استمع إلى الملخص
- في 2008، اتهم دبلوماسي جزائري بالتورط في اغتيال معارض سياسي، لكن أُغلقت القضية لاحقًا لعدم كفاية الأدلة.
- الأزمة الحالية تتعلق بمحاولة اختطاف الناشط الجزائري أمير بوخرص، حيث تتهم باريس ثلاثة أشخاص، بينهم دبلوماسي جزائري، بينما تنفي الجزائر الاتهامات وتعتبر الأدلة غير مقنعة.
تعيد أزمة وحادثة اعتقال السلطات الفرنسية أحد الموظفين القنصليين الجزائريين العاملين في القنصلية الجزائرية بكريتاي (ضواحي باريس)، بناءً على تحقيق بشبهة المشاركة في التحضير لاختطاف ناشط معارض جزائري يقيم في فرنسا، أزمة لحادثة مماثلة في مسار العلاقات بين البلدين، كانت قد جرت في أغسطس/آب عام 2008، بعد توجيه القضاء الفرنسي اتهامات إلى دبلوماسي جزائري رفيع بالتورط في اغتيال معارض سياسي في باريس.
ففي 14 أغسطس 2008، أوقفت السلطات الفرنسية مسؤول التشريفات في وزارة الخارجية الجزائرية محمد زيان حسني، تنفيذاً لأمر بالقبض عليه، صدر في حقه بشبهة ضلوعه في اغتيال علي مسيلي في باريس عام 1987، وهو معارض سياسي جزائري وقيادي في جبهة القوى الاشتراكية الذي كان يقوده الزعيم الثوري حسين آيت أحمد، (خلال فترة السرية والعمل في الخارج قبل إقرار التعددية السياسية في البلاد عام 1989)، وأدت تلك الأزمة إلى توتر سياسي كبير وأزمة دبلوماسية عنيفة بين البلدين، نجم عنها إلغاء زيارة كان من المقرر أن يقوم بها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى فرنسا في ربيع ثم خريف 2009.
وبعد التحقيق معه قرر القضاء الفرنسي الإفراج المؤقت عن الدبلوماسي زيان ووضعه تحت الرقابة القضائية بفرنسا مع الإحضار الجبري حتى فبراير/شباط 2009، إذ جرى الإفراج عنه وسُمِحَ له بمغادرة التراب الفرنسي مع إلزامه مستقبلاً بالرد على دعوات قاضي التحقيق، وفي إبريل/ نيسان 2010 رفض القضاة والمحققون في قضية اغتيال المعارض علي مسيلي طلباً تقدّم به دفاع الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني "لإبطال التهم الموجهة إليه وانتفاء وجه الدعوى''، برغم تزكية الطلب من النيابة العامة بباريس بداية شهر مارس/آذار الماضي، وقرارها تحويل الدبلوماسي محمد زيان حسني من متهم إلى شاهد، بسبب عدم كفاية الأدلة الموجهة ضده، وهو ما دفع وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية حينئذ إلى استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر كزافيي درييانكور لإبلاغه احتجاج الحكومة الجزائرية على قرار العدالة الفرنسية رفض غلق الدعوى ضدّ الدبلوماسي الجزائري.
لكن محكمة الاستئناف بباريس، قررت في 31 أغسطس/ آب 2010 انتفاء وجه الدعوى لصالح الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني، وأعلن حينها وكيل الدفاع عن الدبلوماسي الجزائري المحامي جان لوي بيلتييه، أن المحكمة الباريسية استجابت بعد ذلك لطلب تقدم به الدفاع بانتفاء وجه الدعوى لصالح مدير التشريفات بوزارة الخارجية الجزائرية، وبالتالي إغلاق ملف متابعته القضائية لعدم كفاية الأدلة.
وتشبه هذه القضية التي كانت خلفت أزمة بين البلدين في حينها، وانتهت إلى إغلاقها دون أن تقدم باريس ما يكفي من الدلائل، من حيث ملابساتها، القضية الجديدة التي تثير منذ السبت الماضي أزمة حادة بين البلدين، بعد توقيف باريس للقائم بأعمال القنصلية الجزائرية في كريتاي، بما تزعم باريس أنها محاولة اختطاف الناشط أمير بوخرص، وقالت الخارجية الجزائرية السبت الماضي إن "الحجج المقدّمة من طرف أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية الفرنسية أثناء جلسات الاستماع هزيلة وغير مقنعة، إذ استندت هذه الحملة القضائية غير المقبولة إلى ادّعاء وحيد مفاده أن هاتف الموظف القنصلي المتهم قد رُصِدَ في محيط عنوان إقامة الشخص المعني".
وتقول باريس إن ثلاثة أشخاص، بينهم الدبلوماسي الجزائري، متهمون بمحاولة خطف أمير بوخرص، وهو ناشط معارض يقيم في فرنسا منذ سنوات، ويهاجم السلطة الجزائرية باستمرار، وكانت السلطات الجزائرية قد قدمت إلى السلطات الفرنسية منذ عام 2017، خمسة طلبات لتسليمه، بعد إدانته من القضاء الجزائري في أكثر من قضية بالسجن، بتهم المساس بالأمن الوطني والوحدة الوطنية وإهانة هيئة نظامية وتسريب وثائق ومعلومات وغيرها، وفي مايو/أيار 2021، صُنِّفَ على اللائحة الرسمية للإرهاب في الجزائر.