اجتماع التحالف الدولي ضد "داعش" بالمغرب: لمواجهة التنظيم في أفريقيا

اجتماع التحالف الدولي ضد "داعش" بالمغرب: مرحلة أولى لمواجهة التنظيم في أفريقيا

09 مايو 2022
الاجتماع ينطلق الأربعاء في مراكش (فاضل سنا/ فرانس برس)
+ الخط -

تستضيف مدينة مراكش المغربية، بعد غد الأربعاء، الاجتماع الوزاري السنوي للتحالف الدولي المناهض لتنظيم "داعش" الإرهابي، وسط تزايد المخاوف من أنشطته في أفريقيا.

ويشارك في الاجتماع الوزاري السنوي، الذي ينعقد بدعوة مشتركة من وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن، ممثلون عن 84 دولة في التحالف، الذي تأسس في العام 2014 بقيادة أميركية، ويروم العمل على القضاء على "داعش".

وهي المرة الأولى التي تحتضن فيها القارة الأفريقية اجتماعا للتحالف، فيما سيتم التركيز على تعزيز التنسيق والتعاون الأمني في المناطق التي اندحر منها التنظيم الإرهابي. ويسعى المغرب من وراء الاجتماع إلى تركيز الاهتمام الدولي على مواجهة خطر إعادة "داعش" تمركز عناصره في منطقة الساحل والصحراء وعموم القارة الأفريقية.

كما يشكل الاجتماع "مرحلة أخرى في إطار مواصلة الانخراط والتنسيق الدولي لمكافحة داعش، مع تركيز على القارة الأفريقية وتطور التهديد الإرهابي في الشرق الأوسط ومناطق أخرى"، وفق بيان أصدرته الخارجية المغربية اليوم الاثنين.

وينتظر أن يعرف الاجتماع استعراض وزراء التحالف المبادرات المتخذة في ما يتعلق بجهود ضمان الاستقرار في المناطق التي تأثرت في السابق بهجمات "داعش"، وذلك في مجال التواصل الاستراتيجي في مواجهة الدعاية إلى التطرف التي ينهجها هذا التنظيم الإرهابي وأتباعه.

وكان التحالف قد أعلن، قبل أشهر، عن إحداث مجموعة النقاش المركزة لمنطقة أفريقيا "أفريكا فوكيس"، في حين يرتقب أن تلي هذه المرحلة، خلال اجتماع مراكش، توجيهات إضافية وأجوبة ملموسة لمواجهة تصاعد مد التطرف في القارة السمراء.

وكان بوريطة قد حذر، خلال افتتاح الأمم المتحدة بالمغرب مكتبا للتدريب ومكافحة الإرهاب في أفريقيا في 25 يونيو/ حزيران الماضي، من أن التهديدات الإرهابية تجتاح بعض مناطق القارة، قائلا إن القارة "ليست فقط موقع  المقاتلين الإرهابيين الأجانب العائدين، بل إنها أصبحت أيضا موطن الإرهابيين الذين شنوا، العام الماضي (2020)، وحده نحو 7108 هجمات أسقطت 12519 ضحية".

وتشهد القارة الأفريقية خاصة في دول الساحل، خلال السنوات الأخيرة، تصاعدا في وتيرة العنف المتطرف إلى درجة أصبح فيها الوضع مقلقا لدول غرب أفريقيا، كما لأوروبا والولايات المتحدة.

وما يعقد من عمل شركاء دول الساحل الأوروبيين والأميركيين، على حد سواء، هو انتشار الجماعات المسلحة في مختلف بلدان الساحل، خصوصا مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وكذا العنف المستمر لجماعة "بوكو حرام" في شمال نيجيريا والكاميرون، وحتى في بعض دول الساحل.

وإلى جانب تعريض أمنها واستقرارها للخطر، يكبد الإرهاب القارة الأفريقية خسائر اقتصادية فادحة قدرت بنحو 171 مليار دولار خلال العقد الماضي، ما ينعكس سلبا على مؤشرات التنمية في القارة.

وبحسب الصحافية المهتمة بالحركات الإسلامية والإرهاب سارة الطالبي، فإن "تركيز الاجتماع الوزاري على مواجهة الخطر الإرهابي في أفريقيا يستند إلى سببين رئيسيين، أولهما: تنامي خطر الجماعات الإرهابية في القارة، والذي يتزامن مع تغيرات سياسية كبيرة تعرفها. وثانيهما: تنامي المخاوف من أن يتحول ضعف الاستقرار السياسي في المنطقة إلى بيئة خصبة للجماعات المتطرفة، وتغذيتها بشكل يمثل خطرا على دول العالم، ويجعل مهمة هزمها أو السيطرة عليها صعبة".

ولفتت الطالبي، في حديث مع "العربي الجديد "، إلى أن "المغرب، الذي يحتضن الاجتماع لأول مرة في أفريقيا، كان دائما، في مداخلاته خلال الاجتماعات السابقة للتحالف، يركز على خطر (داعش) في أفريقيا، وينبه إلى أن خطر التنظيمات الإرهابية في القارة قائم، ويجب التصدي له بنفس الجدية والصرامة التي ووجهت بها تنظيمات مشابهة في دول أخرى من العالم".

وأوضحت أن هزيمة "داعش" في سورية والعراق "أحدثت تغييرا في استراتيجية التنظيم المتطرف، القائمة على توحيد الفروع الإقليمية والمتسمة بتدفق المقاتلين الأجانب المرحلين والعائدين".

واستدركت بالقول إن "27 كيانا إرهابيا متمركزا في أفريقيا مدرجاً حاليا في قائمة عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بصفتها جماعات إرهابية، مسؤولة عن مقتل 12,500 شخص في عام 2020، ما يفسر الإصرار المغربي على إيلاء وجود "داعش" في القارة أهمية كبيرة، ويستند إليه اختيار أفريقيا موضوعا أساسيا لهذا الاجتماع".

من جهته، يرى الباحث في العلاقات الدولية، بوبكر أونغير، أن المغرب يلعب دائما دورا قياديا في كل الجهود الأممية والإقليمية في محاربة الإرهاب والتطرف، خاصة أن له تأثيراً وحركية مهمة في لجنة السلم والأمن داخل الاتحاد الأفريقي.

وقال في حديث مع "العربي الجديد" إن "المملكة قامت بأدوار استراتيجية في إطار محاربة الإرهاب المتنقل، وخاصة في الساحل الأفريقي، وانخرطت جديا في محاربة الجماعات التي تتاجر بالسلاح والبشر وتستهدف الأمن العالمي".

وأوضح أن "المغرب كان من السباقين دائما في كل المبادرات الدولية الخاصة بمحاربة الإرهاب والتطرف، ومنها المبادرات التي قام بها المغرب في مجلس حقوق الإنسان الأممي لدعم جهود محاربة التطرف والإرهاب، خاصة في ما يتعلق بتجويد الممارسات الخاصة بمحاربة كل أشكال التطرف وخطابات الكراهية".

وأضاف "كذلك المغرب كان من المبادرين في الأزمة السورية منذ 2011 وفي إطار محاربة (داعش) ثقافيا وفكريا وسياسيا".

المساهمون