إيطاليا: جدل حول زيارة قائد ليبي متهم بجرائم حرب

21 مارس 2025
صورة متداولة لزيارة الككلي للوزير عادل جمعة، 20 مارس 2025 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثار إطلاق سراح وإعادة آمر الشرطة القضائية الليبية، أسامة نجيم، إلى ليبيا جدلاً برلمانياً وقضائياً في إيطاليا، خاصة مع وجود مذكرة اعتقال دولية بحقه.
- زيارة عبد الغني الككلي، قائد جهاز دعم الاستقرار الليبي، إلى إيطاليا أثارت انتقادات، حيث يُتهم بارتكاب جرائم تعذيب واغتصاب وقتل، وفقاً لتقارير حقوقية وأممية.
- البرلمانيون الإيطاليون انتقدوا الحكومة لتعاونها مع شخصيات متهمة بجرائم ضد الإنسانية، مطالبين بتوضيحات حول استقبالهم رغم إغلاق الحدود أمام الفارين من التعذيب.

لم يتوقف بعد الجدل البرلماني والقضائي الذي أثاره قرار إيطاليا إطلاق سراح آمر الشرطة القضائية الليبية أسامة نجيم ولقبه "المصري"، وإعادته إلى وطنه على متن طائرة عسكرية، رغم صدور مذكرة اعتقال دولية بحقه في 18 يناير/كانون الثاني الماضي، بل اشتعل مجدداً من خلال شخصية ليبية أخرى هي قائد جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الككلي. هذا الأخير، الذي كان قد رافق فريق أهلي طرابلس (الذي يديره ويشرف عليه وفقاً لتقارير الأمم المتحدة) في يوليو/تموز العام الماضي لتشجيعه في نهائيات الدوري السداسي الليبي لكرة القدم في ملاعب إقليم توسكانا، عاد للظهور مجدداً في العاصمة الإيطالية.

ووفقاً لصحيفة "لا ريببوبليكا" الإيطالية الصادرة اليوم الجمعة، فإن الككلي وصل حوالي الساعة السادسة مساء يوم أمس الخميس إلى مطار فيوميتشينو بروما على متن طائرة خاصة برفقة وفد من كبار مسؤولي حكومة طرابلس يضم وزراء وسفراء، وتوجه مباشرة لزيارة وزير الدولة الليبي لشؤون رئاسة الوزراء عادل جمعة، الذي نُقل للعلاج في المستشفى الأوروبي في روما بعد بضعة أسابيع من تعرضه لمحاولة اغتيال في طرابلس بتاريخ 12 فبراير/شباط الماضي.

وتابعت الصحيفة أنه خلافاً لـ"المصري"، فإنه ليس من المعلوم حتى هذه اللحظة إن كان الككلي من بين المسؤولين والقادة الليبيين الذين تسعى المحكمة الجنائية الدولية لاعتقالهم وأحاطت أسماءهم بالسرية لدواعي التحقيق. واستدركت بأنه على الرغم من ذلك، كان "المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان" (ECCHR) قد تقدم ببلاغ من 189 صفحة في عام 2022 إلى المحكمة الجنائية الدولية يتهمه فيه بارتكاب 501 جريمة على الأقل تتعلق بوقائع تعذيب واغتصاب وقتل وإطلاق نار.

البلاغ يتقاطع مع تقارير وبلاغات الأمم المتحدة التي تردد فيها اسم القائد الليبي منذ عام 2014، الذي كان حينئذ على رأس إحدى المليشيات المتهمة بوقائع متصلة بالتعذيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقتل والحبس العشوائي والاغتصاب. وكانت صحيفة "إل فوليو" قد ذكرت، في تقرير بتاريخ 22 فبراير/شباط الماضي، أن الوزير عادل جمعة تلقى زيارة مهمة من قبل رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة استغرقت بضع ساعات. ونقلت عن مصادر مختلفة قولها إن الهدف من الزيارة لم يكن تضامنياً مؤسسياً فقط، بل أيضاً محاولة لإقناع جمعة بعدم كشف معلومات حساسة عن خلافات داخل الحكومة قد تكون وراء محاولة اغتياله.

وأشار موقع "فان بيدج" الإيطالي، اليوم الجمعة، إلى وجود تفصيل يربط بين زيارة الدبيبة والككلي: وهو أن الطائرة الخاصة التي استخدمها رئيس الحكومة الليبية (من طراز إمبراير ليغاسي 600) هي نفسها التي أقلت القائد المليشياوي. وفي سياق متصل، ذكر رئيسا الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي (المعارض) في مجلسي النواب والشيوخ الإيطالي كيارا براغا وفرانشيسكو بوتشا والنائب عن الحزب الديمقراطي في البرلمان الأوروبي نيكولا زينغاريتي، في بيان مشترك اليوم الجمعة: "إننا بصدد مجرم حرب ليبي آخر يتجول في إيطاليا: عبد الغني الككلي، سيد الحرب الشهير في طرابلس المتهم بارتكاب جرائم تعذيب وإخفاء قسري وقتل، الذي يصل إلى إيطاليا ويغادرها على متن طائرات خاصة".

وتابع البرلمانيون أن "إيطاليا بدلاً من أن تتعاون مع العدالة الدولية، ها هي تقدم مرة أخرى واجب الضيافة لشخصيات ليست جديرة بالاستقبال"، مشيرين إلى أن الحكومة الإيطالية برئاسة جورجيا ميلوني "تغلق الحدود في وجه الفارين من التعذيب، بينما ترحب بمرتكبي التعذيب وتسمح لمن جعل من الهجرة استثماراً لاإنسانياً بالتحرك من دون إزعاج في بلدنا". وختموا بقولهم: "هذه المرة ليس من الممكن أن تكرر ما فعلته مع المصري: أي صمت سيكون تواطؤاً".

من جهتها، قالت زعيمة الحزب الديمقراطي وعضو مجلس النواب الإيطالي إيلي شلاين: "أُخبرت صباح اليوم أنه قد يكون في إيطاليا أحد مرتكبي جرائم التعذيب الليبيين: عبد الغني الككلي المتهم من قبل الأمم المتحدة ووزارة الخارجية الأميركية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية"، مطالبة "بتوضيح من قبل الحكومة حول سبب جعلها هذا البلد ملاذاً آمناً للمليشيات الليبية التي غالباً ما تكون أيضاً مافيا ليبية".

وطالب النائب ماتيو ماوري، مسؤول الأمن بالحزب الديمقراطي، ميلوني "بإيضاح عاجل لملابسات وجود مجرم على الأراضي الإيطالية، أيضاً لأنها المرة الثانية له بعد نهائي الدوري الليبي لكرة القدم الذي أقيم في يوليو الماضي في إيطاليا".

من جهته، أعلن المتحدث باسم تحالف الخضر واليسار الإيطالي النائب أنجيلو بونيللي عن تقديمه طلب إحاطة عاجلاً في مجلس النواب حول هذه الواقعة، وقال إن "إيطاليا أصبحت، بفضل حكومة ميلوني، مونت كارلو الاتجار بالبشر ومرتكبي جرائم التعذيب والاغتصاب: وبعد قضية المصري، ها نحن بصدد فصل مخزٍ يضاف إلى إدارة اليمين البائسة للسياسة الخارجية". وتابع: "ماذا تنتظر الحكومة ووزير العدل لكي يتدخلوا؟ لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بعار قومي جديد. إيطاليا لا يمكن أن تكون ملجأً لمرتكبي التعذيب ومجرمي الحرب".

المساهمون