إيران ترحب بسحب أوروبا قراراً ضدها: اتفاق جديد مع الطاقة الذرية؟

إيران ترحب بسحب أوروبا قراراً ضدها: اتفاق جديد مع وكالة الطاقة الذرية؟

04 مارس 2021
غروسي: قبول طهران بمبادرة لتقديم توضيحات بشأن القضايا العالقة (أليكس هالادا/فرانس برس)
+ الخط -

سارعت إيران إلى الترحيب بقرار الترويكا الأوروبية الشريكة في الاتفاق النووي (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، اليوم الخميس، سحب مشروع قرارها المدعوم أميركياً في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتوجيه اللوم لطهران بسبب خطواتها النووية الأخيرة، وتحديداً وقفها العمل بالبروتوكول الإضافي الذي يفرض المزيد من الرقابة على البرنامج النووي الإيراني، اعتباراً من 23 فبراير/شباط الماضي، وهو ما اعتبر خطوة لمنع خروج الوضع عن السيطرة ومنح المزيد من الفرصة للدبلوماسية عسى أن تسجل اختراقات خلال الفترة المقبلة.

ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، في بيان اطلع عليه "العربي الجديد"، الخطوة الأوروبية بأنها "تطور يمكنه الحفاظ على مسار الدبلوماسية الذي فتحته إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية"، مؤكدا أنها "تمهد الطريق لتنفيذ جميع أطراف الاتفاق النووي تعهداتها بالكامل".  

وذكر المتحدث الإيراني أن تطور اليوم جاء نتيجة لـ"جهود دبلوماسية مكثفة في طهران وفيينا، وعواصم أعضاء مجلس المحافظين، وتحديدا الدول الأوروبية الثلاث، فضلا عن تعاون الصين وروسيا".

وأعربت إيران، في البيان، عن أملها في أن "يضمن جميع شركاء الاتفاق النووي تنفيذا كاملا للاتفاق من قبل الجميع، من خلال انتهاز هذه الفرصة وبتعاون جاد".

من جهته، علق مندوب إيران لدى المنظمات الدولية في فيينا كاظم غريب أبادي على سحب الدول الأوروبية قرارها لإدانة بلاده في مجلس محافظي الوكالة الدولية بقوله إنه "تم وقف المحاولات لإحداث توتر غير ضروري عن طريق مجلس المحافظين".

ووجه غريب أبادي اتهامات للأطراف الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، إذ قال إن "ثمة إجراءات بدوافع سياسية لاستغلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية كأدة ضغط للمساومة"، مرحبا بـ"حنكة أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحديدا مجلس المحافظين والمدير العام للوكالة (رافائيل غروسي)، لمنع إحداث توترات غير ضرورية، والحفاظ على الفرص الموجودة للدبلوماسية عبر جهودهم".

علق مندوب إيران لدى المنظمات الدولية في فيينا كاظم غريب أبادي على سحب الدول الأوروبية قرارها لإدانة بلاده في مجلس محافظي الوكالة الدولية بقوله إنه "تم وقف المحاولات لإحداث توتر غير ضروري عن طريق مجلس المحافظين"

وأتى قرار الدول الأوروبية في سياق تصاعد الأزمة أخيرا بشأن تنفيذ الاتفاق النووي بين طهران وأوروبا والولايات المتحدة.

ومشروع القرار الأوروبي، الذي كان مطروحا للتصويت عليه اليوم الخميس، يدين إيران بسبب خفضها عمليات التفتيش الأممي لمنشآتها، معتبرا أنه على ضوء ذلك لا يمكن التأكد من سلمية البرنامج النووي الإيراني.  

فرصة للدبلوماسية؟

وتزامناً مع سحب مشروع القرار، كشف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، اليوم الأربعاء، لوسائل الإعلام، عن قبول طهران بمبادرة لتقديم توضيحات بشأن القضايا العالقة بين الطرفين، وذلك في إشارة إلى عثور مفتشي الوكالة على مواد نووية في موقعين مشتبه بهما خلال عمليات التفتيش في سبتمبر/أيلول الماضي.

وأضاف غروسي أنه "تم الاتفاق مع إيران خلال مفاوضات مضغوطة على حل الخلافات في اجتماع فني سيعقد في إيران خلال إبريل/ نيسان المقبل".  

وأعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن أمله في أن تكون نتائج المباحثات الفنية المقبلة "مرضية، والتوصل إلى حل للقضايا العالقة حتى الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين"، موضحا أنّ "هذا التطور مشجع، لكن لا علاقة له بالبروتوكول الإضافي الخاص بعمليات التفتيش المفاجئة".

وذكر غروسي أنه سيقدم تقريره بشأن الملف النووي الإيراني لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال اجتماعه المقبل في حزيران/يونيو، قائلا إن "هناك إمكانية للوصول إلى وضع أفضل مع إيران من خلال التفاوض بشأن القضايا العالقة أو التطورات السياسية".

والإعلان عن اتفاق بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية تزامنا مع سحب أوروبا مشروعها ضد إيران في مجلس المحافظين يرجح فرضية أن هناك علاقة بين الأمرين، وأن الأطراف توصلت إلى حل مؤقت لمنح الفرصة للدبلوماسية عسى أن تنجح، خلال الشهور القليلة المقبلة، في تقريب وجهات النظر المتباعدة بين طهران وواشنطن في ما يتعلق بأزمة تنفيذ الاتفاق النووي، على خلفية مطالبة كل طرف للآخر بالعودة إلى تعهداته بالاتفاق، وسط تصعيد إيران خفض التزاماتها النووية في الآونة الأخيرة بسبب استمرار العقوبات الأميركية ضدها.

أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن أمله في أن تكون نتائج المباحثات الفنية المقبلة "مرضية، والتوصل إلى حل للقضايا العالقة حتى الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين"

وكانت الحكومة الإيرانية قد هددت بأنه في حال طرح المشروع الأوروبي للتصويت في مجلس المحافظين وتبنيه كقرار، ستوقف العمل باتفاق وقعته مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال زيارته إلى طهران، الشهر الماضي، كحل موقت لمواصلة الوكالة أنشطة التفتيش والرقابة لثلاثة أشهر بعد وقف العمل بالبروتوكول الإضافي. 

لعبة سياسية

وفي السياق، اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم الخميس، الدول الأوروبية الثلاث بممارسة "اللعبة السياسية" في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران، مخاطبا إياها بالقول إن "على الدول الأوروبية الثلاث أن تفهم أن الوكالة مؤسسة فنية. لتسمح هذه الدول لها بمواصلة نشاطها الفني لكي يستمر الاتفاق الجيد الأخير بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية".

ودعا روحاني الأطراف الأوروبية إلى "عدم تخريب العلاقات الجيدة للغاية بين إيران والوكالة"، مؤكدا أن أنشطة بلاده النووية "سلمية بالكامل، والوكالة الدولية تواصل رقابتها، وإذا كان هناك بون بين هذه الرقابة والرقابة المطلوبة للوكالة فالتقصير يقع على عاتق أميركا وعقوباتها على إيران".  

ورهن الرئيس الإيراني وجود علاقات أفضل بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية برفع العقوبات، وأضاف: "حينئذ سيتمكن المفتشون من تنفيذ عمليات تفتيش مطلوبة لهم في إطار القانون".

وخاطب روحاني الإدارة الأميركية الجديدة بالقول إنه "إذا أرادت تدارك أخطاء الإدارة السابقة، فقد أبقينا الطريق أمامها مفتوحا"، متهما واشنطن بأنها "ألحقت بإيران خسائر تفوق 200 مليار دولار" بسبب فرضها العقوبات عليها منذ انسحابها من الاتفاق النووي عام 2018.  

غير أن روحاني قال إن بلاده ستؤجل المطالبة بدفع تعويضات عن هذه الخسائر إلى المرحلة المقبلة، وقال "في البداية يجب أن يبدوا حسن نواياهم من خلال رفع العقوبات وتنفيذ التعهدات"، وشدد على رفض طهران تغيير مضمون الاتفاق النووي بقوله إنه "نص ثابت تم الاتفاق عليه، ولن يزيد ولن ينقص"، ومؤكدا أنه "لن يكون هناك تفاوض جديد حول الاتفاق النووي". 

واعتبر أن "حل القضايا عبر الدبلوماسية يكمن في رفع العقوبات، وما يشكل مانعا للدبلوماسية هو عقوباتكم، فلا تهدروا الوقت. هدر الوقت والتسويف ليس لصالح أحد، وإذا فاتت الفرصة فأميركا تتحمل المسؤولية المباشرة".  

المساهمون