استمع إلى الملخص
- انتقادات للنهج الانتخابي: تواجه السلطة انتقادات بسبب التحكم في التحالفات لضمان السيطرة على البرلمان، مع عدم نية لإجراء إصلاحات جوهرية في قوانين الانتخابات.
- موقف الحركة المدنية: تعلن الحركة المدنية نيتها تشكيل تحالف انتخابي مستقل بقيادة أكمل قرطام، رغم سيطرة السلطة على الترتيبات الانتخابية.
تستعد الأحزاب في مصر لإجراء الانتخابات البرلمانية المصرية المقبلة، المرجحة في نهاية العام الحالي. وتشير المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، إلى أن حزب مستقبل وطن، الذي يشرف عليه جهاز الأمن الوطني، لا يزال الأقوى تنظيمياً والأقدر على الدفع بمرشحين، رغم صعود حزب السلطة الجديد "الجبهة الوطنية"، والذي يخضع لإشراف الاستخبارات الحربية ويرتبط برجل الأعمال المقرب من السلطة إبراهيم العرجاني. وقد أجريت آخر انتخابات لاختيار مجلس النواب في أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني 2020، على مرحلتين. كما أجريت انتخابات مجلس الشيوخ في أغسطس/ آب 2020.
وعلى الرغم من وقوع بعض المناوشات بين أعضاء حزبي "مستقبل وطن" و"الجبهة الوطنية" في بعض المحافظات، إلا أن هناك توجهاً واضحاً نحو التنسيق بين الحزبين لتشكيل تحالف انتخابي يشمل قوائم موحدة ومرشحين للمقاعد الفردية. يأتي هذا الترتيب في إطار سعي السلطة لضمان السيطرة الكاملة على المجلس التشريعي، مع إضفاء مظهر التعددية السياسية من خلال إشراك بعض الأحزاب المحسوبة على المعارضة. ووفقاً للمعلومات المتاحة، فإن حزبي "مستقبل وطن" و"الشعب الجمهوري"، اللذين يشرف عليهما الأمن الوطني، مؤهلان حتى الآن للحصول على ما يقارب نصف مقاعد مجلسي النواب والشيوخ في الانتخابات البرلمانية المصرية. بينما سيتم توزيع النسبة المتبقية بين باقي الأحزاب المتحالفة، التي من المتوقع أن تحصل على ما يراوح بين 5% و10% من المقاعد.
وتواجه السلطة انتقادات واسعة بسبب إدارتها للعملية السياسية والانتخابية بالطريقة ذاتها التي اعتمدتها في الاستحقاقات السابقة، إذ يتم التحكم في خريطة التحالفات الانتخابية لضمان استمرار السيطرة على البرلمان. وعلى الرغم من الظروف السياسية المتوترة التي تمر بها البلاد، والحاجة إلى دعم شعبي حقيقي في مواجهة الخطط الأميركية الرامية إلى تهجير جزء من سكان قطاع غزة إلى مصر، تصر السلطة على الاحتفاظ بالأغلبية البرلمانية بأي وسيلة بدلاً من فتح المجال أمام انتخابات تنافسية حقيقية.
وتفيد المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، بأن السلطة لا تعتزم إجراء أي إصلاحات جوهرية في قوانين الانتخابات البرلمانية المصرية كما تطالب المعارضة، ما يعكس استمرار النهج الحالي في التحكم بالنتائج مسبقاً، وتحديد هوامش الحركة السياسية وفقاً لمتطلبات النظام الحاكم. في ظل هذا الوضع، يبقى البرلمان المقبل مجرد امتداد لتركيبة سياسية تُدار من قبل الأجهزة الأمنية، بدلاً من أن يكون ساحة حقيقية للنقاش الديمقراطي وتمثيل المصالح الشعبية.
تحالفات الحركة المدنية
تشير المصادر إلى أن بعض الأحزاب من داخل الحركة المدنية، مثل "المصري الديمقراطي"، ستنضم إلى قائمة "مستقبل وطن" و"الشعب الجمهوري" في الانتخابات البرلمانية المصرية المقبلة، رغم الموقف المبدئي للحركة الرافض للتحالف مع السلطة في الانتخابات. ومع ذلك، يبدو أن حزب الجبهة الوطنية سينضم أيضاً إلى هذه القائمة، ما يعزز من سيطرة الأجهزة الأمنية على المشهد الانتخابي.
الحركة المدنية أعلنت نيتها تشكيل تحالف انتخابي مستقل بعيداً عن هيمنة الأجهزة الأمنية
في المقابل، ورغم هيمنة السلطة على الترتيبات الانتخابية، فإن الحركة المدنية أعلنت نيتها تشكيل تحالف انتخابي مستقل بعيداً عن هيمنة الأجهزة الأمنية. ووفقاً لمصادر داخل الحركة، فإن رئيس حزب المحافظين أكمل قرطام هو الذي سيتولى تمويل هذا التحالف، في محاولة لتقديم بديل سياسي قادر على منافسة القوائم المدعومة من الدولة.
في هذا السياق، يقول علاء الخيام، منسق تيار الأمل وعضو الحركة المدنية الديمقراطية، لـ"العربي الجديد"، إن "الحركة المدنية ثابتة على موقفها الرافض للتحالف مع أحزاب السلطة بأي شكل من الأشكال"، لافتاً إلى أنها "إذا تمكنت من تشكيل تحالف سياسي يضم أحزابها، فإن الاحتمال الأرجح هو أن تشارك في الانتخابات عبر المقاعد الفردية، لأن القوائم مغلقة عملياً أمامها في ظل سيطرة أحزاب النظام".
علاء الخيام: النظام سيصر على استخدام نظام القوائم المطلقة المغلقة ونظام المقاعد الفردية بنسبة 50%
ولا يتوقع الخيام أن يجري النظام أي تغييرات على قوانين الانتخابات "بل سيمارس العملية الانتخابية بالطريقة نفسها التي جرت بها في المرات السابقة"، مشيراً إلى أنه "ربما تتم فقط زيادة عدد المقاعد بما يتناسب مع التعداد السكاني". ويوضح أن "النظام سيصر على استخدام نظام القوائم المطلقة المغلقة ونظام المقاعد الفردية بنسبة 50%، لأنه يرى أن الوضع السياسي في مصر لا يسمح بأي تغييرات أو استجابة لمطالب الحركة المدنية أو المعارضة التي طرحت في الحوار الوطني".
وحول حزب "الجبهة الوطنية" الجديد، فلا يعتقد الخيام أن ظهوره سيغير المشهد الحقيقي، عازياً ذلك لانتمائه "إلى الكتلة الداعمة للنظام"، وبالتالي "لن يكون منافساً عنيفاً كما يرى البعض"، موضحاً أن "حزب مستقبل وطن سيظل الحزب الأول لدى السلطة، نظراً لأدائه المستقر والدور الذي يؤديه، أما حزب الجبهة فهو جديد ولم تتضح معالمه التنظيمية بعد". وبرأيه، فإن هذا الحزب الجديد "سينضم إلى تحالف يضم جميع الأحزاب الموالية للسلطة، ولن يشكل قوائم انتخابية منافسة لمستقبل وطن، بل سيكون هناك توافق بينهما". ويلفت بالمقابل إلى أنه "من المتوقع أن تنضم بعض الأحزاب المحسوبة على المعارضة إلى هذه القوائم (السلطة)، كما حدث في الانتخابات الماضية، مثل أحزاب المصري الديمقراطي، العدل، الإصلاح والتنمية، وربما أيضاً حزب التجمع أو الوفد".
ويرى الخيام أن "الانتخابات ستسير كما تريد السلطة، فالمعارضة المصرية، رغم الضغوط التي مارستها في الحوار الوطني وغيره، لا تمتلك الصوت القوي الذي يمكنها من فرض أجندتها السياسية"، لافتاً إلى "غياب شخصيات قيادية مؤثرة داخل المعارضة قادرة على فرض تغييرات". ويشير إلى أنه "حتى لو منحت (المعارضة) نسبة في القوائم النسبية المفتوحة، فإن ذلك لن يؤدي إلى تغيير حقيقي، فللأسف لا أعتقد أننا أمام انتخابات حقيقية، بل سنرى برلماناً مشابهاً للبرلمان السابق، غير معبر عن الشعب، وولاؤه الكامل للسلطة ولرئيس الجمهورية".
غموض قانون الانتخابات البرلمانية المصرية
من جانبه، يقول محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية وعضو الحركة المدنية الديمقراطية، لـ"العربي الجديد"، إن "الحركة المدنية لا تزال تستعد للانتخابات من خلال مشاورات ولقاءات مع أحزابها وبعض المستقلين من أعضائها، استعداداً للاستحقاق الانتخابي المقبل، سواء عبر القوائم المطلقة أو النسبية، وأيضاً في المقاعد الفردية". لكن حتى الآن، وفق السادات، "لم يُطرح القانون الانتخابي بعد، ولا نعرف شكله أو تقسيم الدوائر، وبالتالي لم يُتخذ أي قرار بشأن التحالفات، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق علينا في حزب الإصلاح والتنمية".
محمد أنور السادات: كل ما يُشاع عن تحالف انتخابي مع أحزاب السلطة غير صحيح وسابق لأوانه
وبرأي السادات، فإن "كل ما يُشاع عن تحالف انتخابي مع أحزاب السلطة غير صحيح وسابق لأوانه، لأننا لا نزال في انتظار صدور قانون الانتخابات وقانون الدوائر الانتخابية"، مضيفاً أنه مع ذلك، من الطبيعي أن تزداد التكهنات مع الإعلان عن الأحزاب الجديدة، لكن علينا الانتظار حتى تتضح الصورة بشكل كامل قبل اتخاذ أي قرارات نهائية".