اتفاقية الدفاع المشترك بين باكستان والسعودية: آمال وتحديات

18 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 23:57 (توقيت القدس)
لقاء بن سلمان وشهباز شريف في الرياض 17 سبتمبر 2025 (واس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رحّبت الأوساط الرسمية والإعلامية في باكستان باتفاقية الدفاع المشترك مع السعودية، معتبرةً إياها خطوة لتعزيز العلاقات الثنائية، حيث ستتعامل باكستان مع أي اعتداء على السعودية كأنه اعتداء عليها، مما يفتح فرصاً اقتصادية رغم التحديات الأميركية.

- أكدت وزارة الشؤون الدينية الباكستانية على أهمية الاتفاقية في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيدةً بدور الجيش الباكستاني والقيادة السعودية في تحقيقها، واعتبرتها إنجازاً للأمة الإسلامية.

- أشار رئيس الوزراء شهباز شريف إلى أن الاتفاقية تعزز الردع المشترك وتفتح فصلاً جديداً في العلاقات، مؤكداً على دور باكستان المحوري في الدفاع عن السعودية، وسط ترحيب إعلامي واجتماعي وصمت سياسي.

رحّبت الأوساط الرسمية والإعلامية في باكستان باتفاقية الدفاع المشترك مع السعودية، وسط صمت الأوساط السياسية. وفي حين اعتبر البعض الاتفاقية خطوة مهمة للسعودية لأن باكستان بعد هذه الاتفاقية سوف تتعامل مع أي اعتداء على الأراضي السعودية وكأنه اعتداء عليها، وصف آخرون تلك الاتفاقية بفاتحة خير لإسلام أباد علّها تخرجها أو تساهم في إخراجها من أزمتها المالية والاقتصادية الآخذة في التزايد. ثمة طيف ثالث من المراقبين يرون أن الاتفاقية تشكل تحدياً كبيراً لباكستان، خاصة أنها قد تكون مناهضة للمصالح الأميركية.

وفي أحدث ردات الفعل، قالت وزارة الشؤون الدينية الباكستانية، في بيان، إن "هذه خطوة مهمة للغاية، تثبت ليس فقط اهتمام باكستان بالشؤون الأمنية في المنطقة، بل أيضاً بالشؤون الدينية التي تهم الأمة الإسلامية جمعاء، فالدفاع عن بلاد الحرمين الشريفين وظيفة كل مسلم، وكل بلد إسلامي، والآن باكستان تتحمل هذه المسؤولية الكبرى. إنها تشير إلى اهتمام باكستان بشؤون المنطقة، كما أنها تعكس مدى عمق العلاقات بين باكستان والسعودية".

وكان وزير الشؤون الدينية، سردار يوسف، قد اعتبر، في تصريح، تلك الاتفاقية إنجازاً للأمة الإسلامية وليس لباكستان والسعودية فحسب، مشيداً بدور قائد الجيش المشير عاصم منير في الوصول إلى مثل هذه الإنجازات، كما أعرب الوزير عن شكره للقيادة السعودية على اعتمادها على باكستان.

ويقول المحلل الأمني الباكستاني، فريد الله خان، لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الخطوة مهمة بالنظر إلى طبيعتها، حيث يعتبر الهجوم أو الاعتداء على أي دولة اعتداء على الدولة الثانية، هذا الأمر في الماضي كانت تتولاه الولايات المتحدة، هي كانت تدافع عن أمن المنطقة والدول، ومن أجل ذلك الكثير من الدول الإسلامية سمحت لها بإنشاء قواعد عسكرية، منها المملكة العربية السعودية، لكن بعد التطورات الأخيرة في المنطقة، تلك الدول لم تعد تعتمد على واشنطن".

وأضاف "نعم، إنها (الولايات المتحدة) قادرة لكنها لا تريد أن تفعل ذلك في بعض المواقف، مثل ما حدث مع دولة قطر. من هنا، توجّهت السعودية نحو باكستان. كذلك الأهم هو أن الاتفاقية جاءت في فترة حساسة للغاية، حيث تشنّ إسرائيل الحرب على دول عديدة، وتروج لفكرة إسرائيل الكبرى، والسعودية لن تكون في مأمن من الاعتداءات الإسرائيلية، في ظل فكرة إسرائيل الكبرى، بالتالي باكستان هي الدولة النووية الوحيدة في العالم الإسلامي، ولديها قوة ردع، من هنا تلك الخطوة في غاية الأهمية".

لكن الإعلامي الباكستاني، حامد مير، يقول إن الخطوة جاءت برضاً ومباركة أميركية، موضحاً، في حديث مع قناة "جيو" أن لديه معلومات وثيقة وأكيدة تشير إلى أن الدولتين -السعودية وباكستان- ناقشتا الخطوة قبل التوقيع مع الولايات المتحدة الأميركية التي رضيت بذلك". ويضيف "الخطوة مرحبة جداً، ولكن لا ننسى أنها تحمل معها الكثير من التحديات". ويؤكد الإعلامي أيضاً أن لديه معلومات تشير إلى أن على الأقل دولتين عربيتين سوف تنضمان إلى الاتفاقية قريباً، أو تقومان بإبرام اتفاقية مثيلة مع باكستان، على غرار ما فعلته السعودية، بدون ذكر اسميهما.

من جهته، يقول المحلل الأمني الباكستاني، سيد ممتاز، لـ"العربي الجديد"، إنه "لو هاجمت إسرائيل السعودية أو أي دولة أخرى، هل باكستان تستطيع أن تقوم بالردع، دون أن تستأذن من الولايات المتحدة؟ وهل واشنطن ستسمح بذلك؟ ويضيف "الاتفاقية تشكل تحدياً كبيراً لباكستان، لأنها إذا كانت تستطيع أن تفعل ذلك دون إذن من الولايات المتحدة، حينها ستكون باكستان دولة تسود المنطقة بأسرها".

وأردف "باكستان بحاجة إلى الدعم المالي، هي تعاني من نقص كبير في الطاقة، فلو فعلت السعودية ذلك نتيجة تلك الاتفاقية، حينها ستكون الاتفاقية نقطة تحول في تاريخ باكستان وتكون فيها فائدة كبيرة لباكستان قبل أن تستفيد منها السعودية، ولا شك أن السعودية ساعدت كثيراً باكستان في المجال الاقتصادي وتراكم الديون في الماضي".

وكان رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف قد أكد اليوم الخميس، أنه بعد توقع اتفاقية الدفاع المشترك مع السعودية أصبحت باكستان شريكاً أمنياً مهماً للمملكة، "وستلعب دوراً محورياً في الدفاع عن أرض الحرمين"، مشيداً بدور قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير في الوصول إلى توقيع هذه الاتفاقية "المهمة للغاية".

وقال شهباز شريف في سلسلة تغريدات له إن توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين بلاده والمملكة العربية السعودية "يفتح فصلاً جديداً في عمق العلاقة بين المملكة وباكستان، وهي خطوة مهمة لحماية أمن بلاد الحرمين الشريفين، مشدداً على أن بلاده لن تقبل أي مساومة على أمن المملكة العربية السعودية.

كما شكر شريف ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، على الاستقبال "الذي كان فوق الخيال"، على حد تعبيره، وأن هذا النوع من الاستقبال والحفاوة يترجم عمق العلاقة بين الدولتين، وهو مبني على الاحترام المتبادل.

وشدد رئيس الوزراء على أنه بناء على هذه الاتفاقية المهمة ستلعب بلاده دوراً مهماً في أمن البلدين، مشيراً إلى أنه خلال الاجتماع مع محمد بن سلمان "جرى النقاش بشكل مفصل حول أمن المنطقة والتحديات التي تواجهها، مما يستدعي التعاون الشامل بين بلاده والمملكة العربية السعودية".

كما نبّه شريف مرة أخرى إلى أنه وفق اتفاقية الدفاع المشترك يتصور أن أي اعتداء على أي دولة هو اعتداء على الأخرى، ومن ثم يجري ردع الاعتداء من قبل الدولتين على الفور، وبشكل مشترك وفاعل.

وكانت وكالة الأنباء السعودية، قد أعلنت أمس أن ولي العهد السعودي وقّع مع رئيس الوزراء الباكستاني "اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك، والتي تأتي في إطار سعي البلدين لتعزيز أمنهما وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة والعالم". وأوضحت الوكالة أن الاتفاقية "تهدف إلى تطوير جوانب التعاون الدفاعي بين البلدين، وتعزيز الردع المشترك ضد أي اعتداء، وتنص هذه الاتفاقية على أن أي اعتداء على أي من البلدين هو اعتداء على كليهما".

في غضون ذلك، أعلن مؤتمر علماء باكستان أن يوم الجمعة سيكون يوم الشكر لله على توطيد علاقات باكستان مع المملكة العربية السعودية، وأن باكستان أصبحت جزءاً من دفاع الأراضي المقدسة. وقال رئيس المؤتمر العلامة طاهر أشرفي، في تصريح صحافي له، إن باكستان الآن "أصبحت جزءاً مهماً في الدفاع عن أرض الحرمين الشريفين، وإنها لن تألو جهداً في سبيل ذلك، من هنا يعلن المؤتمر أن يكون يوم الجمعة يوم الشكر لله".

وطلب أشرفي من جميع الشرائح الباكستانية أن يعربوا عن فرحهم وامتنانهم لله في هذا اليوم المبارك بهذه المناسبة المباركة، على حد وصفه. ولقي توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين باكستان والمملكة العربية السعودية استقبالاً كبيراً في الأوساط الإعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن الأوساط السياسية في الجملة لا تزال صامتة حياله.

يذكر أن اتفاقية الدفاع المشترك بين باكستان والسعودية قد جرى توقيعها أمس في الرياض بين رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف وبين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبحضور قائد الجيش المشير عاصم منير. ويرى المراقبون في باكستان أن اتفاقية الدفاع المشترك جرى طرحها قبل فترة، ولكن هجوم إسرائيل الأخير على مكتب حماس في الدوحة قد سرّع بالاتفاقية وجرى توقيعها في هذا التوقيت الحساس للغاية.

المساهمون