اختار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم الاثنين، مركز السياسات الأوروبية لمخاطبة الأطراف الأوروبية والولايات المتحدة وتوجيه رسائل لها بشأن تنفيذ الاتفاق النووي وقضايا أخرى، في مقدمتها الأزمة اليمنية.
وقال ظريف، في حواره مع المركز الأووربي، إنّ السياسة الأميركية تجاه الاتفاق النووي بعد مغادرة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب السلطة "لم تتغير"، مضيفاً أنّ إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن "تمارس الضغوط التي كانت تمارسها إدارة ترامب وتتحمل ذلك".
ودعا ظريف واشنطن إلى العودة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات، مؤكداً أن "الوقت بات ينفد أمامها"، رافضاً الدعوات الأميركية لإعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي، ليتساءل "لماذا نتفاوض على موضوع تفاوضنا عليه من قبل وتوصلنا إلى اتفاق؟".
وأكد أنّ الإدارة الأميركية "لا يمكنها مطالبتنا بالعودة إلى التفاوض من الصفر"، معتبراً أنّ الاتفاق النووي المبرم مع السداسية الدولية عام 2015 "كان أفضل اتفاق"، وداعياً واشنطن إلى الالتزام به "إذا أرادت كسب ثقتنا".
وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018، وقال إنّ الفراغ الذي نجم عن هذا الانسحاب "لم يسد"، داعياً الولايات المتحدة إلى الاتفاق ليضيف أنها الجهة التي أخلت بالاتفاقية وفرضت العقوبات على إيران.
وأعلن ظريف عن استعداد بلاده للعمل مع مفوض السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل لحلحة أزمة الاتفاق النووي، مؤكداً أنّ طهران مستعدة للعودة عن جميع خطواتها النووية لخفض التعهدات إذا رفعت العقوبات المفروضة عليها.
وشدد على أنّ إيران "لا تسعى إلى صناعة الأسلحة النووية، ولا يمكن أن نستخدمها، ولن نستخدم أيضاً الأسلحة الكيميائية"، مصرّحاً بأنّ طهران "تنتظر أفعالاً من الإدارة الأميركية لا أقوالاً".
وفي ما يتعلق بالقضايا الإقليمية، أعلن وزير الخارجية الإيراني عن استعداد طهران للحوار مع السعودية ودول المنطقة بشأن هذه القضايا، متهماً الرياض بأنها لم تقم بما هو ضروري لأجل التوصل إلى حل في اليمن.
وأوضح "قدّمنا حلولاً ومقترحات حول اليمن، ونحن مستعدون للحوار مع السعودية والإمارات"، داعياً الدول الأوروبية إلى وقف بيع الأسلحة إلى الرياض.
وفي وقت سابق اليوم الاثنين، علّق المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، وقد تابعه "العربي الجديد"، على حديث مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أخيراً، حول مفاوضات غير مباشرة بين واشنطن وطهران، نافياً وجود هذه المفاوضات.
وأكد المتحدث الإيراني "لن نتفاوض مع الولايات المتحدة بشكل مباشر أو غير مباشر"، مضيفاً أنّ "أميركا انسحبت من الاتفاق النووي فعليها أن تقبل ظروفاً لعدم تكرار هذا الوضع، وحينئذ يمكن التفاوض في إطار الاتفاق النووي".
وكان مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان قد قال، الجمعة، إنّ الولايات المتحدة وإيران بدأتا اتصالات دبلوماسية غير مباشرة من خلال أوروبيين وآخرين ينقلون رسائل عن الكيفية التي يمكن بها استئناف الالتزام بالاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وأضاف سوليفان للصحافيين: "الدبلوماسية مع إيران مستمرة، لكن ليس بطريقة مباشرة في الوقت الراهن". وتابع "هناك قنوات اتصال عن طريق الأوروبيين وآخرين، تمكننا من أن نوضح للإيرانيين موقفنا في ما يخص منهج الالتزام مقابل الامتثال للاتفاق، وأن نستمع إلى موقفهم أيضاً".
انتقادات لغروسي
على الصعيد المرتبط بالملف النووي الإيراني، انتقد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، في مقابلة مع صحيفة يابانية، داعياً إياه إلى الحديث فقط في "إطار فني" لصلاحيات الوكالة.
وأضاف خطيب زادة، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أنّ بلاده سمحت بالتفتيشات في إطار اتفاق ضمانات، وهو نظام تفتيش كجزء من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، قائلاً إنها "علّقت بعض التفتيشات في إطار وقف تنفيذ البروتوكول الإضافي" الذي قبلت به إيران "طوعاً" لإخضاع برنامجها النووي لرقابة أممية صارمة وتفتيشات مفاجئة.
وعن اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي المكونة من أعضائه، قال المسؤول الإيراني إنّ تاريخ الاجتماع لم يتحدد بعد.
وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي قد طالب، في حديث مع صحيفة "نكي آسيا" اليابانية، أمس الأحد، بزيادة التفتيشات في إيران بعد رفعها مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 20%.
وأضاف غروسي أنّ إنتاج إيران اليورانيوم بهذه المستويات يجعلها أقرب إلى مستويات تطوير الاستخدامات العسكرية لليورانيوم بالمستويات العالية. ودعا إلى "تفتيش قوي للغاية" على البرنامج النووي الإيراني بعد تعليق العمل بالبروتوكول الإضافي "للاطمئنان إلى عدم وجود انحرافات عسكرية".
اتهام رسمي لإسرائيل
كما وجّه خطيب زادة اتهاماً رسمياً للاحتلال الإسرائيلي بالوقوف وراء الهجوم على السفينة التجارية الإيرانية، الأربعاء الماضي، في البحر الأبيض المتوسط، قائلاً إن "الموقع الذي وقع فيه الحادث دلالة على أنّ أصابع الاتهام موجهة للكيان الصهيوني الاحتلالي، والسلوك العدواني لهذا الكيان يعزز هذه الفرضية".
وأضاف خطيب زادة أنّ "وجود الكيان الصهيوني قائم على الأزمات وعدم الاستقرار"، مؤكداً أنه "إذا تبين ضلوع أي طرف في هذه العملية التخريبية فسنستخدم جميع الخيارات للدفاع عن حقوقنا".
وكان المتحدث باسم شركة الملاحة البحرية الإيرانية علي غياثيان قد أعلن، الجمعة الماضي، أنّ سفينة إيرانية أُصيبت بأضرار على خلفية تعرّضها "لهجوم إرهابي"، الأربعاء الماضي، في البحر الأبيض المتوسط. وأضاف المسؤول الإيراني أنّ السفينة تعرضت "لشيء متفجر"، مشيراً إلى أنها كانت تتجه صوب أوروبا، ومؤكداً أنّه "لم يصب أي من طاقم السفينة بأذى في الحادث، وهي واصلت طريقها بعد معاينة مستوى تضررها وترميمها".
الأزمة السورية
على صعيد آخر، رحب خطيب زادة بالاجتماع الثلاثي المنعقد في الدوحة، الأسبوع الماضي، بمشاركة تركيا وروسيا وقطر لمناقشة سبل حل الأزمة السورية، نافياً أن يكون الاجتماع بديلاً عن مباحثات أستانة.
وأكد أن ّمباحثات الدوحة "تساعد عملية أستانة"، معتبراً أن هذه العملية "هي أنجح مسار حتى الآن في الموضوع السوري"، معلناً عن ترحيب طهران "بأي مبادرة" لحل الأزمة.