استطلاعات أميركا: سيناريو 2016 مستبعد في انتخابات 2020

استطلاعات أميركا: سيناريو 2016 مستبعد في انتخابات 2020

20 أكتوبر 2020
حث ترامب وبايدن الناخبين على التصويت المبكر (جو رايدل/Getty)
+ الخط -

قبل أسبوعين من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تتأجج المعركة بين المرشحين، الرئيس دونالد ترامب ونائب الرئيس السابق جو بايدن، إذ يواصل الطرفان حملاتهما في مختلف الولايات، ويكيلان لبعضهما التهم والانتقادات اللاذعة، ولا ينسيان حثّ مناصريهما على التصويت بكثافة. ووسط هذه الأجواء، تأخذ استطلاعات الرأي حيزاً مهماً من المشهد. وفيما تشير مختلف هذه الاستطلاعات منذ أشهر إلى تقدّم بايدن، يشكك ترامب في ذلك، نسبة لما حصل في انتخابات 2016، عندما كانت الأرقام تشير لفوز هيلاري كلينتون، لكن في نهاية المطاف وصل المرشح الجمهوري وقتها إلى البيت الأبيض. ويبدو الوضع مغايراً في انتخابات هذا العام، إذ تؤكد مختلف مراكز الاستطلاعات أنها استفادت من أخطاء الحسابات عام 2016، وسط إشارة جهات عدة في هذا المجال إلى أنّ السيناريو مختلف اليوم وهامش قلب النتيجة لا يبدو قوياً لأسباب عدة. لكن يبقى كل شيء وارداً إلى أن تظهر النتيجة النهائية وتحسم كل التوقعات والتحليلات.
وناشد ترامب مؤيديه في نيفادا أول من أمس الأحد الإدلاء بأصواتهم مبكراً في الولاية التي خسرها بفارق ضئيل في انتخابات 2016، بينما حثّ منافسه الديمقراطي جو بايدن سكان نورث كارولاينا على "الذهاب للتصويت" وذلك مع اقتراب المناظرة الرئاسية الأخيرة المقررة بين المرشحين يوم الخميس المقبل. وذكر "مشروع الانتخابات الأميركية" الذي تديره جامعة فلوريدا، الأحد، أنّ نحو 27.9 مليون أميركي أدلوا بالفعل بأصواتهم إما من خلال البريد أو بطريقة مباشرة قبل انتخابات الثالث من نوفمبر. ويرجع السبب في هذا الإقبال القياسي على التصويت المبكر إلى مخاوف من التجمعات الكبيرة في مراكز الاقتراع يوم الانتخابات مع انتشار وباء كورونا الذي أصاب 8.1 مليون أميركي وأودى بحياة أكثر من 218 ألفا منهم.

يتصدر بايدن بحوالي 9 إلى 10 نقاط على المستوى الوطني

وقال ترامب يوم الأحد في تجمع انتخابي بكارسون سيتي في نيفادا، حيث بدأ التصويت المبكر يوم السبت: "التصويت المبكر جار حالياً، لذا أخرجوا وادلوا بأصواتكم". ودعا بايدن الناخبين في نورث كارولاينا إلى الإدلاء بأصواتهم في أقرب وقت. ويحتدم التنافس بين ترامب وبايدن في نورث كارولاينا "المتأرجحة" التي فاز بها ترامب بفارق 3.66 نقطة مئوية في انتخابات 2016.
وهاجم بايدن ترامب لقوله خلال عطلة نهاية الأسبوع إن الولايات المتحدة "تجاوزت مرحلة الخطر" في ما يتعلق بجائحة كورونا، مشيراً إلى أنّ معدل الحالات الجديدة في البلاد ارتفع إلى أعلى مستوى في عدة أشهر. وتابع "الأمور تزداد سوءاً ولا يزال هو يكذب علينا فيما يتعلق بوضع (الوباء)". ورغم إصابة ترامب بفيروس كورونا وتعافيه منه أخيراً، إلا أنه سخر من بايدن في نيفادا لنهجه الحذر حيال الوباء. وسخر ترامب من المطالبين له بالإنصات لآراء العلماء قائلاً: "لو كنت قد أصغيت للعلماء فقط، لأصبحنا الآن في بلد يواجه ركوداً هائلا". وسرعان ما ردت حملة بايدن، فقال المتحدث باسمها أندرو بيتس: "حالات الإصابة بفيروس كورونا في ازدياد وتسريح العمال يزداد". ولم يضع ترامب كمامة أثناء حضوره قداساً في إحدى كنائس لاس فيغاس يوم الأحد. كذلك، هاجم ترامب منتقديه من أعضاء حزبه الجمهوري واصفاً إياهم بـ"الأغبياء"، بينما دعاهم لتوحيد صفوفهم بعد تزايد انتقاداتهم له والتحذيرات من هزيمة موجعة في الانتخابات الرئاسية.
ويتقابل ترامب وبايدن في المناظرة الأخيرة يوم الخميس بمدينة ناشفيل في ولاية تينيسي. ويشارك الرئيس في فعاليات انتخابية يومياً حتى موعد المناظرة المقررة، إذ يزور أريزونا ونورث كارولاينا حسب ما قال المتحدث باسم حملته تيم مورتو.

تقارير دولية
التحديثات الحية

ويتقدم الديمقراطيون بشكل ملحوظ في الانتخابات المبكرة عن طريق البريد، وفق وكالة "رويترز". وتراجع ترامب في استطلاعات الرأي على مستوى البلاد وأظهرت بيانات حملته أنه تراجع كذلك في جمع التبرعات مع احتدام السباق الانتخابي. وتظهر استطلاعات الرأي أن الغالبية العظمى من الناخبين لا توافق على طريقة تعاطيه العشوائية مع الوباء.
وقبل الفعاليات الانتخابية لترامب في نيفادا، قال بايدن إن منافسه الجمهوري "بحاجة إلى توضيح الأمور المرتبطة بتعامله الفاشل مع كوفيد-19". ورفض ترامب الاعتراف بأدائه الضعيف في استطلاعات الرأي، فيما أعرب أنصار بايدن عن قلقهم حيال الإفراط في الثقة بالانتخابات التي قد تحسم بهامش فوز ضيق في ولاية واحدة مثل فلوريدا. وقالت جين أومالي ديلون، مديرة حملة بايدن في مذكرة للمساهمين في التبرع للحملة الانتخابية في مطلع الأسبوع، إنّ البيانات الإجمالية مضللة "ولا ينبغي لنا الشعور بالاستكانة والتهاون لأنّ الحقيقة المجردة هي أن دونالد ترامب ما زال بإمكانه الفوز في هذه الانتخابات وكل ما لدينا من مؤشرات يظهر أن النتيجة لن تحسم إلا في آخر لحظة".

تشير معظم معاهد الاستطلاعات إلى أنها أدخلت تصحيحات على منهجيتها العامة لاستبعاد الأخطاء

وأثار فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية قبل أربع سنوات شكوكاً غير مسبوقة تتعلق بإمكانية الوثوق باستطلاعات الرأي. فهل يمكن الاعتماد عليها هذه المرة؟
قبل أسبوعين من موعد الانتخابات، يتقدّم بايدن على الرئيس الجمهوري بتسع نقاط مئوية على الصعيد الوطني، بحسب معدلات الاستطلاعات التي نشرها موقع "ريل كلير بوليتيكس" أخيراً. لكن في الولايات المتحدة، يفوز المرشحون بالبيت الأبيض عن طريق الهيئة الناخبة، لا التصويت الشعبي. وفي 2016، خسر ترامب في التصويت الشعبي أمام هيلاري كلينتون، لكنه فاز بما يكفي من الولايات لجمع أصوات الهيئة الناخبة التي يحتاجها ليصبح رئيساً. وهذه السنة، يُنظر إلى ست ولايات على أنها أساسية للوصول إلى البيت الأبيض، هي فلوريدا ونورث كارولاينا وأريزونا وويسكنسن وبنسيلفانيا وميشيغن. لكن إذا صحت الاستطلاعات، يبدو بايدن في وضع أفضل في هذا الصدد، على الرغم من أنه أحياناً هناك هامش للخطأ. ويتراوح تقدمه بفارق يبلغ ما بين 1,7 نقطة مئوية في فلوريدا إلى 7,2 في ميشيغن.

وعشية انتخابات 2016، توقّعت الاستطلاعات بشكل صحيح تقدماً طفيفاً لكلينتون على الصعيد الوطني، لكنها "أخطأت في بعض ولايات وسط غرب البلاد المتأرجحة" التي فاز فيها ترامب في نهاية المطاف، وفق ما أفاد كريس جاكسون من مركز "إيبسوس للشؤون العامة" وكالة "فرانس برس". وقال إن التمثيل الأقل ضمن عينات الاستطلاع للسكان البيض الذين لا يحملون شهادات جامعية ممن صوّتوا لترامب، كان من أسباب ذلك.
وتشير معظم معاهد الاستطلاعات إلى أنها أدخلت تصحيحات على منهجيتها العامة لاستبعاد أخطاء كهذه في الانتخابات المقبلة. وتجري هذه المرة استطلاعات باهتمام أكبر وبشكل أكثر تكراراً في الولايات الحاسمة التي لم تشهد ما يكفي من الاستطلاعات المرة الماضية. وإضافة إلى ذلك، يشير منظمو الاستطلاعات إلى ثبات النتائج هذه المرة.
فمنذ الربيع، تقدّم بايدن بمعدل لم يتراجع إطلاقاً عن أربع نقاط مئوية. وفي نهاية المطاف وفي بلد يشهد استقطاباً شديداً، هناك عدد أقل بكثير من الناخبين المترددين الذين قد يقلبون المشهد في اللحظة الأخيرة، وفق "فرانس برس".
ويشعر البعض أن هناك ناخبين يتحفظون على التصريح في الاستطلاعات عن تفضيلهم لترامب نظراً للجدل المحيط به. وسبق لترامب أن قال إن "الاستطلاعات أخطأت المرة الماضية وهي أكثر خطأ هذه المرة". وكانت "مجموعة ترافالغار"، مؤسسة الاستطلاعات التي يفضلها الجمهوريون وتستخدم نهجاً يأخذ في الحسبان احتمال تحفّظ الناخبين، بين الجهات القليلة التي توقعت فوز ترامب عام 2016 في بنسيلفانيا وميشيغن. لكنها هذه المرة تمنح الأفضلية لبايدن في ولايات حاسمة على غرار بنسيلفانيا وويسكنسن.

لا دليل على حدوث تحول في استطلاعات الرأي مثل عام 2016

وبناء على حسابات أجرتها صحيفة "نيويورك تايمز" أخيراً، سيفوز بايدن حتى ولو كانت الاستطلاعات الحالية في كل ولاية خاطئة بالدرجة نفسها التي كانت عليها قبل أربع سنوات. وفي السياق ذاته، قالت مجلة "فوربس" في تقرير على موقعها، نشر أول من أمس الأحد، إن لا دليل على حدوث تحول في استطلاعات الرأي على المستوى الوطني ومستوى الولايات، مثل عام 2016، حتى الآن. وقالت "فوربس"، إنه "بينما لا يزال بإمكان ترامب الفوز، غير أنّ هناك تحولا متأخرا في الاقتراع لصالحه، على الرغم من أن ذلك قد يتغير خلال الأسبوعين المقبلين". وأشارت المجلة إلى أنه "لا يزال بايدن يتصدر بحوالي 9 إلى 10 نقاط على المستوى الوطني، مع عدم وجود تحول كبير للناخبين باتجاه ترامب خلال الأسابيع الأخيرة، لا بل إن التحوّل كان باتجاه بايدن".
وتابعت أنه "في عام 2016، بلغ متوسط استطلاعات الرأي لصالح هيلاري كلينتون، والذي كان أكثر تقلباً بكثير منه بالنسبة لبايدن، ذروته في 18 أكتوبر عند 7.1 نقاط، قبل أن ينخفض بشكل حاد حتى وصل إلى 1.3 نقطة فقط في 3 نوفمبر، أي قبل أيام من يوم الانتخابات التي أجريت في 8 نوفمبر من ذلك العام. وأشارت "فوربس" إلى أنّ "تقدم بايدن في ولايات رئيسية عدة، ظلّ أكثر ثباتاً مما كان عليه بالنسبة إلى كلينتون"، موضحةً أنّ بايدن "يتقدم بمعدل 7.2 نقاط في ميشيغن، و6.1 نقاط في ويسكنسن، و3.9 نقاط في أريزونا، و2.7 في نورث كارولاينا. وكان انخفض متوسط تقدّم كلينتون في بنسلفانيا وميشيغن مثلاً بشكل مطرد منذ بداية أكتوبر 2016 إلى منتصفه، وانخفض بشكل طفيف في ولاية ويسكنسن، وهي ولايات ثلاثة انتهت في النهاية لصالح ترامب بفارق ضئيل. ووفقاً لاستطلاعات الرأي، يتنافس بايدن اليوم مع ترامب في ولايات أكثر مما فعلت كلينتون في عام 2016. من جهتها، ذكرت صحيفة "تليغراف" البريطانية، أن تأييد الأميركيين لترامب ثابت عند حوالي 40 في المائة، وذلك بناءً على تتبعها لآخر ثمانية استطلاعات رأي.
(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)