إصابة ماكرون بفيروس كورونا تُمدّد الجمود الحكومي في لبنان

إصابة ماكرون بفيروس كورونا تُمدّد الجمود الحكومي في لبنان و"استعداد" عربي للمساعدة

17 ديسمبر 2020
ماكرون يحرص على متابعة الملف اللبناني (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

على وقع إعلان قصر الإليزيه، اليوم الخميس، إصابة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بفيروس كورونا، وإلغاء جميع زياراته التي كانت معدّة للخارج، ومن ضمنها زيارة لبنان، يبقى الملف الحكومي في مرحلة الجمود الملبَّدة بالخلافات الداخلية، ولا سيما على خطّ رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري.

وأكد مصدر دبلوماسي فرنسي، لـ"العربي الجديد"، أنّ ماكرون سيجري اجتماعاته عن بعد خلال فترة العزل، وقد تطاول لبنان بتقنية الفيديو، ولا سيما أنه كان ينوي لقاء الرئيس ميشال عون، إلى جانب زيارة الكتيبة الفرنسية وممثلين عن المجتمع المدني يومي 22 و23 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، علماً أنّه استثنى من لقاءاته المسؤولين السياسيين.

ولفت المصدر إلى أنّ ماكرون "يحرص على متابعة الملف اللبناني ويوليه اهتماماً كبيراً لعلمه بحجم المخاطر التي سترتدّ على الشعب الضحية الكبرى لممارسات أهل السلطة، وضرورة مد اليد إليه في المرحلة الراهنة، وتأمين المساعدات اللازمة للنهوض بالبلاد اقتصادياً، بيد أن مصير مستقبله يتوقف عند الطبقة الحاكمة التي ترفض حتى اليوم تشكيل حكومة وإجراء الإصلاحات التي يطالب فيها المجتمع الدولي ككلّ، وليس فقط فرنسا".

وزار ماكرون لبنان، في السادس من أغسطس/ آب الماضي، عقب انفجار مرفأ بيروت، وحشد مساعدات دولية لإعادة إعمار بيروت، حاملاً معه خريطة طريق للنهوض الاقتصادي عرضها على القوى السياسية، تبدأ بتشكيل حكومة من أصحاب الاختصاص، تقوم بالإصلاحات اللازمة، على صعيد وقف الهدر والفساد في قطاعات الدولة ومؤسساتها، قبل أن يعود إلى العاصمة اللبنانية في الأول من سبتمبر/ أيلول الماضي، غداة تكليف السفير اللبناني لدى ألمانيا مصطفى أديب تشكيل الحكومة، ويجتمع بالقادة اللبنانيين، الذين عادوا و"خانوا تعهّداتهم" تجاه الزائر الفرنسي، على حدّ قوله، الذي لم يسحب بعد مبادرة بلاده، رغم انقضاء المهل التي حدّدتها باريس، واستمرار الخلافات الداخلية والصراع على الحصص الوزارية، وأبقى على أبواب الفرصة الفرنسية الأخيرة مفتوحة مع تكليف الحريري، رافعاً في المقابل حدّة خطابه بوجه المسؤولين في لبنان وتحذيراته من خطورة الأزمة والعقوبات التي تلوح في الأفق.

من جهة ثانية، برز، اليوم الخميس، حراك عربي تجاه لبنان، رغم مقاطعة عددٍ من الدول له، ولا سيما دبلوماسياً. إذ التقى الرئيس اللبناني ميشال عون الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، في قصر بعبدا الجمهوري، والذي أكد أنّ "هناك مسؤوليات تقع على عاتق المسؤولين في لبنان يتعيّن عليهم حلّها، والجامعة العربية طرف مساعد، ونحن جاهزون للمساعدة إذا طلب منّا ذلك".

وأشار زكي إلى أنّ هدف الزيارة الاطلاع على الوضع في لبنان وتقييمه، و"نأمل أن نتمكّن من المساعدة كي يتمكن لبنان من الخروج من أزمته، فالعمل بالشكل الروتيني التقليدي يجب أن يُنحى جانباً لمصلحة عمل يتّسم بالاستثنائية".

وأشارت الرئاسة اللبنانية إلى أنّه "بعد تبلغ عون من السفير زكي استعداد جامعة الدول العربية لمساعدة لبنان على تجاوز ظروفه القاسية، شدد الرئيس على أنّ البلاد تتطلع إلى وقفة عربية واحدة حيال الصعوبات التي تعاني منها".

وأيضا، التقى السفير زكي رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، فبحثا "الشأن الحاصل في لبنان، وكيف يمكن للجامعة العربية أن تساعد إن كان هناك فرصة وإمكانية لذلك".

وأمل السفير زكي للبنان أن "يتخطّى هذه المرحلة الصعبة، وأن يتفق السياسيون على المخرج المناسب، والجامعة العربية حاضرة لتقديم المساعدة".

حكومياً، شدد الرئيس عون على أن اعتماد معايير واحدة يمكن أن يذلل صعوبات التشكيل، و"الحكومة العتيدة ستُعنى بإجراء الإصلاحات الضرورية بالتزامن مع التدقيق المالي الجنائي".

في السياق، استقبل رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، اليوم الخميس، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، وعرض معه آخر المستجدات والأوضاع العامة على الساحتين اللبنانية والعربية.

وأشار مصدر مقرّب من الحريري، بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الحريري تحدث في اللقاء عن العراقيل التي تواجه تشكيل الحكومة، وأكد حرصه على التزام برنامج إصلاحي يحظى بالثقة الدولية والعربية ويعيد ضخّ المساعدات للبنان للنهوض بالبلاد اقتصادياً، وشدد على أنه "يريد أن يعيد النبض إلى العلاقات اللبنانية مع محيط لبنان العربي التي تعيش اليوم أسوأ أيّامها".

وفي وقتٍ عادت فيه المقاطعة بين الرئيسين عون والحريري، نتيجة معركة البيانات بين الفريقين والاتهامات المتبادلة بالتعطيل، توجه رئيس الوزراء المكلف، أمس الأربعاء، إلى الصرح البطريركي في بكركي، والتقى البطريرك الماروني بشارة الراعي، لوضعه في "أجواء التشكيلة التي قدّمها إلى الرئيس عون، والقائمة على اختصاصيين غير منتمين حزبياً، من أصحاب الكفاءة والنزاهة، والقادرين على القيام بالإصلاحات المتفق عليها"، بحسب ما قال الحريري بعد اللقاء.

وأضاف الحريري: "أبلغت الراعي أن الهدف ليس تشكيل أي حكومة، ولا أن أكون أنا رئيس الحكومة، بل وقف الانهيار، وإعادة إعمار بيروت، وهذا الهدف لا يتحقق إلّا عبر تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها من أجل إعادة تدفّق التمويل باتجاه لبنان".

المساهمون