استمع إلى الملخص
- صحيفة "هآرتس" تشير إلى أن استقالة برعام تخدم نتنياهو الذي يسعى لتجنب المسؤولية عن الإخفاقات العسكرية، بينما يُتوقع أن يقدم هليفي استقالته قريباً بعد انتهاء التحقيقات الداخلية.
- انتقادات عديدة وُجهت لهليفي من قادة عسكريين سابقين، مما يبرز الخلافات داخل الجيش ويزيد من الضغوط على المؤسسة العسكرية في ظل الحرب الحالية.
لا تزال استقالة نائب رئيس أركان جيش الاحتلال أمير برعام، من منصبه، والتي سُرّبت مساء الجُمعة الماضي تتفاعل في الأوساط الإسرائيلية. ولئن ليس بالمفاجئ أنها تضمّنت انتقادات لرئيس الأركان، هرتسي هليفي، خصوصاً وأن العلاقة بين الجانبين حكمتها خلافات، حاول الأخير إخفاءها في اليومين الماضيين عبر المراسلين العسكريين، فإن جديد ما تكشّف هو اعتبار هذه الاستقالة نقطة تتقاطع عندها مصلحة وزير الأمن، يسرائيل كاتس، ورئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو.
التقاطع كما قدّمته صحيفة "هآرتس"، في تقرير لها اليوم، يبدأ من أنّ استقالة برعام، التي كان يُلوّح بها منذ الصيف الماضي، قُدّمت أخيراً بعدما أدرك أن مسألة تدوير المناصب وسلسلة التعيينات في السلك العسكري ستستغرق وقتاً طويلاً، وعلى ما يبدو فإنه أدرك كذلك مكمن القوة الذي تشكّله استقالته "لأنها تعقّد وضعية رئيس الأركان"؛ إذ لن يتسنّى للأخير تعيين خلف لنائبه المستقيل، كما لن يتيح له نتنياهو وكاتس التأثير على مسار تعيين خلفه في المنصب، "لأنهما سيعيّنان رئيس أركان موالياً لهما".
وعلى الرغم من أن الصحيفة اعتبرت أنّ كل مسؤولٍ ضَلِعَ في الإخفاق الذي أحاط بهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول وفي الأحداث التي قادت إلى وقوعه، عليه تقديم استقالته، بما في ذلك نتنياهو، وهليفي، ورئيس "الشاباك"، رونين بار، عدّت من جهة ثانية أن استقالة برعام في هذا التوقيت هي خدمة لنتنياهو لأنه يرفض الاعتراف بالمسؤولية عن الفشل، ويحاول جاهداً مع حكومته التملّص من المطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، لإلقاء اللوم على المستوى العسكري الذي ما فتئ يثبت من خلال هذه الخلافات وتتالي الاستقالات أن ثمّة مشكلة في صفوفه.
من جهة ثانية، من المتوقع أن يُقدّم هليفي قريباً، في فترة ما بين شهر إلى شهرين، استقالته، كما وعد بذلك رابطاً هذه الاستقالة بانتهاء التحقيقات الداخلية التي يُجريها جيشه. وبحسب ما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإنه بعد تقديم الاستقالة من المتوقع أن تعلو أصوات كثيرة و"وتفتح أفواه مسدودة".
وفي السياق، لفتت الصحيفة إلى أن انتقادات كثيرة وُجهت إلى هليفي، بعضها سمعها بنفسه، وبدأت من قائد المنطقة الوسطى الذي أنهى ولايته في أغسطس/آب الماضي، يهودا فوكس، ثم قائد الفيلق الشمالي، ساعر تسور الذي "دُفع" إلى الاستقالة، مروراً بقائد شعبة القوى البشرية، يانيف عَشور، وقائد شعبة التنصت الذي أنهى ولايته، عيران نيف، وليس نهاية بقائد أركان سلاح البر الذي أنهى ولايته هو الآخر، تَمير يدعي. ولفتت إلى أن الأسماء الآنفة مجرد جزء من قائمة أطول تمتد لتشمل قادة فرق عسكرية وجنرالات شاركوا في المناورة البرية في قطاع غزة. وبحسبها فإن هؤلاء القادة العسكريون "يصورون مشهداً خطيراً ومقلقاً".
هذا المشهد لم يكن ينقصه عملياً سوى استقالة برعام، وهي كما تصفها الصحيفة "دراماتيكية وغير مسبوقة"، خصوصاً لأنها تأتي في ذروة حرب "نازفة جداً"؛ حيث تسلّط الضوء بشدّة على الخلافات في صفوف الجيش وقيادته العليا، وهو ما يتلقفه المستوى السياسي بترحاب مكدساً "ملفاته" على ظهر المؤسسة العسكرية التي يتجهّز لتحميلها المسؤولية عن كل ما تمر فيه إسرائيل منذ سنة وشهرين.