استقالة نادلر من الكونغرس: لحظة حاسمة لعلاقات إسرائيل والحزب الديمقراطي

02 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 17:00 (توقيت القدس)
جيري نادلر برفقة زهران ممداني، 11 أغسطس 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلن جيري نادلِر اعتزاله الحياة السياسية بعد 34 عاماً، مشيراً إلى تقدمه في السن والتغيرات السياسية داخل الحزب الديمقراطي كأسباب رئيسية لقراره، مع تأكيده على أهمية تجديد القيادة لمواجهة التحديات.

- انتقد نادلِر إسرائيل بشدة، رغم دعمه السابق لها، وأعلن عن نيته فرض حظر على توريد الأسلحة الهجومية إليها، بينما يستمر في دعم تمويل منظوماتها الدفاعية، ووجه انتقادات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

- أثار دعم نادلِر للمرشح زهران ممداني غضب الجالية اليهودية في نيويورك، ومن المتوقع أن تشعل استقالته معركة حامية على وراثته في المنطقة رقم 12 بمنهاتن.

أعلن جيري نادلِر، ممثل يهود الولايات المتحدة الأعرق على الإطلاق في الكونغرس الأميركي، و"الشخصية الأكثر التقاء مع الليبرالية النيويوركية على مدى أكثر من ثلاثة عقود"، كما وصفه موقع "واينت"، اليوم الثلاثاء، اعتزاله الحياة السياسية وعدم نيّته الترشح لولاية إضافية في الاستحقاق الانتخابي المقرر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2026.

وبذلك ينهي نادلِر 34 عاماً من حياته السياسية التي تحوّل خلالها إلى واحد من أكثر السياسين البارزين في الحزب الديمقراطي، بعدما قاد إجراءات عدّة لعزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأدار حملات طويلة دفاعاً عن حقوق الإنسان، كما عدّ على مدى سنوات حليفاً وثيقاً لإسرائيل في واشنطن.

أسباب استقالته، كما كشف عنها نادلِر (78 عاماً) بنفسه في  مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، تعود إلى تقدم سنّه، لكن الأهم هو التغيرات السياسية التي شهدها الحزب، ما أجبره على إعادة النظر من جديد في مكانته وموقعه؛ إذ أوضح أن "النظر عن قرب على ما حدث مع (الرئيس الأميركي السابق، جو) بايدن يثبت وجوب تغيير الأجيال في الحزب، وأنا أحترم ذلك". وبحسبه فإن "وريثاً شاباً يمكنه العمل ومساعدتنا بشكل أفضل". وشدد على أنه خصوصاً في المرحلة الراهنة التي يدفع فيها ترامب بالفاشية الفعلية فإن الحزب الديمقراطي يحتاج قيادة قادرة على مجابهة ذلك.

"سأعمل على فرض حظر أسلحة على إسرائيل"

إعلان استقالة نادِلر لم يخلُ أيضاً من توجيه هجوم على إسرائيل، على الرغم من أنه حُسب كواحد من أشد المُشرعين في الكونغرس موالاة لها في السابق، خصوصاً أنه كان أيضاً عضواً بارزاً في لوبي "إيباك"؛ إذ أقر بأن "إسرائيل ترتكب جرائم حرب وقتل جماعي بلا أدنى شك". وأضاف أنه "لا يمكنني الدفاع بعد الآن عمّا تقوم به إسرائيل". وفي خطوة غير مسبوقة منذ دخوله أوّل مرّة إلى الكونغرس عام 1992 كشف عن أنه قبل دخول استقالته حيّز التنفيذ "سيعمل على فرض حظر توريد أسلحة هجومية لإسرائيل، ولكنه في المقابل، سيواصل دعم تمويل منظوماتها الدفاعية".
وأتت أقوال نادلِر متسقة مع الخط الانتقادي الذي تبناه في السنوات الأخيرة، ضد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، فقد وصفه في يوليو/ تموز من العام الماضي بأنه "القائد الأسوأ على الإطلاق في تاريخ الشعب اليهودي"، واتهمه بأنه "لم يقل الصدق يوماً". كما اعتبر أن نتنياهو يطيل أمد الحرب عمداً للحؤول دون الخضوع للتحقيق حول دوره في الفشل الذي أحاط بهجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأوّل 2023، وأنه يعوّق التوصل إلى صفقة تبادل أسرى لأن إطلاق سراحهم قد يفضي إلى إنهاء الحرب، وبالتالي تقديمه للمحاكمة أمام لجنة تحقيقات رسمية. وقال إن "نتنياهو يدعي أنه يريد السلام، ولكن مصلحته هي في الحفاظ على استمرار الحرب ما أمكن".

داعم لزهران ممداني

إلى جانب مواقفه من الحكومة الإسرائيلية، أثار نادِلر غضباً في أوساط جزء من الجالية اليهودية في نيويورك بسبب دعمه للمرشح الديمقراطي المناوئ لإسرائيل زهران ممداني، والذي فاز على خصمه أندرو كوامو، في الانتخابات الداخلية لرئاسية بلدية المدينة؛ إذ لم يُسارع نادلِر إلى تهنئة ممداني فحسب، وإنما بادر إلى جمعه مع قادة يهود في لقاءات عدّة، رغم أن بعض هؤلاء قد قاطعوا جزءاً من اللقاءات. 
دعم نادلِر لممداني يُعد وفقاً لـ"واينت" مدعاة للغضب في إسرائيل، خصوصاً أن المُرشح الديمقراطي رفض إدانة الدعوة إلى تحويل الانتفاضة إلى عالمية، وعبّر عن دعمه لحركة المقاطعة "بي دي إس"، ويُعد منتقداً بارزاً لسياسات إسرائيل. ورغم أن نادلِر نفسه، اعتبر في السابق أن حركة المقاطعة هي "معاداة مجرمة للسامية"، فقد اختار في نهاية المطاف دعم ممداني. وبحسب ما أورده الموقع، فإنه "بوقوف نادلِر في صف ممداني يكون قد رمى الجالية اليهودية تحت عجلات الحافلة، وباعها بثمن بخس".
ومع ذلك رأى نادلِر أن الخطوة التي اختارها هي فقط جزء من محاولة للتأثير من الداخل؛ إذ أوضح أمام ممداني "أنا صهيوني وداعم لإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية"، وذلك على الرغم من انتقاداته الشديدة للسياسات التي تنتهجها حكومة نتنياهو، وقال أيضاً إن محادثاته مع ممداني "تركزت حول الالتزام بمكافحة معاداة الساميّة، ولكن الانتقادات الداخليّة، وخصوصاً من جانب القادة الأرثوذكس اليهود في بروكلين، لم تُطرح خلال اللقاءات".
على خلفية ما تقدم، من المتوقع أن تُشعل استقالة نادلِر معركة حامية على وراثته في المنطقة رقم 12 بمنهاتن، وهي إحدى أكثر المناطق ثراءً وأوسعها تأثيراً في الولايات المتحدة. وبين المتنافسين الذين أعلنوا ترشحهم مكانه، كان مايكا لاشر، مستشار نادلِر نفسه، وعضو مجموعة في نيويورك، وكذلك ليام ألكيند (26 عاماً)، وهو ناشط شبابي.
يُذكر أن نادلر ولد في بروكلين لعائلة يهودية هربت من المحرقة النازية، وكان قد درس في جامعة كولومبيا، وانتخب لأول مرة لمجلس النواب في 1992 بعد موت عضو الكونغرس تيد فايس. ومذّاك أسس مكانته كرمز لليسار الليبيرالي في منهاتن؛ حيث قاد حملة لتعويض مصابي هجوم برجي التجارة، في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، ودفع بتشريعات لتوسيع قاعدة حقوق المثليين، قبل أن يتحوّل إلى شخصية معروفة في الساحة العامة بسبب طريقته المباشرة والواضحة التي لم يعرف خلالها التراجع أو التعبير عن الاعتذار.
استقالته من الكونغرس لن تُذكر فقط كلحظة نهاية سيرة أحد السياسيين البارزين في منهاتن، وإنما أيضاً كلحظة دراماتيكية في علاقات إسرائيل مع الحزب الديمقراطي، وفقاً لـ"واينت"؛ إذ ستؤرخ لليوم الذي فيه إحدى الشخصيات اليهودية-الأميركية البارزة، والسياسي الذي كان يُعد الأكبر دعماً لإسرائيل قد أعلن عن نيّته قيادة مبادرة لفرض حظر توريد أسلحة إليها.
المساهمون