استمع إلى الملخص
- موقف حماس والوساطة الدولية: تؤكد حماس جاهزيتها لإنجاح الاتفاق بوساطة قطرية ومصرية، مشددة على ضرورة التزام الاحتلال ببنوده، وتعمل مع الوسطاء لإلزامه بتنفيذ الاتفاق.
- الأبعاد السياسية والتحديات المستقبلية: يرى الباحث محمد الأخرس أن الاحتلال لجأ للاتفاق نتيجة الفشل الميداني، وأن أي خلل في تنفيذ البروتوكول الإنساني قد يؤثر سلباً على عملية تسليم الأسرى.
مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة أسبوعه الثالث على التوالي، ما زال الاحتلال الإسرائيلي ينتهك العديد من بنود اتفاق غزة المتمثلة في تكرار حوادث القصف وعمليات إطلاق النار تحديداً في المناطق الجنوبية مثل رفح وخانيونس، إضافة لعرقلة العمل بالبرتوكول الإنساني المتعلق بالإغاثة.
ولم يسمح الاحتلال حتى الآن بدخول واسع للبيوت المتنقلة أو الخيام إلى القطاع على الرغم من أن اتفاق وقف إطلاق النار نص على أنه ومنذ اليوم الأول يبدأ تدفق المساعدات نحو القطاع عبر المعابر الحدودية. ويواجه الفلسطينيون العائدون إلى مناطق غزة وشمالها معضلة حياتية حقيقية تتمثل في غياب البنية التحتية وعدم توفر بيوت تستوعب مئات الآلاف من النازحين الذين تدفقوا نحو مدينة غزة وشمالها فور سماح الاحتلال بالعودة. وحتى عودة النازحين عرقلها الاحتلال بذريعة الأسيرة أربيل يهود التي أفرجت عنها "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، حيث تأجلت عودة النازحين يومين بفعل العراقيل الإسرائيلية.
ويربط البعض بين السلوك الإسرائيلي وعدم رغبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والأحزاب اليمينية التي تشكل عنصراً بارزاً في الائتلاف الحكومي في استمرار تنفيذ اتفاق غزة بمرحلتيه الثانية والثالثة، على الرغم من رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المضي قدماً في الاتفاق خلال الفترة المقبلة. ومنذ الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار ودخوله حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، تم تسليم أربع دفعات من الأسرى والأسيرات الإسرائيليين في مقابل دفعات مماثلة من الأسرى والأسيرات الفلسطينيين بما في ذلك أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات.
موقف "حماس" من اتفاق غزة
ومن المقرر أن تنطلق هذه الأيام جولة المفاوضات المتعلقة بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الذي يشمل الوصول إلى تفاهمات بشأن الأسرى وقضايا الانسحاب الشامل وتثبيت إنهاء الحرب بشكل كامل. وتبقى الخشية من أن يتنصّل نتنياهو من الاتفاق تحت ذرائع عدم تلبيته للمطالب الإسرائيلية، في وقت يستعد فيه للقاء ترامب في البيت الأبيض. في المقابل، تحدثت حركة حماس وفصائل المقاومة بشكل واضح عن عدم التزام الاحتلال بكامل بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بالإضافة للانتهاكات المتكررة التي يقوم بها بحق الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم وتعرضهم للضرب قبيل عمليات الإفراج عنهم.
عبد اللطيف القانوع: لن نسمح للاحتلال بتأخير الإيواء والإغاثة أو إفشال اتفاق غزة
وقال المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع، لـ"العربي الجديد"، إن حركته لديها الجاهزية الكاملة لإنجاح المرحلة الثانية من الاتفاق المبرم بوساطة قطرية ومصرية ورعاية أميركية، بناء على الالتزام مع الوسطاء وفي حال التزام الاحتلال باستحقاق ذلك. وأضاف القانوع أن إدخال الخيام ومتطلبات الايواء والإغاثة في المرحلة الحالية دون المستوى المطلوب لعدم التزام الاحتلال بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
وأكد المتحدث باسم "حماس" أنهم لن يمنحوا الاحتلال أو يسمحوا له بتأخير الإيواء والإغاثة أو إفشال اتفاق غزة فهناك تواصل مستمر ومتواصل مع الوسطاء لإلزام الاحتلال بما تم الاتفاق عليه. وأضاف أن "الاحتلال يتعمّد التباطؤ في إدخال الخيام والبيوت المتنقلة وما يتطلب من إيواء للشعب الفلسطيني وإغاثته لممارسة ضغط أكثر وكسر إرادة الفلسطينيين خلال الفترة الحالية بالذات مع عودتهم لمناطق غزة والشمال". وأشار إلى أن "تلكؤ الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ كامل بنود الاتفاق وتحديداً في ما يتعلق بالإغاثة والإيواء غير مبرر، ونعمل مع الوسطاء لتفادي ذلك وإدخال الاحتياجات خلال المرحلة الحالية".
الاحتلال يبحث عن منجزات سياسية
من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي محمد الأخرس إن الاحتلال الإسرائيلي ذهب إلى اتفاق وقف إطلاق النار مرغماً على غير الرغبة السياسية لنتنياهو الذي كان يعتقد أنه قادر على المماطلة والتسويف بما يمنحه المزيد من الوقت لاستكمال الإبادة في غزة. وأضاف الأخرس متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن الاتفاق جاء كنتيجة للفشل الميداني للعمليات العسكرية وعدم القدرة على استعادة الأسرى الإسرائيليين بالقوة العسكرية.
محمد الأخرس: أي خطوة سياسية كبرى سيسعى نتنياهو لفرضها في غزة يجب أن تحصل على موافقة أميركية
ورأى الباحث في الشأن السياسي أن استمرار الحرب يتعارض مع الرؤية الأميركية والمصالح في المنطقة ولا يتقاطع مع أجندة ترامب، وبالتالي فإن السلوك الإسرائيلي في الوقت الراهن طبيعي لكون الاتفاق لا يلبي رؤيته. وأشار إلى أن أي خطوة سياسية كبرى سيسعى نتنياهو لفرضها في غزة يجب أن تحصل على موافقة أميركية، فضلاً عن عدم وجود استراتيجية واضحة متعلقة بمستقبل القطاع وإنما وجود رغبات أو خطط لم ترتقِ لمرحلة العمل.
ولفت الأخرس إلى أن الاحتلال الإسرائيلي عبر المماطلة في تنفيذ الاتفاق مرتبط بدرجة أساسية في رغبته بتحويل العمل العسكري إلى منجزات سياسية تقوم على تهجير سكان القطاع أو نقلهم إلى الخارج. وأضاف أن حالة التلكؤ في تنفيذ بنود الاتفاق متعلقة برغبة نتنياهو في زيادة الضغط على المقاومة والمفاوض الفلسطيني عبر الألاعيب السياسية الحالية التي تستهدف تحقيق أي مكاسب في ظل توقف التفاوض بالنار. ووفقاً للأخرس، فإن البرتوكول الإنساني الذي فصّل احتياجات الفلسطينيين في غزة بشكل كامل ووافقت عليه جميع الأطراف، يُعتبر أحد أهم بنود الاتفاق، وبالتالي فإن أي خلل في تنفيذ هذا البرتوكول سينعكس بالسلب على عملية تسليم الأسرى، ولم يستبعد أن تؤجل المقاومة الفلسطينية عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين إلى الاحتلال خلال الدفعات المقبلة في حال لم يتم الالتزام بجميع ما تم الاتفاق عليه، خصوصاً ما يتعلق بالبرتوكول الإنساني.