استمع إلى الملخص
- أكد مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان أن الإضراب وسيلة مشروعة للتعبير عن رفض الانتهاكات، وقد استخدمت منذ يوليو 2013، مما يضطر إدارة السجون أحياناً للاستجابة لمطالب السجناء.
- يواجه النظام المصري ضغوطاً حقوقية دولية، حيث تدعو منظمات حقوقية لاتخاذ موقف حازم بشأن أوضاع حقوق الإنسان، وسط دعوات للتغيير السلمي وضمان حرية الرأي والتعبير.
تشهد السجون المصرية، اليوم الاثنين، إضراباً جماعياً عن الطعام، يُشارك فيه مئات من المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، وذلك في مواجهة ما وصفه المشاركون بـ"انتهاكات حقوق الإنسان وتردي أوضاع السجناء". يأتي هذا الإضراب في السجون المصرية مع اقتراب الذكرى السنوية لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، فيما تواجه مصر انتقادات واسعة بسبب أوضاع حقوق الإنسان، حيث أُبلغ عن ممارسات تشمل الاحتجاز التعسفي، وظروف السجون القاسية، وغياب العدالة في المحاكمات.
انتهاكات في السجون المصرية
وقال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف البيومي، لـ"العربي الجديد"، إن الإضراب عن الطعام يُعدّ وسيلة مشروعة يلجأ إليها السجناء للتعبير عن رفضهم للانتهاكات التي يتعرضون لها. وأوضح أن المعتقلين السياسيين في السجون المصرية استخدموا هذه الوسيلة بشكل متكرر منذ يوليو/تموز 2013، احتجاجاً على الظروف القاسية والإجراءات التعسفية التي تفرضها إدارات السجون المصرية. وأضاف أن أشكال الاحتجاج داخل السجون كانت متنوعة، بما في ذلك الامتناع عن استلام الطعام (التعيين) أو رفض الخروج للزيارات، إلا أن الإضراب عن الطعام يُعتبر الأكثر تأثيراً وصدى. وأشار إلى أن تصعيد هذه الاحتجاجات غالباً ما يكون ردة فعل على انتهاكات جسيمة، مثل سوء المعاملة أو الإهمال الطبي، ما يدفع المعتقلين لاستخدام الإضراب كوسيلة ضغط فعّالة.
خلف البيومي: تضطر إدارة السجون أحياناً إلى الاستجابة لمطالب السجناء المضربين عن الطعام عبر تحسين ظروف الاحتجاز أو فتح قنوات للحوار معهم
وأكد البيومي أهمية التضامن مع السجناء في مطالبهم بوقف الانتهاكات، مشيراً إلى أن تلك الانتهاكات، وعلى رأسها الإهمال الطبي، أسفرت عن وفيات عديدة داخل السجون. وبيّن أن الإضراب عن الطعام يُعتبر الأكثر جدوى من وجهة نظر السجناء، إذ تضطر إدارة السجون أحياناً إلى الاستجابة لمطالبهم من خلال تحسين ظروف الاحتجاز أو فتح قنوات للحوار معهم.
جمود سياسي وضغط حقوقي
على الصعيد الداخلي، يأتي الإضراب وسط حالة من الجمود السياسي. كما يحمل أبعاداً دولية أيضاً، إذ تدعو منظمات حقوقية عالمية بشكل شبه دوري المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر.
تعليقاً على ذلك، قال المحامي والحقوقي حليم حنيش، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن النظام المصري لا يُبدي أي اكتراث بالمعتقلين السياسيين، سواء أضربوا عن الطعام أم لم يفعلوا، وهو لا يُظهر أي استعداد للاستماع أو التفاعل مع قضايا الحريات وحقوق الإنسان أو حتى أوضاع السجناء وظروف اعتقالهم. وأضاف أن السلطات لا تبدي اهتماماً بمطالب الإفراج عن المحتجزين احتياطياً أو تحسين أوضاعهم داخل السجون، ما يجعل كل الخطوات الاحتجاجية التي يتخذها المعتقلون ذات تأثير محدود ولا تحقق نتائج ملموسة في ظلّ هذا التجاهل.
حليم حنيش: النظام لا يُبدي أي اكتراث بالمعتقلين السياسيين، سواء أضربوا عن الطعام أم لم يفعلوا
وأشار حنيش إلى أن ملف المعتقلين السياسيين والسجناء لا يحظى بالاهتمام المطلوب، سواء من الدولة أو المجتمع أو حتى المبادرات السياسية مثل الحوار الوطني. وأوضح أن السجناء يلجؤون إلى الإضراب عن الطعام خياراً أخيراً، أشبه بمحاولة التشبث بقشّة في بحر الظلم والظروف المأساوية التي يعيشونها. وأضاف: "مع انعدام الخيارات والسبل الأخرى، يصبح الإضراب وسيلتهم الوحيدة لمحاولة تحسين ظروف اعتقالهم أو السعي نحو إنهاء احتجازهم، على الرغم من علمهم بضعف احتمالية الاستجابة لمطالبهم".
من جهته، قال منسق تيار الأمل، علاء الخيام، لـ"العربي الجديد"، إن الأجيال الحالية عايشت أسوأ فترة في تاريخ مصر الحديث من الجوانب كلها، وهو ما عمّق شعورهم بالخوف من المستقبل وزاد من تطلعهم إلى التغيير لضمان مستقبل أفضل. ودعا النظام إلى إدراك أن التغيير السلمي هو السبيل الوحيد لضمان الاستقرار والأمان لجميع الأطراف، مشدداً على أهمية دور المعارضة والأحزاب السياسية كجزء لا يتجزأ من المشهد السياسي، محذراً من خطورة تهميشها واستبدالها بكيانات تابعة للأجهزة الأمنية. وأشار إلى أن مصر هي دولة مؤسسات، وهذه المؤسسات ملك للمواطن وتعمل وفقاً للدستور لخدمة الوطن وتحقيق الأمن والاستقرار. وأكد ضرورة احترام القانون والدستور، وضمان حرية الرأي والتعبير، والإفراج عن سجناء الرأي، ورفع القيود الأمنية عن الأحزاب والقوى السياسية.
علاء الخيام: عايشت أسوأ فترة في تاريخ مصر الحديث من الجوانب كلها
وأعرب الخيام عن استيائه من التناقض الواضح بين حديث النظام عن الحوار السياسي وبين استمرار حملات القبض على السياسيين والشباب بتهم معتادة، مثل نشر معلومات كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. واعتبر أن هذا التناقض يؤكد غياب أفق التغيير الحقيقي في المستقبل القريب. واختتم الخيام تصريحاته بالإشارة إلى التحديات الإقليمية المتزايدة، محذراً من تنفيذ مشروع "الشرق الأوسط الجديد" بخطوات متسارعة، كما شدّد على ضرورة الحفاظ على استقرار البلاد من خلال توحيد الصفوف، داعياً إلى ظهور صوت العقلاء لاتخاذ خطوات جادة قبل فوات الأوان.