إغلاق شرق السودان: من وراءه والمستفيدون؟

إغلاق شرق السودان: من وراءه والمستفيدون؟

18 سبتمبر 2021
يرفض زعيم الحراك القبلي الجلوس مع الحكومة المدنية (فرانس برس)
+ الخط -

واصل آلاف المحتجين في إقليم شرق السودان، من الموالين لزعامات قبلية، إغلاق الإقليم بالكامل، لليوم الثاني على التوالي، بما يشمل الطرق والموانئ، فيما برز اتجاه لديهم لإغلاق ميناء سواكن، ومطار مدينة بورتسودان.

وينظم الاحتجاجات المجلس الأعلى لنظارات البجا، برئاسة زعيم قبيلة الهندودة سيد محمد الأمين ترك، وهو مجلس يضم عدداً من الزعماء القبليين، ويطالب بإلغاء اتفاقية خاصة بشرق السودان وُقّعت بين الحكومة، وتنظيمات سياسية محسوبة على الإقليم، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كمطلب أساسي من بين مطالب أخرى.

وحشد المجلس منذ أمس الجمعة الآلاف من أنصاره لإغلاق الطريق القومي الذي يربط العاصمة الخرطوم بالميناء الرئيسي في بورتسودان، كما تم إغلاق الميناء الجنوبي، وميناء بشائر الذي يُستخدم في تصدير النفط، مع إغلاق الطريق القاري الرابط شرق السودان بمصر.

وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن الحكومة تعتزم تشكيل لجنة برئاسة الفريق شمس الدين الكباشي، عضو مجلس السيادة، وعضوية وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي، ووزير رئاسة مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، للتفاوض مع القيادات القبلية. إلا أن زعيم الحراك القبلي، محمد الأمين ترك، رفض الجلوس مطلقاً مع الحكومة المدنية، فيما أكد قبولهم بالجلوس مع المكون العسكري برئاسة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي.

وقال ترك خلال مخاطبته، اليوم السبت، حشداً جماهيرياً، بمدينة سواكن، إحدى المدن الرئيسة على ساحل البحر الأحمر، إنهم يراهنون على البرهان لاتخاذ إجراءات عاجلة، منها إعلان حالة الطوارئ في البلاد، وحلّ الحكومة المدنية، وتشكيل حكومة جديدة، مع إلغاء اتفاق الشرق، والتأسيس لمنبر تفاوضي جديد خاص بشرق السودان، يضم كل مكونات الإقليم.

وأعلن الزعيم القبلي أن عدداً من الولايات الأخرى مثل الشمال، ستنضم إلى حراك شرق السودان لمزيد من الضغط على الحكومة المركزية، حتى تحقق كل الأهداف، محذراً من استعمال القوة لفض المحتجين، ومشيراً إلى أنهم يمتلكون 45 آلاف عنصر مدرّب، وإلى أن قيادات حزبية في التحالف الحاكم تعمل على فض الحشود بقوة، من بينها رئيس حزب "البعث القومي" علي الريح السنهوري، ملوّحاً بتكوين حكومة خاصة بالإقليم تمهيداً للانفصال.

ويستثني المحتجون، في عملية الإغلاق الباصات السفرية، والسيارات الخاصة، وسيارات الشرطة وبقية القوات النظامية، ولم يصدر منذ أمس، أي تعليق رسمي من الحكومة المركزية حول أحداث شرق السودان، ولا من الحكومة الولائية.

وكان مجلس الإدارات الأهلية، وهو جسم قبلي موازٍ، قد أصدر أمس بياناً، طالب فيه الحكومة بالتصدي لعمليات إغلاق الطرق والاعتصامات الحالية في شرق السودان، مشيراً إلى أن تلك الزعامات القبلية التي تقود الاحتجاجات لا تمثل كل مكونات شرق السودان. وأكد المجلس وقوفه بحزم ووضوح ضد تهديد مصالح الشعب السوداني، وتعريض أمن واستقرار البلاد للخطر، كما أكد وقوفه مع الثورة ومكتسباتها في الحرية والسلام والعدالة، وأعلن رفضه القاطع لإغلاق الطرق بشرق السودان وتعطيل المؤسسات الحيوية، وعدّ ذلك جريمة بحق الشعب السوداني كله، الهدف منها هو النيل من الثورة وخدمة لعودة الشمولية والاستبداد، على حدّ ما جاء في البيان.

ودعا المجلس للتعامل مع الأحداث بقوة القانون، الذي يمنع منعاً باتاً تعطيل المؤسسات الحيوية وتعريض حياة المواطنين للخطر، ومنح الحكومة 48 ساعة لإنهاء ما أسماه الفوضى، وإلا فإنه لن يتوانى في حماية الأهل والشعب، كما أصدرت لجان المقاومة، وهي لجان تمثل الثورة، بياناً مماثلاً اتهمت فيه النظام السابق باستغلال بعض القيادات القبلية لزعزعة الأمن والاستقرار في الإقليم.

ومنذ سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير في إبريل/نيسان 2019، شهدت ولايات شرق السودان، اختلالات أمنية في أكثر من مرة، كما شهدت نزاعات قبلية أودت بحياة العشرات، ويتهم تحالف "الحرية والتغيير" الحاكم، عناصر نظام البشير بالعمل على إفشال الفترة الانتقالية، منوهين إلى أن زعيم الحراك القبلي كان جزءاً من نظام البشير حتى آخر يوم من سقوطه، وسبق أن عمل رئيساً للمجلس التشريعي بولاية كسلا.

كما يعتقد البعض أن المكون العسكري نفسه ضالع في تحريض القيادات القبلية على إغلاق الطرق والموانئ والمطارات، لإحراج الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، مستشهدين بعدم مهاجمة المحتجين للمكون العسكري وغزلهم المستمرّ له، والحرص المستمرّ على التفاوض معه لوحده، دون المكون المدني في السلطة الانتقالية، في حين يؤكد كثيرون أن النظام السابق هو المستفيد الأول والأخير مما يجري في شرق السودان.