استهداف مقرات "المجلس الوطني": محاولة لإفشال الحوار الكردي السوري

استهداف مقرات "المجلس الوطني": محاولة لإفشال الحوار الكردي السوري

16 ديسمبر 2020
استهدف الحوار تشكيل مرجعية واحدة للأكراد السوريين (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

تطرح الاعتداءات على مقراتٍ للمجلس الوطني الكردي في سورية (ائتلاف أحزاب وفصائل كردية سورية)، تساؤلات حول هوية الجهة المنفذة، وما إذا كان الهدف من هذه الاعتداءات عرقلة الحوار الكردي – الكردي، ومحاولات التوصل إلى اتفاق بين هذا المجلس وحزب الاتحاد الديمقراطي، بهدف تشكيل مرجعية سياسية واحدة للأكراد السوريين، تمثلهم في استحقاقات الحلّ السياسي السوري تحت مظلة الأمم المتحدة. ولا يزال "الاتحاد الديمقراطي"، والذي يُنظر إليه على أنه نسخة سورية من حزب العمال الكردستاني، المصنف من قبل دول عدة كتنظيم إرهابي، خارج العملية السياسية السورية.

استهداف أحد مقرات المجلس ومقرات لأحزاب منضوية فيه فضلاً عن استفزازات أخرى

واعتدى مجهولون (لم يستبعد البعض أن يكونوا تابعين لحزب العمال الكردستاني) مساء الأحد الماضي، على مقر المجلس الوطني الكردي في مدينة الدرباسية في محافظة الحسكة، في أقصى الشمال الشرقي السورية، حيث "أمطروه بوابلٍ من الرصاص، وعبثوا بمحتوياته، وحاولوا حرق سيارة نائب رئيس المحلية (أشرف الملا)"، وفق بيان صدر من المجلس الوطني الكردي. وأوضح المجلس أن "مجموعة أخرى استهدفت مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني - سورية (المنضوي في المجلس)، في الحيّ الغربي لمدينة القامشلي بزجاجات حارقة"، مشيراً كذلك إلى تعرض مكتب حزب "يكيتي الكردستاني - سورية" إلى اعتداء مماثل. كما بيّن المجلس أن "هذا التصعيد يأتي بعد إجراءات استفزازية أخرى، كاستجواب جهات أمنية تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في الشمال الشرقي من سورية، واعتقال أنصار للمجلس"، وفق البيان. وذكرت وسائل إعلام كردية أمس الثلاثاء، أن قوى الأمن الداخلي، والتي تُعرف بـ"الأسايش"، ألقت القبض على المجموعة التي اعتدت على مقرات تابعة للمجلس الوطني الكردي.  

من جهته، أشار عضو الهيئة الرئاسية لـ"المجلس الوطني الكردي"، المنسق العام في حركة "الإصلاح الكردي"، فيصل يوسف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن هذا التصعيد "يأتي في إطار سياسة التضييق على المجلس وشعبيته الواسعة بين أوساط الجماهير في كلّ مكان، ومحاولة وضع العقبات أمام المفاوضات التي تجري بين المجلس وحزب الاتحاد الديمقراطي". وحول انعكاس ما جرى على الحوار الكردي - الكردي، بيّن يوسف أن "المفاوضات بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية مسألة مهمة جداً"، غير أنه أكد على "أن الوصول الى توافقات حولها، بحاجة إلى جهد وإرادة وحسن النية، حرصاً على مصلحة الكرد، وكل الشعب السوري". وشدّد يوسف على أن المجلس الكردي "يُصّر على إنجاز وحدة الموقف الكردي، وإيجاد حلّ سياسي للوضع القائم في البلاد وفق قرارات الشرعية الدولية، ولاسيما القرار 2254". وفي السياق، دان قائد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، مظلوم عبدي، أمس، الاعتداء على مكاتب المجلس الوطني الكردي "أو أي حزب سياسي آخر"، وفق ما جاء في تغريدة له على "تويتر"، أكد فيها أن "قوى الأمن الداخلي ستعمل على متابعة الحادثة وفق قوانينها"، على حدّ تعبيره.

اصطدم الحوار بعقبة وجود كوادر لحزب العمال الكردستاني في قوات "قسد"

وكان المجلس الوطني الكردي، المنضوي في صفوف المعارضة السورية من خلال "الائتلاف الوطني"، انخرط بدعوة من قيادة "قسد"، في حوار يرقى إلى مستوى المفاوضات منذ إبريل/نيسان الماضي، مع حزب الاتحاد الديمقراطي، المهيمن على هذه القوات، من خلال ذراعه العسكرية، "وحدات حماية الشعب" الكردية. ويجري الحوار بدفعٍ وإشراف من وزارة الخارجية الأميركية، بهدف ترتيب البيت الكردي في سورية، وتشكيل مرجعية سياسية واحدة تمثل الأكراد السوريين في استحقاقات الحلّ السياسي، تحت مظلّة الأمم المتحدة. وخاض الجانبان، وهما أكبر كيانين سياسيين في المشهد السوري الكردي، في جولات حوار عدة، حيث اتفقا على الكثير من المسائل، لكن هذا الحوار اصطدم أخيراً بعقبة يبدو من الصعب تجاوزها في الوقت الراهن، وهي وجود كوادر لحزب العمال الكردستاني في قوات "قسد"، وفي "الإدارة الذاتية" للشمال الشرقي من سورية. ويُصّر المجلس على خروج كوادر هذا الحزب المصنف إرهابياً من قبل دول عدة، بشكلٍ كامل من سورية، لإنجاز اتفاق، بينما لا يزال "الاتحاد الديمقراطي"، الذي يُنظر على أنه نسخة سورية من "الكردستاني"، يتلكأ في قبول عودة كوادر هذا الحزب إلى مقرهم في جبال قنديل، على الحدود المشتركة بين تركيا والعراق وإيران. وكان "الائتلاف الوطني السوري" المعارض، رفض أكثر من دعوة للحوار من الجناح السياسي لـ"قسد"، مشترطاً خروج كوادر "الكردستاني" من سورية، كخطوة أولى باتجاه البدء في مفاوضات تخص مصير الشمال الشرقي السوري. ويطالب المجلس الوطني الكردي بـ"شراكة كاملة" مع الاتحاد الديمقراطي في إدارة منطقة شرقي نهر الفرات، إضافة إلى دخول قوات "البشمركة" السورية المتمركزة في إقليم كردستان العراق، وهو ما يراه "الاتحاد الديمقراطي" بمثابة مزاحمة له في هذه المنطقة التي تعادل ثلث مساحة سورية، وتضم ثروات مائية وزراعية ونفطية هي الأهم على مستوى البلاد.