اتفاق إيطالي جزائري بشأن التعاون الدفاعي ومكافحة الإرهاب والهجرة
استمع إلى الملخص
- أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على أهمية القمة الجزائرية الإيطالية في تعزيز الشراكة الاستراتيجية، مع توقيع اتفاقيات في قطاعات متعددة ودعوة المجتمع الدولي لوقف الانتهاكات ضد الفلسطينيين.
- توسع الشراكة الجزائرية الإيطالية يعود إلى اعتبارات تاريخية وسياسية واقتصادية، مع تعزيز العلاقات منذ تولي تبون السلطة وتبادل زيارات رفيعة المستوى بين البلدين.
أعلنت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، اليوم الأربعاء، التوصّل إلى اتفاق مع الجزائر في مجالات الدفاع والأمن ومكافحة الهجرة غير نظامية، ضمن جملة تفاهمات أخرى غلب عليها الطابع الاقتصادي والتجاري على وجه التحديد، لتعزز التوافق السياسي الكبير بين البلدين، وتعكس الثقة القائمة بين الجزائر وإيطاليا.
وقالت ميلوني، في مؤتمر صحافي على هامش لقاء القمة الجزائرية الإيطالية الخامسة الرفيعة المستوى جمعها مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في روما، إن "هناك اتفاقاً مع الجزائر على تجديد التعاون الدفاعي، وتنسيق جهودنا لمكافحة الإرهاب، وتنسيق الجهود المتميزة لمكافحة الهجرة غير النظامية وإدارة تدفقات الهجرة". وأكدت توقيع اتفاقية تعاون في مجالي البحث والإنقاذ الخاصة بالمنطقة الإقليمية تضمن مهمة مزدوجة تتمثل في معالجة الأسباب الجذرية للهجرة من جهة، والعمل على منع هيمنة مافيا الإتجار بالبشر على سيادة القانون والدول ذات السيادة من جهة أخرى.
وكشفت عن التركيز خلال نقاشات الشق السياسي من القمة "على منطقة الساحل الأفريقي، وهي منطقة تلتزم فيها إيطاليا التزاماً راسخاً بتعزيز الاستقرار، مكافحة الإرهاب، ودعم سكانها"، إضافة إلى نقاش حول الوضع في ليبيا، مضيفة "نتفق تماماً على ضرورة تحقيق الاستقرار واستئناف عملية سياسية تتجاوز الانقسامات في البلاد".
من جانبه، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي كان قد وصل مساء أمس إلى العاصمة الإيطالية روما، في زيارة رسمية، برفقة وفد حكومي واقتصادي كبير، التوقيع على اتفاقيات ذات الطابع الأمني والاقتصادي. وقال "أنا متيقن أن ما أنجزناه في هذه القمة يفتح آفاق شراكة استراتيجية ويوسع الشراكة بين بلدينا الصديقين". كما قال إن القمة الجزائرية الإيطالية سمحت "بتبادل التصورات حول الوضع في منطقة الساحل وآليات تعزيز الجهود الجماعية لضمان الأمن والتنمية ومكافحة الإرهاب في هذه المنطقة"، مشيراً إلى أن الطرفين "عبّرا عن قلقهما عن الوضع العام في الشرق الأوسط وما يستدعيه من مساعٍ ملحّة لتفادي التصعيد وعدم الاستقرار في المنطقة"، ودعا "المجتمع الدولي إلى أن يتحمل مسؤوليته السياسية والأخلاقية لوقف الإبادة والانتهاكات المتواصلة ضد الفلسطينيين".
وتوّجت زيارة الرئيس الجزائري إلى روما بالتوقيع على سلسلة اتفاقيات شراكة بين البلدين، تشمل قطاعات واعدة، منها الموارد المائية والزراعة المستدامة، والصناعة والنقل والتعاون الثقافي والعلمي والشراكة الموثوقة في مجال الطاقة والطاقات المتجددة. وقالت ميلوني إنها "راضية جداً عن نتائج القمة وجودة الاتفاقات التي جرى التوصل إليها"، مشيرة إلى أن "إيطاليا تطمح لتصبح نقطة توزيع للطاقة في أوروبا من خلال الشراكة الاستراتيجية التي تبنيها مع الجزائر".
وتفسّر تقديرات سياسية توسع الشراكة الجزائرية الإيطالية باعتبارات تاريخية وسياسية واقتصادية، إذ يؤكد المحلل في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية محمد طايبي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك مساراً تاريخياً يُمكن أن يفسّر توسع الثقة السياسية بين الجزائر وإيطاليا، يعود إلى فترة عشية استقلال الجزائر، حيث ساعدت إيطاليا الجزائر في تكوين الكوادر الفنية خاصة في الصناعة النفطية، كما أن إيطاليا كانت الدولة الأوروبية الوحيدة التي بقيت تقدم قروضاً ومساعدات تمويل للجزائر في فترة التسعينات حين انهار الاقتصاد الجزائري بفعل الأزمة الأمنية ولم تقاطع طائراتها المطارات الجزائرية"، مضيفاً أن "هذه العوامل إضافة إلى حزمة توافقات سياسية حول قضايا الهجرة والأمن في المتوسط ومكافحة الإرهاب، وقبول إيطاليا تحويل تكنولوجيا بعض القطاعات الصناعية والفنية إلى الجزائر، تشجع البلدين على المضي في تفاهمات واسعة على أكثر من صعيد". وقال "منذ اعتلاء الرئيس تبون السلطة نهاية عام 2019، كان لديه توجه واضح للارتكاز على العلاقة مع إيطاليا كشريك سياسي واقتصادي رئيسي في المتوسط، بدلا عن فرنسا، وحتى الآن هناك خمس زيارات متبادلة بين البلدين على أعلى مستوى منذ عام 2021".
في غضون ذلك، يلتقي تبون غداً الخميس البابا لاوون الرابع عشر في دولة الفاتيكان، قبل مغادرته روما في ختام زيارته إلى إيطاليا. وسبق للبابا أن أعرب عن رغبته في زيارة الجزائر، مسقط رأس القديس أوغيستين (عاش في منطقة سوق أهراس شرقي الجزائر)، وقال إنه يعتبره مرجعه الفكري والروحي. ومن المرجح أن يقدم الرئيس تبون دعوة رسمية للبابا لزيارة الجزائر.