إلى أين تتجه العلاقة الأردنية مع إسرائيل؟

إلى أين تتجه العلاقة الأردنية مع إسرائيل؟

09 اغسطس 2022
تظاهرة في عمّان تضامناً مع الفلسطينيين، إبريل الماضي (فرانس برس)
+ الخط -

لم يخفِ الأردنيون شعورهم بالعجز والغضب تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي بدأ يوم الجمعة الماضي، قبل أن يجري التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ويدخل حيّز التنفيذ مساء أول من أمس الأحد. وطالب الأردنيون حكومة بلدهم، من خلال فعاليات جماهيرية مستمرة، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، باتخاذ إجراءات حازمة لوقف الممارسات الصهيونية وعدوان الاحتلال على القطاع، وإلغاء اتفاقية وادي عربة (1994)، وإعلان الماء مقابل الكهرباء، والاتفاقيات الزراعية، وكذلك مشروع "بوابة الأردن" (منطقة حرّة خاصة)، وإغلاق سفارة الاحتلال في عمّان. 

في موازاة ذلك، أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، السبت الماضي، ضرورة تحرك المجتمع الدولي الفوري والفاعل لوقف العدوان الإسرائيلي المدان على غزة، وتوفير الحماية للمواطنين الفلسطينيين في القطاع. وحذّر المتحدث الرسمي باسم الوزارة، السفير هيثم أبو الفول، من التبعات الخطرة للتصعيد الإسرائيلي، مضيفاً أن حلّ مشكلة قطاع غزة والحؤول دون تفاقم العنف، يكمن في إيجاد أفق سياسي حقيقي بالعودة إلى طاولة المفاوضات لتحقيق السلام العادل على أساس حلّ الدولتين، ورفع الحصار الجائر عن القطاع. 

رسائل متناقضة للأردن

وحول تأثير العدوان على غزة على العلاقات الأردنية - الإسرائيلية، رأى المحلل السياسي، ومؤسس ومدير عام مركز القدس للدراسات، عريب الرنتاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الأردن يحتاج إلى الجواب عن سؤال استراتيجي: إلى أين تتجه العلاقة مع إسرائيل؟ وهل إسرائيل تشكل تهديداً للأمن القومي الأردني، هوية وكياناً ودولة، وهل تقف العلاقات بين الجانبين على سكة تصاعدية أم صدامية؟  

محمد سويدان: إذا أنهت إسرائيل المقاومة، ستصبح الحلول الأخرى التي تُطرح بعيدة المنال

واعتبر الرنتاوي أن "الإجابة عن السؤال الرئيسي تسهّل تناول الأسئلة الأخرى والإجابة عنها، فالدولة الأردنية تقدم رسائل متناقضة حول العلاقة مع إسرائيل: فمن جهة، تبرز مواقفها من الاعتداءات الإسرائيلية، وحلّ الدولتين، والمسجد الأقصى والرعاية الهاشمية، في المقابل تبني علاقات استراتيجية مع إسرائيل في قطاعات حسّاسة وأساسية، مثل اتفاقيات الماء والكهرباء والطاقة والمدينة الصناعية، وغيرها، وكأن القضايا الخلافية ثانوية".

وأضاف أنه "لو كان الخلاف تكتيكياً، فإن موقف الحكومة صحيح، ولكن إذا كان الخلاف وجودياً واستراتيجياً ويمس مستقبل الأردن ووجوده، فيجب انتهاج سياسة أخرى لا نضع فيها أعناقنا بين فكّي إسرائيل"، بحسب تعبيره. وحذّر من أن هذه العلاقة، إذا لم تكن محكومة برؤية استراتيجية، فستبقى تدار بعقلية المياومة، وليس من منظور تفكير استراتيجي". 

أما بالنسبة للرأي العام الأردني، فشدّد الرنتاوي على أن الأردنيين حسموا هذه القضية، إذ إن حوالي 87 في المائة منهم يعتبرون وجود إسرائيل مصدر التهديد الأكبر لأمن الوطن العربي، وهي العدو والخطر، فيما ينبغي اليوم على الدولة أن تجيب عن هذا السؤال.

وأشار المحلل السياسي إلى أن إسرائيل لا تريد تكريس نتائج معركة "سيف القدس" (العام الماضي) كقواعد اشتباك بين المقاومة الفلسطينية وبينها، مع نظرية الربط بين قطاع غزة والقدس، وأن تكون حاكمة للسلوك الفلسطيني، وتريد التعامل مع الشعب الفلسطيني والفصائل بالقطعة، وكسر ميزان الردع الفلسطيني الذي تحاول الفصائل تثبيته، والعودة إلى قواعد الاشتباك القديمة، لتضرب وتغتال من دون توقع رد فلسطيني شامل من كل الفصائل وفي مختلف الساحات. 

إدانة العدوان لم تعد كافية

بدوره، قال الكاتب والصحافي الأردني محمد سويدان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه من الواضح أن العدوان الإسرائيلي الجديد على غزة يستهدف رأس المقاومة، ويريد أن يفرض واقعاً جديداً عليها في غزة وعلى الشعب الفلسطيني، مشدداً على أن المسألة ليست مرتبطة بالمقاومة فقط، بل بكل القضية الفلسطينية. 

عريب الرنتاوي: الأردن يبرز مواقفه من الاعتداءات الإسرائيلية لكنه يبني أيضاً علاقات استراتيجية مع إسرائيل

وأكد سويدان أن الأردن معني بالمقاومة وقطاع غزة والشعب الفلسطيني وكامل القضية الفلسطينية، الأمر الذي يفرض عليه العمل بأقصى جهد من أجل وقف العدوان. وذكّر أنه حتى الدول والقوى التي أعلنت التطبيع أخيراً مع الاحتلال، وصفت ما حدث منذ يوم الجمعة الماضي بالعدوان والذي يتنافى مع التوجهات المعلنة للسلام. 

وشدّد الكاتب والصحافي الأردني، على أن بلاده معنية أكثر من أي دولة أخرى بالقضية الفلسطينية، وعليها التحرك سياسياً ودبلوماسياً على أكثر من صعيد، فالقضية ليست قضية حركة "الجهاد الإسلامي"، بل محاولة لتركيع المقاومة. وحذّر من أنه إذا أنهت إسرائيل المقاومة، فستصبح حتى الحلول الأخرى التي تُطرح على الصعيد العربي، مثل حلّ الدولتين، بعيدة المنال. 

وأوضح سويدان أن التحرك يجب أن يكون مختلفاً عما هو عليه حالياً، فالإدانة وطلب وقف العدوان لم تعد كافية. ورأى أنه من المفروض حصول تحرك أكبر، خصوصاً أن العدوان يأتي في وقت يشهد فيه المسجد الأقصى أيضاً اعتداءات إسرائيلية يومية، وتجاوزاً على الوصاية الهاشمية. 

أما عربياً، فاعتبر سويدان أن الدول التي أقامت علاقات مع دولة الاحتلال أو التي تتجه إلى ذلك، عليها إدراك أن إسرائيل تريد تركيع المنطقة، والتطبيع سيكون تحصيل حاصل. 

وبرأيه، فإن العدوان يمرّ كل مرة وتزداد دولة الاحتلال شراسة، وفرضاً لما تريد بدعم أميركي مطلق، معتبراً أن المصلحة العربية هي بالوقوف مع المقاومة، والتي تجعل إسرائيل تعيد التفكير والنظر في كل خطوة تقدم عليها، لكن إذا انتهت المقاومة، فلن يبقى على أرض الواقع سوى الاستسلام. 

من جهته، أعرب الخبير الأمني والعسكري جلال العبادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن خشيته من أن يصيب قطاع غزة المرض العربي، وهو التفرقة، خصوصاً بعدما لم تشارك جميع الفصائل بالقتال. 

ولفت العبادي إلى أن إسرائيل ترتكب أنواع المجازر كافة، فيما العرب في حالة موت سريري، ولا أحد يقدم المساعدة لأهل غزة. وذكّر بأنه "لم يكن هناك يوماً تكافؤ بين قوى الاحتلال والمقاومة عموماً، من فيتنام إلى الجزائر إلى غيرها مثلاً، لكن النصر يعتمد على الجهد البشري والإصرار على الدفاع عن عدالة القضية".