استمع إلى الملخص
- وصفت الأجهزة الأمنية الفلسطينية عناصر "كتيبة جنين" بالخارجين عن القانون، بينما اتهمتهم الكتيبة بالتعاون مع الاحتلال، معتبرة اعتقال النشطاء تعديًا على كرامة الشعب.
- فرضت الأجهزة الأمنية حصارًا على المخيم، وأطلقت النار بشكل عشوائي، مما أدى إلى أضرار وإصابات، مع استمرار المخاوف من اقتحام المخيم واعتقال المطاردين.
اندلعت اشتباكات مسلحة مساء الخميس بين أمن السلطة الفلسطينية وعناصر مسلحة تابعة لـ"كتيبة جنين"، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية.
واستولى مسلحون من "كتيبة جنين"، الخميس، على مركبتين إحداهما تعود للارتباط العسكري الفلسطيني والأخرى لوزارة الزراعة، في خطوة قالوا إنها رداً على اعتقالات نفذتها أجهزة أمن السلطة ضد نشطاء وشخصيات بارزة، ومطلوبين للاحتلال من المخيم.
ووفقًا لمصادر محلية وفيديوهات وثّقت الحدث، بدأت الاشتباكات بشكل متقطع في الصباح، لكنها اشتدت بشكل ملحوظ مساءً، حيث تمركزت مركبات قوى الأمن في مناطق مطلة على أطراف المناطق المحاذية للمخيم. وبحسب مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، فقد أطلق عناصر الأمن الفلسطيني النار بشكل مكثف نحو أحياء المخيّم بحجة ملاحقة "مطلوبين".
اشتباكات بين أجهزة أمن السلطة ومقاومين في محيط مخيم جنين. pic.twitter.com/yIKnZx9C9X
— خبرني - khaberni (@khaberni) December 5, 2024
وفي أعقاب هذه الأحداث، أصدر الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، أنور رجب بيانًا وصف فيه عناصر كتيبة جنين بالخارجين عن القانون، قائلًا: "مجموعة من الجنائيين اللصوص المختصين بسرقة السيارات، تمكنوا تحت جنح الظلام ومستغلين حالة الطقس من السطو على المركبتين اللتين كانتا مركونتين أمام مباني غير مؤمنة بالمعنى الحقيقي". وأضاف أن "هؤلاء الخارجين عن القانون ومن يقف خلفهم من أصحاب الأجندات اللاوطنية المرتهنة لقوى خارجية يعتقدون أنهم بمحاولاتهم البائسة يستطيعون أن يعيقوا قيام الأجهزة الأمنية بمهامها في إنفاذ القانون واعتقال الخارجين عنه والمطلوبين من خلال السعي لنشر الفوضى والفلتان والمساس بأمن وأمان المواطنين".
وردت "كتيبة جنين" في بيان ألقاه محمود أبو طلال وهو يتوسّط مجموعة من المسلّحين يتبعون للكتيبة وسط ساحة المخيم، وقال فيه: "قامت أجهزة السلطة قبل 3 أيام باعتقال الأسير المحرر عماد أبو الهيجاء نجل القيادي الكبير جمال أبو الهيجاء المعتقل منذ أكثر من 22 عاما وهو شقيق الشهيد حمزة، واعتقلت أجهزة السلطة الأسير المحرر إبراهيم الطوباسي وهو شقيق الشهيدين أحمد وإسلام، وشقيق الأسيرين سعيد الطوباسي المحكوم 32 مؤبدًا، والأسير محمد. وهم الذين دفعوا من أجل كرامتنا ولا يمكن أن يكونوا خارجين عن القانون".
بيان صادر عن مقاومي مخيم جنين ضد ممارسات الأجهزة الأمنية في اعتقال المطلوبين والأسرى المحررين. pic.twitter.com/CjyVRtWzvs
— أنس الجمل (@Anas_A_Aljamal) December 5, 2024
وتابع أبو طلال: "لا نقبل شيطنة هذه القامات التي نعتز بها، في وقت يتعرض فيه المخيم لهجمات بربرية ممنهجة من قوات الاحتلال الصهيوني، ونتساءل لماذا من تستهدفهم السلطة، يستهدفهم الاحتلال بذات الوقت (...) إذا كان الدفاع عن المقدسات وعن شعبنا وحرائرنا وعن كرامتنا يسمى خروجًا عن القانون، مرحبا بالخروج عن القانون".
وفي ذات السياق، أصدرت "كتيبة جنين - سرايا القدس" بيانًا اعتبرت فيه أن الأجهزة الأمنية "تغرّد خارج السرب والصف الوطني والأخلاق من خلال الاستمرار بالتنسيق الأمني المذلّ الذي يعتبر خنجرًا مسمومًا في خاصرة الشعب الفلسطيني". وأضاف البيان: "الجميع يشاهد كيف يتم تبادل الأدوار بين الأجهزة الأمنية والصهاينة من خلال ملاحقة المجاهدين وقتلهم واعتقالهم ومصادرة سلاحهم وكان آخر هذه الاعتداءات اعتقال أحد الإخوة ومصادرة مبلغ مالي كان مرسلا لعائلات ذوي الشهداء، وتواصلنا عبر أحد الإخوة مع الأجهزة الأمنية ولم يتجاوبوا وتعاملوا بعنجهية، ولذا قررنا أن نعيد حقنا بالقوة".
وكان التوتر قد تصاعد في مخيم جنين منذ مساء الاثنين الماضي، بعد أن اعتقلت الأجهزة الأمنية الأسير المحرر عماد أبو الهيجاء، وتبعه اعتقال ثلاثة كوادر من حركة الجهاد الإسلامي ومصادرة أموالٍ منهم، إلى أن ردّت كتيبة جنين بالاستيلاء على مركبات السلطة الفلسطينية.
مشاهد متداولة توثق سيطرة كتيبة جنين على مركبتين لأجهزة أمن السلطة الفلسطينية احتجاجاً على اعتقالها لمقاومين من مخيم جنين في الضفة الغربية. pic.twitter.com/TP3L51ITs8
— Talal Ibrahim (@Talalibrahim81) December 6, 2024
وتقول عائلة المعتقل عماد أبو الهيجاء على لسان شقيقته بنان خلال حديث مع "العربي الجديد"، إن شقيقها وفق الملفّ الذي قدم في المحكمة لا يوجد عليه شيء يستدعي الاعتقال، "فلا إفادات ضده، أو مضبوطات بحوزته، أو أدلة تدينه، ورغم ذلك جرى تمديد اعتقاله لمدة 15 يومًا، ونقله إلى سجن جنيد في نابلس". وأشارت إلى تعرّض شقيقها للشبح والضرب والتنكيل، علمًا بأنه أسير محرر من سجون الاحتلال قبل سبعة أشهر، وقضى نحو ثماني سنوات في السجون بشكل متفرّق ويعاني من عدة أمراض.
ومنذ السابعة من مساء أمس الخميس، دفعت الأجهزة الأمنية بقوات وتعزيزات قادمة من محافظة طوباس، ثمّ فرضت القوات حصارًا على مداخل المخيم، تزامنًا مع توتر الأوضاع والاستيلاء على مركبات السلطة. واعتلت الأجهزة الأمنية أسطح البنايات السكنية المجاورة، كما اقتحمت مستشفى جنين الحكومي بحثًا عن مطاردين يُعتقد أنهم مصابون أو يحتمون داخل المستشفى. وعلى الرغم من عمليات التفتيش، لم يعثر الأمن على أحد من أفراد الكتيبة.
ومع ذلك، اعتلى عناصر الأمن أسطح المستشفى وبدأوا بإطلاق النار نحو أحياء المخيم. في المقابل، طالب أفراد كتيبة جنين سكان المخيم بتوخي الحذر وتجنب الحركة أو الاقتراب من النوافذ، محذرين من أن الرصاص العشوائي قد يتسبب في إصابات قاتلة، وفق ما أوضح مصدر مقرّب من الكتيبة في حديث لـ"العربي الجديد".
وقال المصدر: "لم يجد أفراد كتيبة جنين خيارًا سوى الرد بإطلاق النار، في محاولة للتصدي لحصار الأجهزة الأمنية الذي ألحق أضرارًا بالمنازل، حيث تحطمت نوافذها وتضررت ممتلكات أبناء المخيم الشخصية بفعل الرصاص العشوائي، وخلال مواجهة الاقتحام، فجرت الكتيبة عبوة ناسفة على أحد الطرق التي حاول عناصر الأمن العبور منها، في محاولة لردعهم عن اقتحام أحياء المخيم. تزامن ذلك اعتراض الأجهزة الأمنية طريق والد المطارد يزن حنون واختطافه".
ومع تصاعد صعوبة اقتحام مخيم جنين، لجأت قوات الأمن إلى استخدام طائرة مسيّرة (درون) للتحليق فوق المخيم، بهدف رصد تحركات أفراد كتيبة جنين، وسط إطلاق نار عشوائي مكثف واقتحام بعض المناطق على أطراف المخيم، فيما اعتقل الأمن سبعة شبان، بينهم خمسة من عائلة "ضبايا"، كما صادرت إحدى المركبات التابعة لهم، وفق المصدر.
وحتى ساعات صباح اليوم الجمعة، ورغم تراجع حدّة الاشتباك وإطلاق النار بعد ساعات الفجر، إلا أن الكتيبة ما زالت تتخوف من اقتحام المخيّم والاشتباك المباشر مع المطاردين ومحاولة اعتقالهم، خاصّة وأن عناصر الأمن ومركباتهم المصفّحة ما زالت تتمركز على الطرق المؤدية إلى المخيم، سيما المدخل الرئيس المحاذي لمقرّ "المقاطعة" التابع للأجهزة الأمنية والمحافظة.