ننساق إلى المشروع الإسرائيلي الذي لن يترك درزياً في مناطقه، يريد تهجير الدروز إلى قرب الحدود الأردنية الإسرائيلية واستخدامهم".

أكد جنبلاط استعداده للذهاب إلى دمشق مجدداً "لوضع أسس لمطالب الدروز الذين هم جزء من الشعب السوري"

من جهته، أعلن شيخ العقل سامي أبي المنى أن "ما حصل كان مشروع فتنة، من خلال تسجيل صوتي يُسيء إلى النبي محمد، استُتبع بردات فعل خطيرة". وقال: "ندين الإساءة كما ندين ردة الفعل، وندعو للتنبه للكلام الفتنوي"، مشيراً إلى وجود "يد خفية تعمل لتأجيج النزاع في سورية". وشدد أبو المنى على أن الموحدين الدروز "يرفضون أن يكونوا في حالة عداء مع أي مذهب إسلامي، ويرفضون أي مخططات لتحويلهم إلى قومية مستقلة". وأضاف: "نحن امتداد عربي مسلم، ولا نقبل بأي مخططات مشبوهة لإسرائيل". ودعا أبو المنى السلطات السورية إلى "تحمل مسؤولياتها في حماية المواطنين وضبط الفصائل المتطرفة"، مؤكداً أن "للدولة السورية مسؤولية بحفظ حقوق الناس والمكونات كافة، والموحدون الدروز أحد هذه المكونات".

وكان الحزب التقدمي الاشتراكي قد أفاد في بيان اليوم بأن جنبلاط أجرى اتصالات مكثّفة شملت الإدارة السورية وتركيا والسعودية وقطر والأردن، وطالب فيها "بالسعي إلى وقف إطلاق النار في منطقة أشرفية صحنايا لوقف حمام الدم". وطالب كذلك بمعالجة الأمور "انطلاقاً من منطق الدولة ووحدة سورية بجميع مكوناتها".

وفي السياق، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أنقرة لن تسمح "بفرض أمر واقع في منطقتنا ولا بأي مبادرة تهدد أو تعرض الاستقرار الدائم في سورية والمنطقة للخطر". وأضاف أردوغان في تصريح للصحافيين على متن طائرته أثناء عودته من إيطاليا: "سنرد بطرق مختلفة على أي محاولة لجر جارتنا سورية إلى مستنقع جديد من عدم الاستقرار". وأردف قائلاً: "وحدة أراضي سورية أمر لا غنى عنه بالنسبة لنا، ونعلم أن الحكومة السورية تتصرف أيضاً بنفس المنطلق". وأشار إلى أن الغارات الإسرائيلية على سورية محاولة لتقويض المناخ الإيجابي الذي بدأ مع الإدارة الجديدة في دمشق.

تباينات حول أسباب انفجار الأوضاع

وداخل سورية، تباينت المواقف حول أسباب انفجار الأوضاع. نظام جمول، أحد أهالي أشرفية صحنايا، أعرب عن صدمته من التحول المفاجئ، وقال في تصريح لـ"العربي الجديد": "عشنا عقوداً من التعايش بين مكونات البلدة، دروزاً وسنةً ومسيحيين، دون تمييز. اليوم، الهجوم ليس رد فعل على تسجيل صوتي، بل مخططٌ مُسبق لاستهداف المناطق التي تقطنها أغلبية من السوريين الدروز". وأكد جمول ملاحظة انسحاب قوات الأمن قبل الهجوم مباشرة، ما اعتبره دليلاً على "اتفاق مبيّت"، وقال جمول: "منذ مساء الأمس (مساء الثلاثاء) وقبل الهجوم المسلح على البلدة انسحبت قوى الأمن العام من الحواجز والنقاط التي كانت تتمركز بها دون أي اقتتال مع الجماعات المهاجمة للبلدة، ما يعزز الشكوك حول اتفاق وتورط للقوى الأمنية أو أوامر من جهات عليا للانسحاب".

أما شادي سليمان، من سكان أشرفية صحنايا، فقد أكد أنه لاحظ تحشيداً للمجموعات المسلحة الموجودة في أشرفية صحنايا وكأنها تحضّر لعمل ما، مضيفاً لـ"العربي الجديد": "ما إن بدأت الاشتباكات حتى اعتلى قناصة من هذه المجموعات أسطح المنازل وبدأوا يستهدفون عناصر الأمن العام وكل من يمر في الطريق"، موضحاً أن عملية التجييش الطائفي أدت إلى اشتباكات بين أبناء البلدة نفسها التي تضم خليطاً من المذاهب والأديان، وتبين أن الجميع يمتلك أسلحة استخدمت في الاشتباكات.

ورأى منير أبو علي، أحد سكان أشرفية صحنايا، أن الأحداث تكشف فشل الحكومة المؤقتة في الانتقال من "عقلية المليشيات" إلى بناء دولة مؤسسات، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن صمت السلطات عن سفك الدماء، يؤكد "استمرار هيمنة أمراء الحرب" أو "استجابةً لمطالب إقليمية بتقسيم سورية". وأضاف أن "ادعاءات نزع السلاح والاندماج الأمني مجرد واجهة لتسليم الأقليات لمليشيات مسلحة". وأشار إلى تضليل وتعتيم إعلامي يرافق ما يحصل، نافياً أن يكون عفوياً، بل يعتبره "ممنهجاً".

وحمّل الناشط المدني أكرم جبور، في حديث لـ"العربي الجديد"، الحكومة المؤقتة المسؤولية المباشرة عن فشل احتواء الأزمة في أشرفية صحنايا، متهماً إياها بالتواطؤ مع المسلحين المتشددين. وتساءل جبور عن سبب الصمت الرسمي عن ذلك، خصوصاً مع وجود تقارير مسبقة عن تحركاتهم، مرجحاً أن هذا التواطؤ يأتي لتحقيق مكاسب ميدانية، أو لخلق ذرائع تبرر تدخلاً خارجياً. وقال إن "السلطات الأمنية التابعة للحكومة المؤقتة كانت غائبة عمداً. كيف يُفسر عدم تحرك الأمن العام وقوى وزارة الدفاع رغم وجود تعزيزات قريبة؟"، مشدداً على أن هذا الأمر يشير إلى أن الفوضى تُدار بموافقة ضمنية.

من جهته، حمَّل الباحث محمد صبرا، في حديث لـ "العربي الجديد"، وزارة الداخلية مسؤولية فشلها في كبح جماح الجماعات المسلحة التي هاجمت جرمانا، مطالباً وزير الداخلية أنس خطاب بـ"تقديم استقالته والاعتذار للشعب"، ومؤكداً أن حل الأزمات لا يكون عبر "مضافات المشايخ"، بل بتطبيق القانون على الجميع بدون استثناء. كذلك هاجم تواطؤ عناصر مسلحة في صحنايا مع "طائرات إسرائيلية استطلاعية"، داعياً إلى موقفٍ واضح من التدخل الإسرائيلي، ووصف خطاب نتنياهو عن "حماية الدروز" بأنه مُجرَّد ذريعة لتوسيع النفوذ. كذلك وجّه صبرا انتقاداتٍ لاذعةً لسياسات الأمن السوري، محذراً من تحوُّل مناطق مثل جرمانا وصحنايا إلى "دويلات مسلحة" تُهَدِّد فكرة الدولة ذاتها. واعتبر أن وجود مسلحين محليين تحت ذرائع حماية المناطق يُؤسِّس لـ"الأمن الذاتي" المناقض لمفهوم الدولة، مشدداً على أن تحميل طائفةٍ كاملة وزرَ فعل فردي، كالشتائم الموجهة للرسول، يُهَدِّد النسيج الوطني، ويستوجب محاكمة الأفراد بدون تعميم. وختم صبرا بالقول: "حماية المواطن مسؤولية الدولة وحدها، وكل مدني يرفع السلاح، حتى لو ادعى دعم الدولة، يجب محاسبته، فالبندقية المدنية جريمة بغض النظر عن شعاراتها".

المساهمون