احتمالات نجاح سيناريو ليبيا مع البرنامج النووي الإيراني

09 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 18:18 (توقيت القدس)
منشأة بوشهر النووية في إيران، أغسطس 2010 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يفضل مسؤولون إسرائيليون وأميركيون "نموذج ليبيا" للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني، حيث يسعى نتنياهو لاتفاق مشابه للاتفاق الليبي لعام 2003 لتفكيك البرنامج النووي الإيراني.
- يواجه تطبيق النموذج الليبي على إيران تحديات كبيرة بسبب الفروقات بين البرنامجين النوويين والظروف الجيوسياسية المختلفة، مما يجعل من الصعب تكرار نفس السيناريو.
- الخبراء يرون أن إيران لن توافق على هذا النموذج، وأن الطرح الإسرائيلي يهدف إلى إفساد المفاوضات بين إيران وأميركا واستفزاز الإيرانيين.

بات مسؤولون إسرائيليون وأميركيون يطرحون أخيراً "نموذج ليبيا" للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني خياراً مفضّلاً بديلاً عن الخيار العسكري، يحقق غاية تعطيل هذا البرنامج وتفكيكه، ما قد لا يحققه استخدام القوة العسكرية. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين الماضي، إنه يفضّل اتفاقاً مع إيران يشبه النموذج الذي تم اعتماده مع ليبيا عام 2003، والذي أدى إلى تفكيك برنامجها النووي بشكل كامل ونهائي.

نتنياهو أكد قبل مغادرته واشنطن إلى إسرائيل، أن التعامل مع الملف النووي الإيراني يمكن تحقيقه عبر طريقين لا ثالث لهما، إما عبر الاتفاق أو الخيار العسكري، مضيفاً أن الاتفاق لن يكون مقبولاً إلا إذا كان مشابهاً للاتفاق مع ليبيا، حيث "ندخل، ونفجر المنشآت، ونفكك جميع المعدات، تحت إشراف وتنفيذ أميركيين، وهذا هو السيناريو الأمثل".

سبق نتنياهو في الحديث عن تطبيق هذا السيناريو مع إيران، السيناتور الجمهوري الأميركي توم كوتون، الذي قال إن ترامب يفضّل أن يكون الاتفاق مع إيران مشابهاً للاتفاق الذي وقعته ليبيا مع الولايات المتحدة في عام 2003. ورد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأحد الماضي، على هذه التصريحات بالقول إن أميركا "ربما ترى في المنام" تحقيق هذا النموذج مع البرنامج النووي الإيراني.

وفي السياق، يقول الخبير الإيراني في الملف النووي رحمان قهرمان بور لـ"العربي الجديد"، إن ثمة قواعد في نظام الرقابة النووية العالمية، وإن "الملف النووي لأي بلد يخصه دون غيره، ولا تنبغي مقارنته بدولة أخرى"، مشيراً إلى أن المتخصصين بناءً على ذلك يوصون بأن الدبلوماسية النووية ينبغي أن تختلف من بلد لآخر بسبب اختلاف الظروف والأوضاع، قائلاً إن الملف النووي الليبي "يختلف اختلافاً كبيراً" مع الملف النووي الإيراني، لأسباب ترتبط بطبيعة النظام السياسي، والموقعين الجيوسياسي والجغرافي لإيران وليبيا"، موضحاً أن أهم فارق بين البرنامجين أن البرنامج النووي الإيراني "محلي"، عكس النموذج الليبي الذي لم يكن "متقدماً".

كذلك، يشير قهرمان بور إلى أن ليبيا قبلت بالاتفاق مع أميركا لتفكيك برنامجها النووي في ديسمبر/ كانون الأول 2003، بعد أشهر من الحرب الأميركية على العراق، في وقت اتبع الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن استراتيجية "الحرب الاستباقية"، فضلاً عن أن النظام السياسي الليبي كان "ضعيفاً" داخلياً آنذاك. ويوضح الخبير الإيراني أن بوش الابن طرح أيضاً حينها أن "إيران لا ينبغي أن تمتلك برنامجاً نووياً، ويجب تفكيكه، لكن في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما اتضح لهم أن هذه السياسة غير قابلة للتطبيق، ما دفعه إلى إرسال رسالة إلى طهران، أعلن فيها أن أميركا توافق على الحق الإيراني في تخصيب اليورانيوم، ومنذ ذلك الحين، قبلت الإدارات الأميركية ذلك كمبدأ أساسي".

ويخلص قهرمان بور في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أن أميركا لا تسعى إلى تطبيق السيناريو الليبي مع إيران، والأخيرة أيضاً "لن توافق على ذلك"، مشيراً إلى أن "ثمة قناعة في واشنطن بأن الدبلوماسية مع إيران لن تنجح، ما لم ترفق بالتهديد المؤثر"، مشيراً بذلك إلى استقدام البنتاغون معدات وقطعاً عسكرية إلى المنطقة، وقاعدة دييغو غارسيا، لافتاً إلى أن واشنطن تمارس "دبلوماسية القوة" أو "دبلوماسية الإملاء" مع إيران، لتحقيق اتفاق تنشده.

بدوره، يقول الخبير الإيراني علي رضا مجيدي، لـ"العربي الجديد"، إن أهم ما يميز البرنامجين النوويين الإيراني والليبي، هو أن الصناعة النووية الإيرانية "محلية الصنع، وهذا العلم النووي موجود في أدمغة المهندسين والعلماء الإيرانيين"، مضيفاً أن البرنامج النووي الإيراني محلي الصنع وقائم بذاته دون الخارج منذ عقدين، ومشيراً إلى أن فرع "الفيزياء النووية" من الفروع المتقدمة في الجامعات الإيرانية، و"بالتالي لا يمكن تفريغ إيران من العلم النووي".

ويشير مجيدي إلى أن ليبيا تعرضت لهجوم أميركي قبل 15 عاماً من اتفاق 2003، "ما زاد ضعفها وجعلها أكثر عرضة للأضرار، لكن هذا لا ينطبق على إيران"، موضحاً أن ليبيا "فقدت أيضاً نفوذها الناعم خلال تسعينيات القرن الماضي، فيما كان العقيد معمر القذافي قد ركب موجة الحركات الناصرية قبل أن تبدأ بالانحسار من الثمانينيات بالتدرج، ثم مع انهيار الاتحاد السوفييتي، فقدت نفوذها الخارجي، وهو ما لا ينطبق أيضاً على إيران".

ويخلص مجيدي في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أن تكرار التجربة الليبية مع إيران "غير ممكن"، عازياً سبب طرحها من جانب نتنياهو، إلى مساعيه لـ"إلحاق الضرر في آن واحد بطرفي التفاوض الإيراني والأميركي"، ولافتاً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، في ظل معرفته الجيدة بترامب والفريق الحاكم في البيت الأبيض، طرح السيناريو الليبي "لكي يستفز طموح ترامب ويفشل المفاوضات بأسرع ما يمكن، من خلال رفع مستوى مطالبهم وتوقعاتهم، وإقناع الأميركيين بالإبقاء على الخيار العسكري، فضلاً عن السعي لاستفزاز الإيرانيين لإبعادهم عن مسار التفاوض والاتفاق، اتعاظاً بمصير القذافي".

المساهمون