احتجاز نواب سابقين في الكويت بسبب رفضهم دفع كفالة مالية للنيابة

احتجاز نواب سابقين في الكويت بسبب رفضهم دفع كفالة مالية للنيابة

16 مارس 2021
النيابة العامة استدعت عدداً من المشاركين في الوقفة التضامنية مع الداهوم (تويتر)
+ الخط -

أزمة جديدة تعيشها الكويت بعد قرار النيابة العامة احتجاز نواب سابقين من المعارضة وأكاديميين وابن شيخ أكبر قبيلة في الكويت، وهي قبيلة العوازم، على خلفية مشاركتهم في وقفة احتجاجية للتضامن مع النائب المبطلة عضويته بدر الداهوم، الأسبوع الماضي، مخالفين بذلك الاشتراطات الصحية المفروضة في البلاد بسبب فيروس كورونا.  

واستدعت النيابة العامة عدداً من المشاركين في الوقفة الاحتجاجية التضامنية مع النائب المبطلة عضويته بدر الداهوم، وحققت معهم بسبب مخالفتهم للاشتراطات الصحية، حيث قالوا إن الوقفة الاحتجاجية جرت بموافقة وزير الداخلية وبترخيص منه، ومن ثم قررت الإفراج عنهم بكفالة قدرها 100 دينار كويتي، لكن المتهمين رفضوا دفع الكفالة، وقالوا إن مطالبتهم بالكفالة تمثل تعسفاً في تطبيق القانون، ما استدعى النيابة تحويلهم إلى المباحث العامة ومن ثم اقتيادهم إلى السجن، تمهيداً لعرضهم على النيابة مرة أخرى.  

وكان من بين المحتجزين النائب السابق محمد هايف والنائب السابق عادل الدمخي والأكاديمي والسياسي البارز عبيد الوسمي، إضافة إلى فهد فلاح بن جامع، ابن أمير قبيلة العوازم في الكويت (أكبر قبيلة في البلاد)، وهي ذات القبيلة التي ينتمي إليها النائب المبطلة عضويته، بدر الداهوم.  

وشهدت الساعات اللاحقة تسارعاً في الأحداث، بعد بيان أطلقه أمير قبيلة العوازم، الشيخ فلاح بن جامع، قال فيه إنّ قبيلته تستنكر ما حدث من استدعاءات بحق المتضامنين مع النائب المبطلة عضويته بدر الداهوم، وأعلن نية قبيلته مقاطعة الانتخابات التكميلية المزمعة إقامتها في الأسابيع المقبلة.  

وأحدث بيان بن جامع ارتباكاً كبيراً وحراكاً في الشارع السياسي الكويتي، إذ تزاحم أبناء قبيلته إلى منزله، رغم دخول ساعات الحظر الجزئي للتجول، وذلك للتضامن مع موقفه، لكن وزير الداخلية زار بن جامع، بحسب مصادر لـ "العربي الجديد"، وطلب منه فضّ التجمع الموجود أمام منزله استجابة لتعليمات السلطات الصحية، وهو ما حصل فعلاً.  

وأدان نواب المعارضة قرار النيابة العامة استكمال حجز المتهمين ومطالبتهم بسداد الكفالة المالية، دون الإفراج عنهم بضمان شخصي، كما هو معمول به مع القضايا التي يمثل فيها سياسيون وأكاديميون بارزون.  

وقال النائب المبطلة عضويته، بدر الداهوم: "حجز الأخوة الموجودين في النيابة بسبب عدم دفعهم للكفالة لا يجوز، لأن هذه الدعوة جاءت بعد موافقة وزير الداخلية ووجود قوات الداخلية، فيجب احترام الشخصيات الموجودة، فهم مواطنون معروفون ولهم مكانتهم، فالإجراء الذي اتخذ يعتبر تصعيداً غير مبرر".  

وأصدر 11 نائباً معارضاً بياناً قالوا فيه إنهم يجددون "عدم تعاونهم" مع رئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد الصباح، وأدانوا احتجاز النيابة العامة للمتهمين، مطالبين بالإفراج عنهم.  

وقال مصدر حكومي بارز، لـ "العربي الجديد"، في وقت متأخر مساء يوم الاثنين، إنّ "الحكومة اتجهت من الدفاع عن نفسها في مواجهة كتلة كبيرة من المعارضة داخل البرلمان إلى الهجوم بقوة، مستغلة الأخطاء القانونية التي ارتكبها النواب في مخالفة الاشتراطات الصحية".  

وأكد المصدر الحكومي أنّ الحكومة "في وضع أفضل، وخصوصاً بعد إبطال المحكمة الدستورية لعضوية بدر الداهوم، نتيجة مخالفته لشروط الانتخاب التي تنص على عدم السماح لمن أساء إلى الذات الإلهية والأميرية".  

وسادت حالة عامة من الارتباك بين أوساط المعارضة، في ظل لجوء الحكومة إلى التصعيد وعدم تقديمها لأي تنازلات، إذ رفضت الحكومة الموافقة على اقتراحات اللجنة التشريعية بتمرير قانون "العفو الشامل" عن المتورطين في أحداث دخول واقتحام مجلس الأمة عام 2011 وتعديل قوانين الحريات.  

وأدانت "حركة العمل الشعبي" (حشد) بقيادة زعيمها مسلم البراك، احتجاز النيابة للمتهمين، فيما طالب "تجمع ثوابت الأمة"، وهو تجمع سلفي مستقل ينتمي إليه النائب المبطلة عضويته بدر الداهوم، بضرورة الإفراج عن المتهمين.  

وانقسمت كتلة المعارضة الواسعة إلى عدد من الكتل الصغيرة، إذ فضّل عدد من النواب خيار استجواب رئيس مجلس الوزراء ومحاولة إسقاط الحكومة بأي ثمن، فيما طالب نواب آخرون بانتزاع عدد من القوانين المهمة قبل استجواب رئيس مجلس الوزراء. 

يذكر أن المحكمة الدستورية قررت، يوم الأحد الماضي، إبطال عضوية زعيم المعارضة في البرلمان بدر الداهوم، وذلك بسبب قانون "منع المسيء إلى الذات الإلهية والأميرية من الترشح والانتخاب"، وهو قانون مُرر عام 2016، عندما كانت الحكومة تملك أغلبية مريحة في البرلمان. 

وقالت المحكمة الدستورية إن قضية الإساءة إلى الذات الأميرية، التي اتُّهم بها بدر الداهوم، وحكم عليه فيها بالسجن عام 2014 لمدة 3 أعوام مع وقف التنفيذ توجب عليها إبطال عضويته، رغم أن القانون لا يطبَّق على الجرائم السابقة، وفقاً لخبراء قانونيين.  

وكانت المعارضة الكويتية قد اكتسحت الانتخابات البرلمانية التي جرت في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول عام 2020، لكنها فشلت في الصمود أمام الحكومة في أثناء عملية انتخابات الرئاسة لمجلس الأمة، إذ نجحت الحكومة في حشد الأصوات اللازمة لانتخاب رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، كذلك سجلت المعارضة فشلاً كبيراً في انتخابات اللجان البرلمانية، ما أدى إلى تقديم ثلاثة نواب استجواباً لرئيس مجلس الوزراء في أوائل شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، استقالت على إثره الحكومة.  

وقرر أمير البلاد، الشيخ نواف الأحمد الصباح، في منتصف شهر فبراير/ شباط الماضي، تعليق مجلس الأمة عن الانعقاد لمدة شهر وفقاً للمادة 106 من الدستور، وذلك لإعطاء الحكومة فرصة لترتيب أوراقها والتفاهم مع البرلمان.