اتصالات مصرية بـ"حماس" والسلطة الفلسطينية

اتصالات مصرية بـ"حماس" والسلطة الفلسطينية

21 ابريل 2022
الجميع يتحسب لرد فعل حركة "الجهاد الإسلامي" (سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية خاصة مطلعة على ملف وساطة القاهرة بين الفلسطينيين وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، تفاصيل اتصالات الساعات الأخيرة بشأن الأحداث التي تشهدها الأراضي المحتلة.

وقالت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، إن القاهرة "طلبت من حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عدم استغلال الظرف الراهن، وإطلاق أي صواريخ من قطاع غزة تجاه الأراضي المحتلة أو مستوطنات غلاف غزة.

وأشارت إلى أن "التحذير المصري للحركة، جاء محمولاً بمبررات مفادها بأن حكومة نفتالي بينت الحالية في أضعف حالاتها، والتوصل لتفاهمات معها والحصول منها على تسهيلات مقابل عدم التصعيد، سيكون أنسب، وستكون متجاوبة معه".

القاهرة طلبت من "حماس" عدم إطلاق صواريخ من غزة تجاه الأراضي المحتلة

وتابعت أنه "في المقابل، فإن الضغط على حكومة بينت في الوقت الراهن، وفقاً للرؤية المصرية التي نقلتها القاهرة لقيادة حماس، سيدفع تجاه خيارين لا ثالث لهما؛ إما نحو إجراءات أكثر قسوة ومزيد من العنف لتجاوز أزمتها السياسية الداخلية، أو تؤدي الأوضاع الحالية إلى تفكك الحكومة ووصول حكومة يمينية أكثر تطرفاً للحكم، ووقتها ستزيد الوضع سوءاً".

وشن بينت الثلاثاء هجوماً كلامياً عنيفاً على رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، قائلاً: "فشلتم ضد حماس، ونحن نصلح إخفاقاتك. الإرث الذي تركته هو إطلاق صواريخ حماس على القدس وأعمال قتل في عكا واللد، وإسرائيل مشتعلة".

وكان نتنياهو قد دعا مساء الإثنين الماضي لاستبدال الحكومة الإسرائيلية، بعد فترة وجيزة من إطلاق صاروخ من غزة باتجاه الأراضي المحتلة. وقال عبر حسابه على "تويتر": "يجب أن نشكل حكومة يمينية قوية تعيد السلام والأمن للمواطنين الإسرائيليين".

استنفار وجهوزية لفصائل غزة

وأعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية عقب اجتماع طارئ، أول من أمس الثلاثاء، في مكتب رئيس حركة حماس، يحيى السنوار، في مدينة غزة، رفع حالة الاستنفار العام في صفوفها على المستويات كافة، تحسباً لأي عدوان جديد على المسجد الأقصى أو ارتكاب "حماقات جديدة" من قبل الاحتلال والمستوطنين، وفق بيان صدر عقب الاجتماع.

ودعت الفصائل في البيان إلى "استمرار حالة الاشتباك الدائمة بكل أشكالها مع الاحتلال في الضفة الغربية والقدس والخليل، دفاعاً عن المقدسات، ورفضاً للاحتلال، والاستيطان، والتهويد".

وقالت الفصائل إن "الهجمة الشرسة التي تستهدف القدس والمسجد الأقصى لن تقتصر على اليومين المتبقيين من عيد الفصح اليهودي (ينتهي اليوم الخميس)، وهي مستمرة خلال الثلث الأخير من شهر رمضان والأيام التي تلي عيد الفطر"، مؤكدة أنها "ستبقي على حالة الجاهزية العالية".

وطالبت الفصائل "الأمة العربية والإسلامية وكافة هيئات واتحادات وروابط العلماء، بالقيام بدورها في حماية الأقصى ونصرة فلسطين وشعبها، وتعبئة الجماهير على امتداد العالم العربي والإسلامي للقيام بما عليها من واجبات تجاه القضية الأولى للعرب والمسلمين".

التقديرات المصرية لسير الأحداث، ليست إيجابية

"حماس" ترفض طلباً مصرياً حول التصعيد

وقال أحد المصادر المصرية التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إن حماس "رفضت طلباً تقدمت به القاهرة عبر المسؤولين في جهاز المخابرات العامة الذي يشرف على الوساطة، بإصدار بيان عن اجتماع الغرفة المشتركة للفصائل، يتضمن تأكيداً بعدم الرغبة في التصعيد".

وأوضح المصدر أن "نائب اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة، تحدث إلى قيادة الحركة من أجل ذلك، لكنه تلقى رفضاً للمطالب التي تم التقدم بها، والمعنية في مجملها بالتهدئة من جانب الحركة وممارستها ضغوط أمنية على باقي الفصائل في غزة لمنع إطلاق الصواريخ".

"حماس" تحذر من "الانفجار الشامل"

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر الثلاثاء، أنه هاجم أهدافاً في قطاع غزة، زاعماً أنه دمر مصنعاً لإنتاج الأسلحة تابعا لكتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، رداً على إطلاق صاروخ من القطاع مساء الإثنين باتجاه مستوطنة أشكول.

من جانبها، قالت حركة حماس إن الضربة الإسرائيلية أصابت مواقع خالية غربي خان يونس، مشيرة إلى أنها أطلقت صواريخ مضادة للطائرات على الطائرات الحربية الإسرائيلية من طراز "أستريلا 2" روسية الصنع.

في مقابل ذلك، كشفت المصادر المصرية عن أن الاتصالات التي جرت في غضون إطلاق الصاروخ من قطاع غزة، شهدت تأكيدات من جانب حركة حماس أنها ليست مسؤولة عن الواقعة، مؤكدة في الوقت ذاته أن الوضع الراهن "يثبت أنه من الصعب السيطرة على كافة مكونات المشهد الفلسطيني الغاضب".

مصادر "حماس": على الوسطاء دفع الاحتلال الإسرائيلي لوقف عدوانه على الفلسطينيين أولاً، قبل الطلب من المقاومة عدم التهديد والرد

وفي غزة، أكدت مصادر "حماس" لـ"العربي الجديد"، أن الحركة أبلغت الوسطاء المصريين أن الاستفزازات الإسرائيلية في القدس والضفة والداخل الفلسطيني المحتل عوامل تدفع لـ"الانفجار الشامل"، وأن "على الوسطاء دفع الاحتلال الإسرائيلي لوقف عدوانه على الفلسطينيين أولاً، قبل الطلب من المقاومة عدم التهديد والرد على الانتهاكات الإسرائيلية".

وقالت المصادر إن الوسطاء؛ مصر وغيرها، "فهموا أن المقاومة في غزة جاهزة للتصدي للعدوان الإسرائيلي، وأنها لن تتراجع عن ربط غزة بالضفة والقدس، وأن القدس بالنسبة للفلسطينيين جميعاً وخصوصاً المقاومة خط أحمر، يمكن أن يؤدي تجاوز الحدود فيه إلى انفجار شامل وكبير".

وعلى الرغم من أن "حماس" لم تطلق الصاروخ على مستوطنة أشكول إلى الشرق من مدينة خان يونس جنوب القطاع مساء الإثنين الماضي، إلا أن استهداف ذراعها العسكرية "كتائب القسام" للطيران الحربي المغير على موقعها العسكري المسمى "القادسية" بالمدينة، رسالة لإسرائيل والوسطاء بأنها "غطت سياسياً وعسكرياً مطلقي الصاروخ"، وفق المصادر.

لكن الجميع، وسطاء و"حماس" والاحتلال الإسرائيلي، يتحسبون لرد فعل من حركة "الجهاد الإسلامي" التي يعتقد أنها هي من أطلقت الصاروخ على أشكول وكانت تريد توسيع الدائرة، وأنها لم تتخل عن "فكرة الرد على جريمة اغتيال عناصرها في جنين قبل أسابيع". 

وعلى الرغم من أن "الجهاد" قد تذهب منفردة للرد على الانتهاكات الإسرائيلية في حال التصعيد الأوسع في القدس والضفة المحتلتين، إلا أنها هذه المرة ستكون محصنة بموافقة من "حماس" أو على الأقل غض الطرف عنها، لأن "حماس" نفسها ترغب في الرد على ما يجري في المسجد الأقصى، لكن تكبلها الظروف الاقتصادية والحياتية القاسية في غزة، ويقلقها مشهد الدمار الذي لا يزال واضحاً في شوارع القطاع بعد أقل من عام على معركة "سيف القدس" في رمضان الماضي.

وبحسب المصادر المصرية "فإن الأوضاع الحالية يشوبها الكثير من التوتر"، مشيرة إلى أن "العلاقة بين المسؤولين في مصر وحركة حماس لا يمكن وصفها في اللحظة الحالية بأنها في أفضل حالاتها".

من جهته، قال مصدر مصري آخر، إن "التقديرات المصرية لسير الأحداث، ليست إيجابية"، مشيراً إلى أن "الأيام العشرة الأخيرة من رمضان تتزايد فيها أعداد المصلين في المسجد الأقصى، وهو ما يعني زيادة احتمالات الصدام مع قوات الاحتلال والمستوطنين".

ارتباطات مع الاحتلال تحكم موقف مصر

في مقابل ذلك، أرجع المصدر الموقف المصري، والذي دفع بعض الفصائل الفلسطينية بتصنيفه بالمنحاز لحكومة بينت، إلى أنه "يأتي لكون القاهرة ترى أن الوقت الآن مناسب للحصول على تسهيلات من الحكومة الإسرائيلية، هذا عدا عن تنسيق مصري إسرائيلي آخر بشأن بعض ملفات المنطقة التي ترى القاهرة أنها في حاجة إلى دعم إسرائيلي فيها، وهو ما حمّل مصر عبء الضغط على الفصائل الفلسطينية".

وأكد المصدر في الوقت ذاته أن "التدخل المصري المكثف هذه المرة جاء بناء على مطلب إسرائيلي أولاً".

اتصالات مصرية مع السلطة الفلسطينية

من جانبه، كشف المصدر المصري عن "اتصالات أجرتها القاهرة مع المسؤولين في السلطة الفلسطينية، طالبتهم فيها بفرض مزيد من الإجراءات الأمنية لمنع المجموعات المسلحة التابعة لكتائب شهداء الأقصى المحسوبة على حركة فتح، من ممارسة أي أعمال من شأنها رفع حدة الصدام".

ولفت المصدر إلى أن "المسؤولين في القاهرة، طالبوا رئيس المخابرات في السلطة ماجد فرج، بضرورة منع التنسيق بين المجموعات المسلحة من كتائب شهداء الأقصى، وحركة الجهاد الإسلامي في الضفة".

وقال المصدر إن القاهرة "تلقت أيضاً رداً سلبياً من المسؤولين في السلطة"، مشيراً إلى أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "أكد عدم قدرته على السيطرة على تلك المجموعات، وشدد على أنها خارج سيطرة الحركة وأجهزة السلطة في الضفة الغربية".

عباس أكد عدم قدرته على السيطرة على كتائب شهداء الأقصى

واعتبر المصدر أن "عباس قد يكون بمقدوره لعب دور في التعامل مع تلك المجموعات، إلا أنه يرى أن ذلك ليس في صالحه، فهو يريد أن تزيد الأزمة التي تسببها تلك المجموعات للاحتلال، حتى يضطر الأخير لاحقاً للتواصل معه، ويتم خلق دور له يعظّم من أهمية تواجده في المشهد".

على صعيد آخر، قالت المصادر إن "الاجتماع الطارئ الذي من المقرر أن يستضيفه الأردن اليوم الخميس للجنة الوزارية العربية المكلفة بالتحرك الدولي، لمواجهة السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة، لن يخرج سوى ببيان يطالب كافة الأطراف بضبط النفس".

وأوضحت المصادر أنه "لا يوجد توافق بشأن قرارات متعلقة بمسألة التقسيم الزماني والمكاني الذي يصر الجانب الإسرائيلي على فرضه في المسجد الأقصى".

أوضاع القدس والمسجد الأقصى تحرج الأنظمة العربية

وأضافت المصادر أن "الأوضاع التي تعيشها مدينة القدس المحتلة والحرم القدسي، وضعت جميع الأنظمة العربية في حرج بالغ، وهو ما دفع على سبيل المثال بعض دول الخليج للدخول على خط الأزمة، ومنها الإمارات التي حاولت لعب دور في محاولة إقناع حكومة الاحتلال، التي ترتبط معها بعلاقات وثيقة، بضرورة التهدئة، من أجل مصلحة النظامين، وليس بدافع حماية المقدسات والفلسطينيين".

وأكدت المصادر أن "اتصالات جرت في الساعات القليلة الماضية بين الجانبين الإماراتي والإسرائيلي من أجل احتواء الموقف المتصاعد في الأراضي المحتلة، والذي يهدد حكومة بينت التي تواجه أصلاً أزمة سياسية خطيرة، بعد انسحاب النائبة اليمينية الإسرائيلية عيديت سيلمان، من الائتلاف الحاكم، ما أدى لخسارة حكومة بينت أغلبيتها في الكنيست وتساويها في عدد المقاعد مع المعارضة بستين مقعداً لكل جانب".

وكانت سيلمان قالت في بيان في السادس من إبريل/نيسان الحالي: "جربت طريق الوحدة وعملت كثيراً من أجل هذا الائتلاف". وأضافت "للأسف، لا يمكنني المشاركة في المساس بهوية إسرائيل اليهودية".

وكانت النائبة الإسرائيلية انتقدت تعليمات صادرة عن وزير الصحة نيتسان هوروفيتس، تقضي بالسماح للمستشفيات بالتزود بمنتجات الخبز المخمر خلال عطلة عيد الفصح اليهودي. وتمنع التعاليم الدينية اليهودية استخدام الخبز المخمر في الأماكن العامة خلال عيد الفصح.

المساهمون