ائتلاف "أمان" يدعو لحوار فلسطيني لحل أزمة النظام السياسي

ائتلاف "أمان" يدعو لحوار فلسطيني لحل أزمة النظام السياسي

01 سبتمبر 2021
من مؤتمر "أمان" السنوي (العربي الجديد)
+ الخط -

دعا ائتلاف "أمان" للنزاهة والمساءلة، اليوم الأربعاء، في البيان الختامي لمؤتمره السنوي، والذي عقد في مدينة البيرة وسط الضفة الغربية؛ لحوار فلسطيني من أجل الخروج من أزمة النظام السياسي والتغلب على الفساد.

وقال المدير التنفيذي لائتلاف "أمان"، عصام الحج حسين، لـ"العربي الجديد"، على هامش المؤتمر، الذي حمل عنوان "التجربة الفلسطينية في نزاهة الحكم ومكافحة الفساد السياسي"، إنّ "النظام الفلسطيني يمرّ بأزمة سياسية واجتماعية خطيرة، زادت من فجوة عدم الثقة بين المواطن والقيادة، والسبب هو تفرد جهة واحدة بالحكم والقرار، والتفرد بالممارسة والتنفيذ، والتفرد بالقوانين".

وأوضح الحج حسين أنّ "الفساد السياسي هو عبارة عن ممارسات تتعلق بالطبقة السياسية ومصالح تلك الطبقة، لكن تعجز القوانين الفلسطينية عن مكافحتها والسبب أنها غير مجرمة في القانون".

وحول أدوات قياس الفساد السياسي ورصده، قال الحج حسين، إنّ "الفساد السياسي هو مفهوم جديد في المنطقة والعالم وكان يرتبط سابقاً بقضايا التمويل الانتخابي أما اليوم فأخذ أشكالاً مختلفة وخطيرة، ولذا فإن (أمان) قام منذ عام بتطوير مجموعة من المؤشرات التي استندت إليها أوراق العمل في المؤتمر ولا تتعلق بممارسة الفساد بل بقياس مدى نزاهة الحكم، وكلما ضعفت نزاهة الحكم ارتفع مستوى الفساد السياسي".

وحول أمثلة الفساد السياسي في الحالة الفلسطينية، قال الحج حسين إنه "عبارة عن قرارات تتخذ من الطبقة السياسية للمصلحة الخاصة، أكانت شخصية أم من الحزب الحاكم أم من فئة معينة من المتنفذين والموالين، كتعديل تشريعات القضاء، والتي نعلم أن الهدف منها السيطرة على القضاء"، مبيناً أن "ذلك يعتبر فساداً سياسياً، لأنه خطوة اتخذت من أجل مصلحة تتعلق بحماية السلطة التنفيذية من رقابة القضاء".

وأشار إلى "مثال آخر وهو إلغاء الانتخابات العامة"، مبيناً أنه قرار استند إلى نص في المادة 43 من القانون الأساسي الفلسطيني أعطى صلاحيات للرئيس، "تم استغلالها لمصالح سياسية"، قائلاً: "نحن أمام أزمة نزاهة حكم في فلسطين".

وتأسس الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) عام 2000 بمبادرة عدد من مؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الصالح، كحركة مجتمع مدني تسعى لمكافحة الفساد وتعزيز منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة في المجتمع الفلسطيني. 

بدورها، قالت مديرة مركز المناصرة والإرشاد القانوني في "أمان"، هامة زيدان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المؤتمر طرح مفهوم الفساد السياسي وكيف يبدأ، مركزاً على آليات الوصول إلى السلطة وكيف يتم بفلسطين، مروراً بموضوع الانتخابات وتوقفها، والتعيينات في الوظائف العليا، وممارسة السلطة مع التركيز على أثر غياب المساءلة على الحريات واحترام حقوق الإنسان".

وأضافت زيدان، أنّ "الفساد السياسي يظهر في ممارسة السلطة وآليات اتخاذ القرار، حيث تتخذ قرارات لحماية فئة معينة أو مجموعة تحكم في ظل غياب المجلس التشريعي الفلسطيني وغياب الانتخابات الدورية، كما تم تسليط الضوء على الإعلام كسلطة رابعة مهمة، والتساؤل عن الإعلام العمومي إن كان يعكس وجهات النظر المختلفة في فلسطين أم يعكس وجهات نظر السلطة الحاكمة التنفيذية فقط؟ ومن ثم التطرق للرقابة على السلطة الحاكمة ودور القضاء".

وطالب البيان الختامي لـ"أمان"، المسؤولين السياسيين في فلسطين من أعلى هرم السلطة، بالمبادرة لعقد لقاء وحوار جامع يهدف إلى التوافق على حلول ومخارج لأزمة الحكم الحالية عبر اعتماد خطة عمل وطنية تمنع تدحرج الوضع الحالي إلى العنف أو تهديد السلم الأهلي أو تعطيل حياة البلد أو الانتقال إلى نظام استبدادي، وتستعيد الوحدة ورص الصفوف لمواجهة التناقض الرئيسي مع الاحتلال.

واقترح البيان الختامي، أن تشتمل أجندة الحوار، الذي دعا إليه "أمان"، على عدة نقاط أهمها: احترام سيادة القانون، وبناء المؤسسات الفعالة التي يلتزم المسؤولون عنها بقيم النزاهة في أعمالهم، ويخضعون للمساءلة وفقاً للقانون، وإعادة الاعتبار للسلطة التشريعية بتحديد موعد جديد للانتخابات العامة في آجال لا تتجاوز ستة أشهر، ومراجعة القرارات بقوانين الصادرة في العام 2020 (في إشارة إلى القوانين التي صدرت عن الرئيس محمود عباس بما يتعلق بالقضاء وأثارت جدلاً حقوقياً) من أجل ضمان استقلالية وحيادية الجهاز القضائي، وإعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى الدائم وفقاً لقانون السلطة القضائية.

ودعا البيان الختامي أيضاً إلى إعمال مبادئ الشفافية في ممارسة الحكم واحترام حق المواطنين في الاطلاع على المعلومات العامة والمشاركة في اتخاذ القرارات في إدارة الشأن والمال العام، وإعادة النظر في دور المؤسسة الأمنية وعقيدتها وتعددها وحجمها واحتياجاتها من حيث العدد والموازنات بناء على مراجعة التجربة الفلسطينية خلال 27 سنة مضت.

كما طالب "أمان" بإحداث تغييرات في المناصب العليا في النظام السياسي بما يكفل النزاهة والشفافية في الوصول إليها وفقاً للكفاءة، مع وجود لجنة جودة الحكم للرقابة على هذه التعيينات.

وطالب ائتلاف "أمان" بإعادة النظر في بنية مؤسسات الإعلام العمومي وخطابه بما يعبر عن تطلعات وهموم مختلف الشرائح الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني وآرائه السياسية، وبما يعزز الوحدة الوطنية باعتباره إعلاماً يعبر عن المواطنين كافة. ودعا "أمان" إلى تعزيز المساءلة والمحاسبة لجميع المسؤولين عن الأعمال التي كانت وراء الأزمات الأخيرة، والكف عن تجاهل تقارير وتوصيات لجان تقصي الحقائق.

وفي سياق عرض الأزمات التي يمر بها النظام السياسي، قال الائتلاف في بيانه الختامي للمؤتمر، "إن الأحداث الأخيرة وما آلت إليه الأوضاع الداخلية عمقت الأزمة في النظام السياسي الفلسطيني، وأكد مدى ضعف ثقة المواطنين به، ما ينذر بتطورات تمس حياة الفلسطينيين وأمنهم واستقرارهم، وينعكس سلباً على المشروع الفلسطيني".

وأكد "أمان" أن على السلطة الفلسطينية أن تتفهم شدة غضب المواطنين الناجم عن إلغاء الانتخابات التي كان مقرر عقدها شهر مايو/أيار الماضي، كما أشار إلى أن استمرار تجاهل المطالبات الشعبية بتبني عملية إصلاح جوهرية من شأنه أن يبقي على استمرار التحديات الداخلية أمام النظام السياسي، ويصعب من إمكانية تجاوز التحديات الخارجية وبخاصة سياسات الاحتلال التعسفية، مما يقوض المشروع الوطني.

وبحث المؤتمر التجربة الفلسطينية من بوابة نزاهة الحكم ومكافحة الفساد عبر جلسات عدة حول المفهوم والتطبيق؛ بورقتين عن مفهوم نزاهة الحكم ومقياس النزاهة الوطني، وجلسة حول الوصول إلى الحكم بورقتين عن الانتخابات العامة والمجلس التشريعي وشغل الوظائف العليا، وجلسة حول ممارسة السلطة بثلاث أوراق حول احترام الحريات العامة وممارسة الحكم بتجربة السلطة التنفيذية وإدارة الإعلام العمومي، وجلسة أخيرة حول الرقابة الرسمية على سلطة الحكم بورقتين عن الأولوية في مكافحة عدم النزاهة في الحكم ودور السلطة القضائية.