اتفاق الجوازات الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا والمستفيدون منه
استمع إلى الملخص
- في 2007، تم تبادل مذكرة تفاهم لإعفاء حاملي الجوازات الدبلوماسية من التأشيرات، لكن تغييرات السياسة الجزائرية في 2023 أثرت على منح هذه الجوازات.
- ترى باريس أن تقييد دخول المسؤولين الجزائريين وسيلة ضغط للتعاون في قضايا المهاجرين، وسط توترات سابقة مثل أزمة 2020 بعد تصريحات ماكرون.
في غضون الأيام الأخيرة منعت باريس دخول شخصيات جزائرية تحمل جوازات سفر دبلوماسية يفترض أن تعفيها من الحصول المسبق على التأشيرة. كان ذلك إجراء فرنسياً كرد فعل في خضم أزمة سياسية حادة مع الجزائر، إذ أعلنت عن فرض ما وصفتها بالإجراءات التقييدية على دخول المسؤولين الجزائريين وأفراد عائلاتهم الحاملين لهذه الجوازات الخاصة.
في عام 2007، تبادلت الجزائر وباريس مذكرة تفاهم ثنائية (أقل من الاتفاقية من الناحية القانونية)، تسمح بإعفاء الدبلوماسيين وحاملي الجوازات الدبلوماسية من البلدين، وحاملي وثائق السفر الخاصة (جوازات مهمة)، من التأشيرات والدخول بدون الحصول المسبق على التأشيرة. ومنذ ذلك التاريخ بات في إمكان كل حاملي الجوازات الدبلوماسية من الدبلوماسيين وزوجاتهم وأبنائهم وبعض أفراد عائلاتهم والمسؤولين الجزائريين المدنيين والعسكريين الاستفادة من هذا الامتياز الخاص.
وفي عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة حصل عدد كبير من المسؤولين السابقين وأفراد عائلاتهم على جوازات سفر دبلوماسية، استخدمها بعضهم للفرار من البلاد عقب الحراك الشعبي عام 2019، هروباً من الملاحقات القضائية بسبب الفساد. لكن وبعد اعتلاء الرئيس عبد المجيد تبون السلطة، ولاعتبارات سياسية أصدر الرئيس تبون مرسوماً رئاسياً في يونيو/ حزيران 2023، يحدد شروط منح وثائق السفر الرسمية التي تسلمها وزارة الشؤون الخارجية، والمعنيين بالاستفادة منها.
في عهد بوتفليقة حصل عدد كبير من المسؤولين السابقين وأفراد عائلاتهم على جوازات سفر دبلوماسية
ومنح المرسوم بعض الشخصيات التاريخية المرتبطة بثورة التحرير، جواز سفر دبلوماسي، وهم أعضاء المجلس الوطني للثورة الجزائرية، وأمناء قيادة الأركان العامة في جيش التحرير الوطني، وقادة الولايات التاريخية لجيش التحرير الوطني، ولم يتبق من هؤلاء سوى عدد قليل. كما يمنح هذا الجواز بحكم الصفة السابقة في المناصب العليا للدولة لرؤساء الدولة، ورؤساء غرفتي البرلمان، ورؤساء المجلس والمحكمة الدستورية، ورؤساء الحكومة وزراء الدولة، ووزراء الدفاع الوطني وكبار قادة الجيش، ووزراء الشؤون الخارجية السابقون، كما يحتفظ السفراء والقناصل العامون المتقاعدون من العمل بجوزات السفر الدبلوماسية، إضافة إلى الوزراء ووزراء الدولة، ومدير ديوان رئاسة الجمهورية والأمين العام للحكومة والأمين العام لرئاسة الجمهورية والمستشارون لدى رئيس الجمهورية المتقاعدون، الذين مارسوا هذه الوظائف مدة خمس سنوات على الأقل.
وتنص المادة السابعة من المرسوم على أنه تستفيد عائلات كل هذه الشخصيات "أزواجهم وأولادهم القصر وبناتهم غير المتزوجات اللواتي يعشن معهم تحت نفس السقف بجوازات سفر دبلوماسية شريطة أن يلتزموا باحترام مراتبهم وأن يقيموا في الجزائر وألّا يصدر عنهم أي تصرف يمس بالمصالح العليا للدولة وبكرامتها"، لكن السلطات الفرنسية كانت تعمدت قبل أيام إعادة زوجة سفير الجزائر في مالي من مطار باريس، برغم حملها لجواز السفر الدبلوماسي.
وبحكم مزاولة الوظيفة، يستفيد آلياً من الجواز الدبلوماسي إضافة إلى رئيس الحكومة والوزراء المزاولين، كل الدبلوماسيين والقناصلة والمدير العام للتشريفات والمدير العام للاتصال في الرئاسة، ورئيس المحكمة الدستورية والمحكمة العليا ومجلس الدولة والنائب العام لدى المحكمة العليا، ورئيس مجلس المحاسبة ومحافظ بنك الجزائر ووسيط الجمهورية وعميد جامع الجزائر. كما يستفيد منها رئيس أركان الجيش وكل قادة الجيش الحاملين لرتبة فريق وفريق أول، والفرقاء ومدراء الأجهزة الأمنية، والمدير العام للأمن الداخلي والأمن الخارجي والأمن الرئاسي والأمن العام وقائد الحرس الجمهوري وقادة القوات المسلحة.
وكان لافتاً في البيانات السابقة للخارجية الجزائرية الحديث عمّا يعرف بوثائق السفر الخاصة، التي يحملها بعض المسؤولين والموفدين الرسميين، ممن يجري إيفادهم إلى الخارج في مهمات رسمية، من بين الشخصيات والإطارات التي لا تحمل جوازات سفر دبلوماسية، ويقصد بوثائق السفر الخاصة التي يفترض أن تعفي حاملها من التأشيرة، ما يعرف "بجواز السفر المهمة" الذي يسلم لفترة محدودة بوصفه وثيقة هوية وسفر للقيام بمهمة أو النقل إلى الخارج.
وتعتقد باريس أن قرار تقييد دخول المسؤولين بالجوازات الدبلوماسية، يمكن أن يستخدم ورقة ضغط على الحكومة الجزائرية للقبول بالتعاون مع باريس بشأن استقبال الرعايا والمهاجرين الجزائريين المستبعدين من باريس، سواء بسبب الإقامة غير القانونية، أو بسبب قرارات إدارية وقضائية فرنسية. ومثل هذا القرار ليس طارئاً، ففي سياق الأزمة في سبتمبر أيلول 2020، بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول الأمة الجزائرية، واستدعاء الجزائر سفيرها من باريس للتشاور، أعلن ماكرون إمكانية التنغيص على حياة المسؤولين الجزائريين وأبنائهم بشأن دخول فرنسا، وكان يقصد حاملي الجوازات الدبلوماسية.