اتصالات وتحركات دولية تستبق استئناف مفاوضات فيينا النووية الخميس

اتصالات وتحركات دولية تستبق استئناف مفاوضات فيينا الخميس: "آخر فرصة" لإحياء الاتفاق النووي؟

08 ديسمبر 2021
مورا: ستشمل الجولة السابعة لقاءات ثنائية ومتعددة الأطراف (جو كلامار/فرانس برس)
+ الخط -

تستعد أطراف التفاوض حول ملف إحياء الاتفاق النووي الإيراني، للعودة إلى فيينا، واستئناف الجولة السابعة من المفاوضات، غداً الخميس، بعدما توقّفت، الجمعة الماضي، وعادت الوفود إلى العواصم للتشاور، وهي جولة قادمة على وقع تحذيرات غربية بأنها "آخر فرصة" لإحياء الاتفاق النووي، فيما تظل إيران متمسكة بمسودتي مقترحاتها بشأن رفع العقوبات والخطوات النووية بعد رفضهما أميركياً وأوروبياً، فيما فرضت واشنطن، مساء الثلاثاء، عقوبات جديدة على أشخاص وكيانات إيرانية في خطوة لها دلالاتها في هذا التوقيت قبيل استئناف المفاوضات في إطار الجولة الجديدة.

وشهدت الأيام الأخيرة تحركات واتصالات مكثفة بين مختلف الأطراف، منذ الجمعة الماضي، حين توقفت المفاوضات، منها زيارة كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني لروسيا، واتصالاته مع نائب رئيس مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، فضلاً عن مناقشة الرئيسين الأميركي والروسي، جو بايدن وفلاديمير بوتين، الملف النووي الإيراني ومفاوضات فيينا خلال اتصالهما المرئي، أمس الثلاثاء.

وأعلن منسق مفاوضات فيينا، إنريكي مورا، اليوم الأربعاء، في تغريدة على "تويتر"، أنّ "الجولة السابعة من المفاوضات بشأن الاتفاق النووي تستأنف غداً الخميس، بعد مشاورات في العواصم"، كاشفاً عن أنه سيعقد اجتماع للجنة المشتركة للاتفاق النووي بمشاركة رؤساء الوفود ولقاءات ثنائية ومتعددة الأطراف.  

تصعيد أوروبي قبيل استئناف مفاوضات فيينا

استبقت الترويكا الأوروبية المشكّلة من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الشريكة في الاتفاق النووي، استئناف المفاوضات بتصعيد خطابها ضد إيران، وتأكيد رفضها مسودتي مقترحاتها حول رفع العقوبات والمسائل النووية.

وفي هذا السياق، حذرت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، اليوم الأربعاء، طهران، قائلة إنّ المفاوضات الراهنة هي "آخر فرصة" لها للعودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

ونقلت "رويترز" عن تراس، قولها: "أوصي الإيرانيين بقوة أن يعودوا إلى الاتفاق النووي، لأننا مصممون على منع إيران من امتلاك السلاح النووي بالتعاون مع حلفائنا". 

وأمس الثلاثاء، اتهم وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إيران بـ"المماطلة" خلال المفاوضات، قائلاً إنها بعد استئنافها الأسبوع الماضي "ليست مشجعة جداً". 

واتهم لودريان، إيران بالسعي إلى العودة إلى ما قبل التوصل إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 و"إطالة أمد المفاوضات"، وقال إنهم بذلك "يقتربون من القدرة على امتلاك السلاح النووي". 

وأعلنت الخارجية الفرنسية، رفض باريس للمقترحات الإيرانية، معتبرة أنها "لا تشكّل أساساً معقولاً لأي اتفاق"، حسب تصريح للمتحدثة باسمها آن كلير لوجندر. 

وأضافت أنّ "الوقت بات ينفد بسبب مواصلة إيران برنامجها النووي بشكل مقلق للغاية"، قائلة إنّ المفاوضات "لم تستأنف فعلياً". 

وألمانيا من جهتها، أكدت الثلاثاء، أنّ رزمتي مقترحات قدمتها إيران خلال الاسبوع الماضي لأطراف المفاوضات "غير مقبولة"، محذرة من أنّ "الوقت لإنقاذ الاتفاق النووي مقبل على النهاية".

تمسك إيراني بالمسوَّدتين 

وفي إطار اتصالاته قبيل استئناف مفاوضات فيينا، أجرى كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، اليوم الأربعاء، محادثة هاتفية مع نظيره الصيني ماجا ئوسو تناولت هذه المفاوضات. 

وتقدم باقري كني بالشكر للصين على دعمها مواقف إيران خلال المفاوضات "في مواضيع مهمة، مثل أولوية رفع العقوبات الأميركية غير القانونية وكذلك ضرورة تلقي إيران ضمانات". 

وبيّن باقري، وفقاً لوكالة "إرنا" الإيرانية، مسودتي مقترحات قدمتها بلاده خلال المفاوضات، مؤكداً أنّ "هذه المقترحات موثقة ومستدلة"، داعياً بقية الأطراف إلى إبداء "آراء موثقة ومنطقية" على هذه الخطوة الإيرانية التي وصفها المسؤول الإيرانية بأنها "بنّاءة". 

من جهته، أكد نائب وزير الخارجية الصيني على أهمية التنسيق والمشاورات بين أطراف المفاوضات، معرباً عن أمله في أن تتبع هذه الأطراف "نهجاً بنّاءً يحقق التقدم بالمفاوضات". 

وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في مقال بصحيفة "كومرسانت" الروسية، نشرته تزامناً مع زيارة كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني لموسكو، إنّ "نافذة المفاوضات لن تبقى مفتوحة للأبد". 

واتهم عبد اللهيان، واشنطن بأنها "لم تألُ أي جهد خلال السنوات الأربع الأخيرة لتدمير الاتفاق النووي"، قائلاً إنّ ما آل إليه الاتفاق "نتيجة هذه السياسة الأميركية". 

وأكد الوزير الإيراني أنّ بلاده مستعدة مجدداً لإجراء مفاوضات جادة للتوصل إلى اتفاق جيد بهدف إظهار حسن نيتها وفي سعي لرفع العقوبات الأميركية غير القانونية والأحادية". 

وشدد أميرعبد اللهيان على أن "لا سبيل أمام أميركا للعودة إلى الاتفاق النووي من دون رفع كامل للعقوبات". 

وفي تصريحات أخرى، خلال لقاء مع أعضاء لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية، أكد وزير الخارجية الإيراني تمسك طهران بمسوَّدتي المقترحات المقدمة إلى أطراف المفاوضات، داعياً هذه الأطراف إلى "دراستهما بدقة"، بعد أن وصفهما بأنهما "منطقية". 

وكان كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، قد أكد، بعيد إجرائه مباحثات، الاثنين، مع نائب وزير الخارجية الروسي، سرغي ريابكوف بشأن الاتفاق النووي ومفاوضات فيينا، أن "مقترحات إيران يمكنها أن تدفع مفاوضات فيينا إلى الأمام". 

وأضاف أنّ هذه المقترحات "ليست وثائق جديدة، بل إن أطراف المفاوضات توصلت إلى عدة مسودات خلال الجولات الست السابقة، ونحن بشأن مسودتين، أجرينا تعديلات وقمنا برفع النواقص واستكمالهما". 

إيران: العقوبات الأميركية "لن تمنح ورقة ضغط"

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، على "تويتر"، إنّ العقوبات الأحدث التي فرضتها الولايات المتحدة على كيانات إيرانية "لن تمنح ورقة ضغط وتنبئ بانعدام الجدية وحسن النية". 

وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت الثلاثاء عقوبات جديدة على أكثر من 12 شخصاً وكياناً في إيران، تشمل عقوبات على الوحدات الخاصة للقوات الخاصة للأمن الداخلي، والقوات الخاصة لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى العديد من مسؤوليها، وغلام رضا سليماني، قائد قوات التعبئة "الباسيج". وفرضت عقوبات على سجنين ومدير سجن بشأن أحداث ذكرت تقارير أنها وقعت فيهما. 

انتقادات روسية للعقوبات على إيران

في الأثناء، أعلن المبعوث الروسي إلى مفاوضات فيينا ميخائيل أوليانوف، في تغريدات عبر "تويتر"، أنه أجرى، اليوم الأربعاء، لقاءات مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي في فيينا، ومنسق المفاوضات، نائب مفوضية السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إنريكي مورا. 

وأكد في تغريدته بشأن اللقاء مع غروسي أنه أطلعه على مفاوضات فيينا، داعياً الوكالة إلى "لعب دور مهم في تنفيذ صفقة مستقبلية بشأن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة"، مع الإشارة إلى أنهما "بحثا أنشطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران". 

وفي تغريدة أخرى، أشار أوليانوف إلى لقائه مع مندوب الاتحاد الأوروبي إلى فيينا إنريكي مورا، قائلاً إنما "تبادلا الآراء للمضي قدماً في المفاوضات"، مقدراً "الدور القيّم للاتحاد الأوروبي كمنسق للمحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي".

وكانت روسيا قدعلّقت على العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة، مساء الثلاثاء، على إيران، لكن تعليقها على ذلك تخللته انتقادات للطرفين الأميركي والإيراني في آن واحد، فقال المبعوث الروسي إلى مفاوضات فيينا، ميخائيل أوليانوف، إنه "حتى في خضم مفاوضات فيينا، تواصل الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة، وإيران تستمر في تطوير برنامجها النووي. هذا ليس جيداً".

وأضاف أوليانوف، في تغريدة عبر "تويتر"، اليوم الأربعاء، أنّ "الوقت قد حان لوقف هذه الإجراءات لتوفير ظروف أفضل لإحياء سريع وناجح لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)".

وفي تغريدة أخرى على "تويتر"، اليوم الأربعاء، قال المبعوث الروسي إلى مفاوضات فيينا، ميخائيل أوليانوف، إنّ "اتصالاتنا مع الولايات المتحدة وإيران خلال مباحثات فيينا تثبت أنّ الطرفين جادان للغاية في العودة إلى الاتفاق النووي، لكن مواقفهما مختلفة بشأن السبل والآليات ذات الصلة". 

وأكد أوليانوف أنّ "مهمة المفاوضين هي التغلب على هذه الخلافات، وهو ممكن في ضوء وحدة الهدف". 

وفي تصريحات أخرى، قال أوليانوف إنّ "اجتماعات غير رسمية تعقد راهناً للاستعداد لاستئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي"، وذلك في إشارة غير مباشرة إلى بقاء بعض أعضاء الوفود في فيينا وعقدهم اجتماعات على مستوى لجان الخبراء. 

وتأتي التصريحات الروسية، فيما كان الملف الإيراني في خضم المباحثات الافتراضية بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين، أمس الثلاثاء. 

وحول هذه المباحثات، قال مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، في تصريحات نقلتها وكالة "تاس" الروسية، اليوم الأربعاء، إنّ بوتين أكد خلال اتصاله مع بايدن "أهمية التنفيذ الكامل للاتفاق النووي في الإطار المتفق عليه"، وأضاف للرئيس الأميركي أنّ الموقفين الروسي والأميركي لا يختلفان كثيراً بشأن ذلك. 

وأوضح أوشاكوف أنّ الرئيسين أعربا عن أملهما في إجراء مفاوضات "بنّاءة" بعد استئنافها أواخر نوفمبر للوصول إلى "قرارات مقبولة لجميع الأطراف". 

من جهته، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أنّ بايدن وبوتين أجريا "مباحثات جيدة للغاية" حول إيران، واصفاً إياها بأنها كانت "بنّاءة".

وبعد توقف دام خمسة أشهر، استأنفت طهران وواشنطن المفاوضات غير المباشرة لإحياء الاتفاق النووي في فيينا، الاثنين الموافق لـ 29 نوفمبر/تشرين الثاني، بواسطة أطراف الاتفاق المشكّلة من الصين وروسيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، وانتهت المفاوضات، الجمعة الماضي، من دون نتيجة وسط امتعاض أميركي وأوروبي من المقترحات الإيرانية، على أن تستأنف المفاوضات غداً الخميس. 

وأعلنت الأطراف الأميركية والأوروبية أن هذه المسوَّدات تتعارض مع المسوَّدات السابقة التي توصلت إليها أطراف المفاوضات خلال الجولات الماضية مع الحكومة الإيرانية السابقة، لكن الفريق الإيراني الجديد للمفاوضات أعلن أنها مجرد مسوَّدات وليست اتفاقيات، وما دام لم يحصل اتفاق، يمكن إعادة النقاش بشأن تلك المسوَّدات.

المساهمون