استمع إلى الملخص
- السفيرة الإسرائيلية في أيرلندا تشير إلى توتر الوضع وشعور الجالية اليهودية بعدم الأمان، مؤكدة استمرار العمل الدبلوماسي بطرق أخرى، بينما يصر وزير الخارجية الأيرلندي على أهمية العلاقات الدبلوماسية.
- إغلاق السفارة الإسرائيلية يثير ردود فعل متباينة، حيث يُعتبر "مؤسفاً جداً" من قبل رئيس الحكومة الأيرلندية، مع احتمالية تأثيره على المساعدات الإنسانية والمعاملات القنصلية.
لا تخطط أيرلندا لتغيير توجهها، بعد القرار الحازم الذي أعلنه وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، أمس، بإغلاق السفارة الإسرائيلية في دبلن؛ إذ قالت الحكومة الأيرلندية إنها "لن ترتدع" وإن ذلك لن يدفعها إلى التراجع عن انضمامها لدعوى جنوب أفريقيا في المحكمة الدولية في لاهاي، والتي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
وتعليقاً على ما تقدّم، قالت السفيرة الإسرائيلية لدى إيرلندا، دانا إرليخ، التي عادت من هناك منذ شهر أيار/ مايو الماضي، إن "الخطاب العام اتخذ منحى متطرفا في ظل مواقف الحكومة الأيرلندية"، مدعية في مقابلة مع موقع "واينت" العبري أن "الجالية اليهودية في أيرلندا فقدت الأمن.. لم يعد اليهود يخرجون إلى الشوارع مع رموز تدل على هويتهم".
ووصفت إرليخ أيرلندا بأنها "تجاوزت كل الخطوط الحمراء"، مشيرةً إلى حادثة نشر ملصقات في شوارع البلاد تحمل صورتها، فيما ظهر وجهها وهو مُلطّخ بالدماء، ما يبدو تعبيراً من جانب المناهضين للاحتلال بأن إرليخ رمز للأخير المتهم بارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. وبحسب ما قالته السفيرة فإن "الشعب الأيرلندي كلّه يدعم الخطوات المناهضة لإسرائيل". ولفتت إلى أنه على الرغم من إغلاق السفارة "العمل الدبلوماسي سيتواصل بشكل آخر"، دون أن تقدّم مزيداً من التفاصيل.
وفي الإطار، قال وزير الخارجية الأيرلندي، ميهال مارتن، إن السفارة الإيرلندية في إسرائيل لن تغلق عقب الإجراء الإسرائيلي، مشدداً على أن "السفارة تؤدي وظيفة مهمة"، وأن تل أبيب ودبلن "ستواصلان إقامة العلاقات الدبلوماسية، والتي تتضمن الحق في الاتفاق أو عدم الاتفاق على نُقاط مُفتاحية".
في غضون ذلك، اتهم "واينت" وزير الخارجية الأيرلندي، بأنه "كان هجوميّاً بشكل واضح"؛ مشيرة إلى أنه اعتبر دعم بلاده للدعوى الجنوب أفريقية، "ليست نشاطا معاديا"، وكذا تشديده على أن أنشطة جيش الاحتلال "تخالف الضمير الأخلاقي".
وكان مارتن قد قال إن بلاده دعت طوال الوقت لوقف إطلاق نار فوري، وإطلاق سراح جميع المحتجزين، وتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة. كما اعتبر أن "الجيش الإسرائيلي عليه أن يكون أكثر شفافية وهو الذي دمّر غالبية المباني في القطاع"، دعياً إسرائيل إلى فتح المجال أمام المجتمع الدولي ووسائل الإعلام للدخول إلى قطاع غزة لافتاً إلى أنه "ليس لدي شك إن حصل ذلك، سيكون العالم مصدوماً حيال الخراب هناك، وسيعرف أن ثمة حاجة ملحة لتغيير جذري في التوجه".
من جهة ثانية، وصف رئيس الحكومة الأيرلندية، سيمان هاريس، القرار بإغلاق السفارة الإسرائيلية لدى بلاده بـ"المؤسف جداً". وعبّر عن رفضه "بشدة اعتبار أيرلندا معادية لإسرائيل. أيرلندا هي دولة مؤيدة للسلام، ولحقوق الإنسان، وكذلك للقانون الدولي".
وفي الإطار، نقلت صحيفة "إيرش تايمز" عن مسؤولين في الحكومة الأيرلندية تأكيدهم أن وزارة الخارجية كانت على علم بنيّة إسرائيل إغلاق السفارة، غير أنها عرفت بالقرار قبل الإعلان عنه بوقتٍ قصير. كما شدد مصدر في الحكومة على أن "الموقف الأيرلندي لن يتبدل"، مستدركاً بالقول إن "دبلن تعتقد أنه ينبغي إبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة".
وشدد المسؤولون الحكوميون أنفسهم على أنه من غير الواضح ما الذي دفع إسرائيل بالضبط إلى إغلاق السفارة، لكنهم أرجعوا السبب إلى انضمام دبلن للدعوى الجنوب أفريقية قبل أيام، خصوصاً أنها خطوة بدت مكمّلة بعد إعلان مارتن قبل نحو شهرين عن عزمه الدفع بقانون "الأراضي المحتلة" الذي يحظر التجارة بين أيرلندا والمستوطنات الإسرائيلية. علاوة على أن هاريس قال الشهر الماضي، إن بلاده تعتزم اعتقال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق، يوآف غالانت، إنفاذاً لمذكرات الاعتقال الصادرة بحقهما من جانب المحكمة الجنائية الدولية، علماً أن البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الأيرلندية أمس، بشأن التأكيد على انضمام البلاد لدعوى الإبادة الجماعية، والاعتراف بدولة فلسطين، لم تأتِ على ذكر مسألة مذكرات التوقيف.
وبالعودة إلى ما ذكرته صحيفة "إيرش تايمز" تحدثت عن "احتمال تجمّد إسرائيل أعمال السفارة الأيرلندية في تل أبيب ومناطق السلطة الفلسطينية"، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلباً على إرسال المساعدات الإنسانية من أيرلندا للفلسطينيين، وكذلك على المعاملات القنصلية المقدمة في إسرائيل أو الضفة. غير أن مكانة أيرلندا دولة في الاتحاد الأوروبي "تبدو رادعاً لخطوة كهذه"، فيما إغلاق أحادي الجانب لسفارة دولة عضو في الاتحاد الأوروبي من المتوقع أن يفضي لخطوات من جانب الاتحاد ضد إسرائيل، وفق الصحيفة.
من جهة ثانية، عبّر الحاخام الرئيس لأيرلندا، يوني فيدير، عن "خيبة أمله العميقة" حيال ما اعتبره "الحضيض" الذي انحدرت إليه العلاقات الأيرلندية- الإسرائيلية. وبحسبه فإن القرار الإسرائيلي لم يأتِ من فراغ وإنما "بعد شهرين من رفض المسؤولين الأيرلنديين الرفيعين الاعتراف بواقع الحرب التي تخوضها تل أبيب ضد المنظمات الإرهابية التي تطمح لإبادة إسرائيل"، على حد تعبيره.
إلى ذلك، هاجم المسؤول الرفيع في الجالية اليهودية، موريس كوهين، القرار الأيرلندي بالانضمام للدعوى الجنوب أفريقية، مشيراً إلى أن الخدمات القنصلية التي توقفت بسبب إغلاق السفارة "هي ضرورية للحفاظ على روابط العائلات، وعلى ثقافة إسرائيل وتراثها"، منوّهاً إلى أن انعدام ذلك "يترك كثيرين (من اليهود في أيرلندا) بلا أي دعم".